في إطار مشروع كبير يهدف إلى تطوير برج إيفل، أكبر معلم سياحي فرنسي، كشفت الشركة المسؤولة عن تنفيذ أعمال التطوير الأربعاء النقاب عن الخطوط العريضة التي سيتضمنها: إقامة جدار زجاجي شفاف مضاد للرصاص، تنسيق الحديقة المحيطة بالبرج، تسهيل عمليات الدخول، تخفيض أوقات الانتظار وإعادة دهان كامل البرج بحلول عام 2019، ومن المقرر عرض المشروع، المثير للجدل، على مجلس بلدية باريس في سبتمبر/أيلول المقبل للتصويت عليه.
كشفت الأربعاء شركة “تطوير برج إيفل” لوسائل الإعلام عن مشروعها الكبير لتجديد البرج، رمز العاصمة الفرنسية باريس وواحد من المعالم السياحية الأكثر شهرة في العالم. المشروع الذي تريده بلدية باريس بطلب من السلطات الأمنية، يتضمن إنشاء جدار زجاجي مضاد للرصاص يحيط بالبرج من جميع جوانبه لحماية الزوار، وتجديد الحديقة الكبيرة المحيطة به، وتحديث المداخل وتجديدها لتخفيض أوقات الانتظار وتسهيل الدخول.
وكان البرج محاطا بالفعل بسياج أمني من الحواجز الحديدية منذ شهر يونيو/حزيران 2016 تزامنا مع فعاليات كأس الأمم الأوروبية التي أقيمت في باريس. السلطات الفرنسية لجأت لهذه الإجراءات نظرا لارتفاع مستويات التهديدات الأمنية بوقوع عمليات إرهابية تستهدف المدينة. وسيبدأ العمل في هذا المشروع بداية من خريف 2017 وسيتراوح ارتفاع السياج بين مترين ونصف وثلاثة أمتار وهو مضاد للرصاص وصعب الاختراق.
أعمال التطوير
الشركة المسؤولة عن تنفيذ أعمال هذا المشروع وضحت أن الجدار سيمتد على جزء مهم من المساحة المحيطة بحديقة البرج ولكنه سيترك جزءا من الحديقة للاستخدام العام. وسيكون مستحيلا الدخول إلى حرم البرج كما كان متاحا من قبل إلا عبر نقطة دخول واحدة فقط مجهزة بكافة الوسائل الأمنية. وسيتم تثبيت الحائط الزجاجي الشفاف بدعائم مطمورة في الأرض.
ليست فقط الأسباب الأمنية هي التي تقف خلف هذا المشروع، هناك أيضا أسباب جمالية لعبت دورا في تصميم هذا السياج؛ فالزجاج الشفاف سيؤدي إلى تخفيض الأثر المرئي للسياج وبالتالي لن يؤثر على مجال رؤية البرج، وهو ما يعني ضرب عصفورين بحجر واحد: تعزيز الحماية الأمنية وإتاحة الرؤية العينية.
وستصل كلفة هذا المشروع إلى حوالي 20 مليون يورو، ورغم هذه الكلفة الكبيرة أكدت بلدية باريس أن الدخول إلى حرم البرج سيظل مجانا كما كان دائما ولكن أسعار الصعود إلى البرج نفسه ستشهد ارتفاعا ملحوظا وستبلغ 17 يورو بدلا من السعر الحالي وهو 11 يورو. وعللت الشركة هذا القرار بقولها إن “80 بالمئة من الزوار هم من الأجانب وهم معتادون على دفع مبالغ تصل لضعف هذا الرقم عند زيارتهم لمعالم أقل شهرة في بلدان أخرى مثل ‘مبنى الإمباير ستايت‘ في الولايات المتحدة الذي يصل سعر تذكرته إلى 32 يورو على الأقل”.
تاريخ البرج
ويعود تاريخ افتتاح برج إيفل إلى العام 1889 وكان ذلك بمناسبة المعرض العالمي المقام في باريس، صممه وأنشأه المهندس الفرنسي غوستاف إيفل ويبلغ ارتفاعه 324 مترا. وكان مقررا أن يتم تفكيكه في العام 1909 إلا أن السلطات عادت وغيرت رأيها بعد تأكيدات بعدم وجود خطورة على البيئة أو على حركة الطيران فأصبح رمزا لمدينة باريس ويزوره حوالي ستة ملايين شخص سنويا.
مشروع مثير للجدل
بيد أن هذا المشروع يثير الكثير من المعارضة والجدل بين الباريسيين، فهم بين مؤيد ومناهض ولكل أسبابه الوجيهة. المعارضون يرون أن هذا المشروع يمثل هدرا لجمالية المكان وتاريخيته، كما أن تشديد إجراءات الدخول للمكان سيكون عائقا أمام الكثير من المارة الذين يودون الاستلقاء على أعشاب الحديقة أو أخذ صور عابرة تحت البرج كما اعتاد الباريسيون فعله منذ عقود طويلة.
جهتهم، يرى المؤيدون فيه أمرا أساسيا لحماية هذا الأثر المهم وكذلك حماية حديقته الكبيرة من تعديات المتطفلين الذين لا يحترمون المكان ويلقون بقمامتهم ومهملاتهم. كما أن الأسباب الأمنية تمثل دعما لآرائهم في هذا الموضوع خاصة وأن خطر العمليات الإرهابية لا يزال قائما.
يذكر أن فرنسا تعرضت لعدد من العمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة ما أثر على القطاع السياحي بهذا البلد، ومن أهمها الهجوم على صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة في 7 يناير/كانون الثاني 2015 وكذلك هجمات 13 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، هذه العمليات أودت بحياة عدد كبير من الضحايا يربو على المئة شخص.