بدأ موظفو شركة «أبل»، أخيراً، الانتقال إلى المقر الجديد للشركة، الذي يشكل علامة مستقبلية في عالم التقنية، حيث حرصت «أبل» على أن تجعل منه تحفة تقنية مستقبلية متطورة مختلفة للتقنية وللعمارة وللطبيعة والإبداع في آن واحد، لذلك أطلقت عليه «متنزه أبل»، وليس المقر الرئيس لـ«أبل». ويعد المقر الجديد الأغلى عالمياً من حيث الكلفة مع خمسة مليارات دولار، والأحدث من حيث التقنيات المستخدمة فيه، إذ جرى تصميمه على شكل «طبق طائر هبط من الفضاء»، مكسوٍّ بالكامل بالألواح الزجاجية الشمسية، واستغرق إنشاؤه سبع سنوات منذ بدء التفكير فيه على يد مؤسس الشركة ورئيسها الراحل، ستيف جوبز، عام 2011، وحتى استقباله للعاملين.
ضخم
ويقع «متنزه أبل» في مدينة كوبرتينو بولاية كاليفورنيا الأميركية، وهو عبارة عن مبنى ضخم على شكل دائرة، يصل محيطها إلى نحو ميل، تحيط بحرم ضخم مغطى بالمزروعات وأشجار الفاكهة المثمرة. ويستطيع المبنى استيعاب 13 ألف موظف على مساحة تصل إلى 2.8 مليون قدم مربعة من المساحات المكتبية، فضلاً عن مساحات للعمل تشكل بيئة إبداعية تتوافر فيها جميع أدوات المباني الذكية الفائقة التقدم، من خطوط اتصال عالية السرعة لاسلكية وسلكية، إضافة إلى تجهيزات مكتبية وتقنية متنوعة، تجسد في مجملها مفهوم «أبل.. نمط حياة»، تحقيقاً لمقولة جوبز بأن «متنزه أبل» سيكون أفضل مبنى إداري في العالم.
مساحات خضراء
وتشكّل المساحات الخضراء نحو 80% من مساحة «متنزه أبل»، مزروعة بـ7000 شجرة مثمرة، منها أشجار البرقوق والمشمش والزيتون والبرسيمون والتفاح، التي سيكون الكثير منها داخل الحلقة الدائرية بالأساس، حيث لاتزال عمليات زراعة هذه الأشجار جارية حتى الآن، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها تماماً أول يوليو المقبل.
وأثناء عملية البناء لم تتم إزالة ونقل أي أتربة أو مخلفات حفر من الموقع إلى خارجه، بل تم تجميعها وتشكيل هرم ضخم بصورة فنية رائعة، حتى بات من الصعب معرفة ما الأكثر جمالاً، المبنى أم كومة الأتربة.
70 مليون دولار للياقة البدنية
ويحتوي «المتنزه» أيضاً على ممرات طويلة من أجل الجري والركض وقيادة الدراجات، كما أن هناك صالة ألعاب رياضية، ومركز لياقة بدنية كلف بناؤه نحو 70 مليون دولار، فضلاً عن قاعة محاضرات تتسع لـ1000 شخص، تستخدم في الأحداث المهمة كإطلاق المنتجات، والمحاضرات العامة، أطلق عليها «مسرح ستيف جوبز».
وحسب تقرير التقدم في الأعمال، الذي جرى تقديمه إلى مجلس مدينة كوبرتينو، في مارس الماضي، فإن المبنى الرئيس وأماكن انتظار السيارات، والمسرح والمركز الصحي والرياضي، لاتزال تحت الإنشاء، حيث من المقرر أن يتم إنجازها جميعاً خلال العام المقبل.
ومن أجل عدم تلويث المناظر الطبيعية، وكذلك من أجل زيادة المساحة المستخدمة للزراعة، جعلت «أبل» أماكن انتظار السيارات تحت المبنى بعيداً عن الأعين، على شكل أدوار، لتوفر مساحة ضخمة تستوعب 10 آلاف و980 سيارة، حيث جهزت المواقف بتقنيات إنترنت الأشياء للتعرف على الأماكن الخالية وإرشاد العاملين إليها في أسرع وقت ممكن عبر تطبيقات على «المحمول» أو شاشات على الممرات.
إضاءة طبيعية
وأفادت تقارير تقنية بأن تصميم المبنى مستوحى جزئياً من الرباعية الرئيسة في حرم جامعة «ستانفورد»، مشيرة إلى أن جزءاً من أرض «متنزه أبل» كان مقراً لمركز «هيليوت باكرد» (إتش بي) للمنتجات المتقدمة، قبل أن تقوم «أبل» بهدم المبنى في عام 2013، وخلال عام 2014 أصبحت الأرض خالية تماماً وبدأت بعدها الأعمال الإنشائية في المبنى.
وأهم ما يميز مبنى «أبل» الجديد احتواؤه على أجزاء ضخمة من الزجاج المنحني، وفقاً لشركة «سييل» المسؤولة عن توريد الزجاج إلى «أبل»، التي أشارت إلى أن «المتنزه» الذي صمم ليكون مضيئاً إضاءة طبيعية ومتجدد الهواء، استهلك ما مساحته نحو ستة كيلومترات مربعة من الزجاج.
وكلفت «أبل» شركة «آركو» الهولندية لصناعة الأثاث بتصنيع الطاولات داخل المبنى، حيث يصل طول الطاولة إلى 18 قدماً بعرض أربعة أقدام، مصنوعة من خشب البلوط الأبيض الصلب، وتزن الواحدة منها 660 رطل، وهي نسخة من طاولات «آركو» التي تباع مقابل 2500 دولار، لكنها أطول بمقدار الضعف.
مكاسب عديدة
وقال المدير التنفيذي الحالي لشركة «أبل»، تيم كوك، في تصريحات صحافية بمناسبة بدء انتقال الموظفين إلى المقر الجديد، إن «هذا المتنزه سيحقق للشركة العديد من المكاسب، وسيتيح لها القيام بعمليات توسع كبيرة».
وكان جوبز أعلن عن الخطط الخاصة بـ«متنزه أبل» في لقاء مع مجلس مدينة كوبرتينو في عام 2011، حيث كان هذا آخر ظهور علني له قبل وفاته، واعتُبر الحديث عن المبنى وتقديمه شيئاً أشبه بما فعلته «أبل» عند إطلاق «آي فون» للمرة الأولى.