من بيتر أوتول وهو يجوب صحراء وادي رم على حصانه في فيلم “لورنس العرب” عام 1962، إلى مات دايمون وهو يقود مركبته الفضائية وسط تضاريس الصحراء التي تشبه سطح المريخ في “المريخي” عام 2015، يجذب الأردن المعروف بتنوعه الجغرافي صناع السينما العالمية.
وكانت النسخة التاسعة من سلسلة “حرب النجوم” التي يُقدم عرضها الأول في الصالات بالولايات المتحدة اليوم الثلاثاء وفي الأردن واليوم الأربعاء، آخر فيلم هوليودي صورت مشاهد كثيرة منه في الأردن، حيث تم عام 2003 تأسيس هيئة تقدم التسهيلات والمساعدات التقنية والإدارية والفنية للإنتاج السينمائي بهدف تشجيعه على اختيار الأردن.
إستديو بالهواء الطلق
يفخر المدير العام للهيئة الملكية للأفلام مهند البكري بأن الأردن “إستوديو ضخم مفتوح بالهواء الطلق”، مشيرًا إلى أن تضاريسه المتنوعة جذبت صناع السينما.
ويضيف لوكالة فرانس برس أنه تم تصوير أفلام في مأدبا التي فيها بيوت قديمة على أنها اليونان، وفي صحراء وادي رم على أنه كوكب المريخ، وفي الأزرق التي تشتهر بمسطحاتها المائية على أنها شرق آسيا.
وصورت في البلد -الآمن إلى حد بعيد- عشرات الأفلام السينمائية العالمية، بينها مشاهد لا تنسى لهاريسون فورد وهو يمر عبر كهوف البتراء القديمة التي تستقطب ملايين السياح سنويًا، في “إنديانا جونز أند ذي لاست كروسيد” (1989).
وكانت باكورة الأفلام المصورة في الأردن “لورانس العرب”، ورسخت في الأذهان صور الممثل بيتر أوتول الذي جسد دور الضابط البريطاني توماس إدوار لورنس الذي ساعد العرب في حربهم لتحرير الجزيرة العربية من الحكم العثماني. ورُشح فيلم “لورنس العرب” لعشر جوائز أوسكار فاز بسبع منها.
وقال غي ريتشي مخرج فيلم “علاء الدين” -الذي صورت مشاهد منه بالأردن أيضا- في مؤتمر صحفي لإطلاق الفيلم في عمان يوم 13 مايو/أيار 2019، إن وادي رم كان الخيار الطبيعي بالنسبة إلينا، بينما قال النجم ويل سميث الذي يجسد دور علاء الدين في المؤتمر “عندما هبطنا في الأردن فجأة، بدأت تتجسد فينا مشاعر الشخصيات، وبمجرد أن تمشي في المكان تتأمل ما حولك، تتقمص الشخصية التي تؤديها، بالنسبة لي كان الأمر مذهلا للغاية”.
حوافز لصناع السينما
يقول البكري عن الهيئة التي يديرها إنها تقدم الكثير من الحوافز لصناع أفلام السينما بدءًا من تسهيل الحصول على تأشيرات الدخول إلى المملكة وتوفير مواقع تصوير، مرورا بالممثلين والكومبارس.
ووضعت الهيئة برنامجًا لدعم الأفلام من أجل تحفيز المنتجين الأجانب على المجيء إلى الأردن تُقدم من خلاله تحفيزات ضريبية تعيد بموجبها ما بين 10% و25% من نفقات كلفة الفيلم في المملكة إلى المنتجين، بحسب البكري.
ويفترض أن يكون الحد الأدنى للنفقات مليون دولار ليستفيد المنتجون من البرنامج.
وظهر العاهل الأردني في مقطع صغير في الموسم الثاني من سلسلة “ستارتريك” عام 1996 في أحد ممرات المركبة الفضائية، عندما كان لا يزال وليا للعهد.
وتوفر شركات إنتاج محلية أردنية كل أنواع الدعم الفني واللوجستي والتنسيق مع الكوادر الفنية المحلية المتخصصة من مصورين ومهندسي صوت.
ويقول المدير العام لشركة “زمان” لإدارة المشاريع منير نصار إن كل الأفلام التي صوّرت بالأردن كلفت مبالغ أقل من الميزانية المحددة ووقتًا أقصر من المحدد.
مسرح لتصوير الأفلام
ومن الأفلام التي عملت فيها شركته خمسة أفلام عن الكوكب الأحمر بينها “المهمة إلى المريخ” و”الأيام الأخيرة على المريخ” و”المريخي”.
كما عملت في فيلمي “علاء الدين” و”ستار وورز: ذي رايز أوف سكايووكر”.
ويوضح نصار -وهو وزير سياحة أسبق- بالقول “على سبيل المثال، نحن عملنا خمسة أشهر للتحضير والإعداد لتصوير آخر جزء من سلسلة فيلم “حرب النجوم”، وعندما جاء الممثلون أكملوا التصوير في 12 يومًا وغادروا”.
وتعمل الشركة على توفير شركات الطعام والحجز الفندقي والسيارات والشاحنات لنقل المعدات والألبسة وعقود الفريق الأردني وفتح حساب مصرفي والتنسيق مع القوات الأمنية والدفاع المدني والجيش وسلاح الجو.
وكان الأردن أيضًا مسرحًا لتصوير أفلام عدة حول حرب العراق منها “هارت لوكر” في 2008 لكاثرين بيجلو، والذي حصل على جائزتي أوسكار لأفضل فيلم وأفضل ممثل، وتم تصويره في عمان ومأدبا.
وصوّرت في منطقة قريبة من البحر الميت مشاهد من فيلم “زيرو دارك ثيرتي” في 2012، ويتحدث عن آخر 100 ساعة في حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
ويقول الممثل الأردني أشرف طلفاح الذي شارك في فيلم “زيرو دارك ثيرتي”، لوكالة فرانس برس، “حتى لو أن مشاركتنا نحن الممثلين الأردنيين في هذه الأفلام هي عبر أدوار قصيرة، لكنها تعطينا فرصة للقاء كبار فناني ومخرجي وكتاب العالم، فهوليود تخترق كل بيت في العالم تقريبًا”.
ويعبر طلفاح عن فخره في المشاركة في الفيلم، قائلًا “لدي حلم في داخلي منذ الصغر وهو أن أكون في هوليود وأن أعمل هناك، ليس لأكون نجمًا عالميًا، إنما لأوصل رسائل لطلاب تمثيل وشباب من بلدي مفادها أن لا شيء مستحيل في هذا العالم”.
ولادة سينما أردنية
يقول البكري إن الهيئة تقدم كذلك الدعم لمنتجين أردنيين في صناعة سينما أردنية من خلال “صندوق دعم الأفلام”، مشيرًا إلى أنه حتى عام 2007 لم يكن هناك إنتاج لأفلام أردنية.
وكان “أبو رائد” أول فيلم أردني يتم إنتاجه للمخرج أمين مطالقة. وجاءت بعده أفلام كبيرة بينها فيلم “ذيب” للمخرج ناجي أبو نوار الذي رُشح عام 2016 لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
وتقول المنتجة الأردنية رولا ناصر التي عملت في إنتاج نحو 30 فيلمًا أردنيًا وعربيًا، إن تصوير الأفلام الأجنبية في المملكة كان له دور كبير في تطوير مهارات الكوادر المحلية وتعزيز خبراتهم.