مع نهاية عقد كامل وبداية عقد جديد بالتزامن مع حلول 2020، ربما حان وقت مراجعة الأفلام التي صدرت خلال العشر سنوات الأخيرة واكتشاف أفضلها، تلك الأفلام التي شغلت المشاهدين لمدة من الوقت حتى بعد انتهائها ومشاهدة عشرات الأفلام الأخرى من بعدها لا لشيء إلا لأنها تستحق المشاهدة والبقاء بذاكرة محبيها.
هل أنت عنصري؟
أفضل فيلم رعب خلال الأعوام السابقة والذي أجمع عليه النقاد والجمهور هو “اخرج” (Get Out)، فمن جهة أعرب النقاد عن استحسانهم لحبكة الفيلم التي جاءت مميزة ومختلفة واستطاعت طرح قضية العنصرية من منظور جديد، كذلك أشادوا بالإخراج وزوايا التصوير والتمثيل، وهو ما اتفق عليه الجمهور الذي أعلن عن استمتاعه بالسرد الدرامي التصاعدي وفكرة العمل الذكية.
ومن جهة أخرى نال الفيلم أرباحا تجاوزت 255 مليون دولار من إجمالي ميزانية لم تتخط 4.5 ملايين دولار، قبل أن يفوز بجائزة أوسكار من أصل أربعة ترشيحات، بالإضافة لترشحه للبافتا البريطانية والغولدن غلوب، وقد دارت أحداث الفيلم حول كريس الشاب أسمر البشرة الذي يواعد امرأة ذات بشرة بيضاء ترغب في تعريفه إلى أسرتها، الأمر الذي يقلب الأحداث رأسًا على عقب.
الإنسانية ضد التكنولوجيا
إذا كنتم من عشاق الأفلام الرومانسية، لهذه الفئة اختار القائمون على موقع “كوليدر” (Collider) فيلم “هي” (Her) كأفضل عمل رومانسي رغم كونه يجمع بين الدراما والخيال العلمي، ولكن من خلال قصة شاعرية كتبها وأخرجها سبايك جونز.
أحداثها تدور في المستقبل، حيث تحتل التكنولوجيا المساحة الأكبر من المشهد وتسيطر الوحدة على ما تبقى منه، فنشهد ثيودور الذي يعمل في كتابة الرسائل الشخصية وشديدة الحميمية للآخرين، في حين يقع بحب سامانثا صاحبة صوت نظام تشغيل اصطناعي ذكي، فهل يمكن لمثل هذه العلاقة أن تستمر أو أن تكون حقيقية؟
فاز الفيلم بالأوسكار والغولدن غلوب بينما صنفه معهد الفيلم الأميركي كأحد أفضل عشرة أفلام صدرت في 2013، أما النقاد فأشادوا بأداء خواكين فينيكس الذي استطاع تجسيد المشاعر بعبقرية وسلاسة، كذلك أثنوا على سكارليت جوهانسون التي نجحت في خلق حياة كاملة لشخصية فقط من خلال الأداء الصوتي.
حلبة تمثيل
على الرغم من أن العقد الماضي شمل الكثير من الأفلام الموسيقية الفارقة بتاريخ السينما مثل “لالا لاند” و”مولد نجمة” وغيرهما، فإن أفضل فيلم موسيقي بالنسبة للعديد من النقاد جاء من نصيب فيلم “ويبلاش” (Whiplash) الذي ألفه وأخرجه داميان شازيل، إذ تضمن العمل مباريات تمثيلية عبقرية جعلت ساحة العمل أشبه بالحلبة.
حصد العمل ثلاث جوائز أوسكار وثلاث جوائز بافتا وجائزة غولدن غلوب، كما حصل على تقييم 8.5 نقاط وفقا لموقع “آي.أم.دي.بي” الفني، بالإضافة إلى احتلاله المرتبة 46 ضمن قائمة الموقع نفسه لأفضل 250 فيلما بتاريخ السينما.
أما قصة العمل فتمحورت حول قارع طبول طموح ينضم لفرقة موسيقية يقودها معلم سادي، يمارس على تلاميذه أقصى أنواع الضغط والإرهاب النفسي ليقدموا أفضل ما لديهم، غير أنه بأسلوبه العنيف وغير الإنساني لا يدفعهم ليكونوا أفضل بقدر ما يضعهم على حافة الانهيار والاكتئاب بل وأحيانًا الانتحار.
حين تكسر اللغة حاجز الزمن
اختارت مجلة “وايرد” فيلم “وصول” (Arrival) كأفضل فيلم خيال علمي، وهو ما اتفقت معه مواقع فنية عديدة أخرى، أسباب هذا الإجماع لا يبررها فقط فوز الفيلم بالأوسكار والبافتا، وإنما فكرته الفلسفية التي قدمها صناعه بشكل إنساني وعاطفي، مما جعل العمل لا يجذب فقط عشاق أفلام الخيال العلمي المعتادين، بل عشاق الدراما أيضًا.
فالعمل يحكي عن عالمة لغويات يتم اختيارها لمهمة صعبة ومصيرية، إذ عليها التواصل مع كائنات فضائية -تصل للأرض ويخشى أن تهدد أمان واستقرار العالم- واستنباط لغتهم، ورغم كل التوقعات المسبقة والأحكام التي يطلقها البشر على تلك الكائنات، فإن البطلة تتمسك برأيها فترى الفضائيين كائنات مسالمة ما لم يثبت العكس، وهو ما تسعى لتأكيده خلال مهمتها.
العالم بعيون يورغوس لانثيموس
بالطبع شرف أفضل فيلم “ديستوبيا” لا يمكن أن يفوز به عمل ليس من إبداع المُخرج اليوناني يورغوس لانثيموس الذي اعتاد تقديم تلك النوعية من الأفلام، ليفاجئنا كل مرة بسقف أعلى من الرعب والكوميديا السوداء التي لم نحسب لها حسابا قط.
من بين الأعمال التي قدمها لانثيموس خلال السنوات الأخيرة، وقع الاختيار على فيلم “جراد البحر” (The Lobster) الذي صدم كل من شاهده قبل أن يتركهم في حضرة عشرات الأسئلة التي لا تهدأ.
قصة الفيلم تدور في مستقبل ليس ببعيد، حيث يعيش كل الأشخاص كأزواج، فمن كان منهم عازبا أو أرمل أو حتى انفصل عن حبيبه، يتحتم عليه الدخول إلى فندق يضم كل الوحيدين، وهناك على كل شخص إيجاد شريك له خلال 45 يومًا وإلا تم تحويله إلى حيوان يطلق للبرية ومن ثم يصبح عرضة للصيد. هكذا نتابع بطل الفيلم وهو نزيل ذلك المكان الموحش، وسط محاولاته للعثور على شريكة بدلًا عن ملاقاة ذاك المصير المؤلم، وتتوالى الأحداث.