ترى آراء كثيرة أن عام 2019 كان استثنائيًّا على مستوى السينما، وضم الكثير من الأفلام الرائعة، والصورة تصبح أكثر سطوعًا عندما نقترب من السينما الأميركية التي مثّل العام الماضي بالنسبة لها عودة قوية للمنافسة بعدة أفلام مميزة، بعد أن كانت المنافسة تنحصر عادة بين فيلمين أو ثلاثة على أقصى تقدير.
تأتي ترشيحات جوائز الأوسكار، التي أعلنتها الأكاديمية الأميركية لعلوم وفنون الصورة أمس الاثنين، تكليلا لهذه الأعمال، وتسليطا للضوء على بعض الأفلام المهمة التي ربما لم تأخذ حقها من الشهرة، ومثلما تُسعد الترشيحات كثيرين، فإنها تحمل حزنا للذين لم ينالوا نصيبهم من الترشيح، كما تضم أيضًا مفاجآت غير متوقعة، وسنوردها في هذا التقرير.
رقم قياسي للسينما العربية
منذ ترشيح الفيلم القصير “السلام عليك يا مريم” للفلسطيني باسل خليل، و”ذيب” للأردني ناجي أبو نوار عام 2016 للأوسكار، والسينما العربية تشهد ظهور فيلمين لها في ترشيحات الأوسكار سنويًّا، باستثناء سنة 2017 التي لم يرشح فيها أي فيلم عربي، لكن ترشيحات هذا العام تأتي برقم قياسي للسينما العربية مع وجود ثلاثة أفلام دفعة واحدة في الترشيحات.
في فئة أفضل فيلم قصير حي يأتي التونسي “إخوان” للمخرجة مريم جوبير، ونجد فيلمين تسجيليين من سوريا في فئة أفضل فيلم تسجيلي، هما “إلى سما” من إخراج وعد الخطيب وإدوارد واتس، و”الكهف” من إخراج فراس فياض. وهذا ليس الرقم القياسي الوحيد هنا للسينما العربية.
رقم قياسي للسينما السورية
بهذين الفيلمين التسجيليين، تسجل السينما السورية تواجدها في الفئة نفسها للعام الثالث على التوالي، بعد ترشيح فيلم “عن الآباء والأبناء” لطلال دركي في العام الماضي، و”آخر الرجال في حلب” لفراس فياض وستين جوهانسون.
هكذا يحقق فراس فياض رقمه القياسي الخاص أيضًا، بترشح أفلامه للأوسكار مرتين خلال ثلاثة أعوام فقط، وهو من المخرجين العرب القلائل الذين يصل أكثر من فيلم لهم للأوسكار، يشاركه في هذا الفلسطيني هاني أبو أسعد والجزائري رشيد بو شارب.
أبرز الغائبين
رغم رفع عدد الأفلام التي يمكن ترشيحها في فئة أفضل فيلم إلى عشرة أفلام بحد أقصى، وخمسة بحد أدنى، وذلك منذ عدة سنوات، فإننا لا زلنا نجد الأصوات ترتفع لتجاهل أفلام جيدة وظهور أفلام أقل جودة في هذه الفئة.
ربما كان الغائبان الأبرز لهذا العام هما “جواهر غير مصقولة” (Uncut Gems) من إخراج جوش وبيني سادفي، الذي نال الكثير من الآراء الإيجابية منذ عرضه، مع إشادة بأداء بطله آدم ساندلر، لكنه خرج خالي الوفاض تمامًا من الترشيحات.
يخرج أيضًا فيلم “الفنار” (The Lighthouse) بترشيح وحيد هو أفضل تصوير سينمائي، رغم حصوله على الكثير من الآراء الإيجابية منذ عرضه في مهرجان “كان”.
ترشيحان لسكارليت جوهانسون
بينما تقضي قوانين الأوسكار بعدم ترشح ممثل واحد عن فيلمين في فئة التمثيل، فإنها لا تمنع ترشحه في فئتي الممثل الرئيسي والممثل المساعد في السنة نفسها، وهذا ما حدث مع سكارليت جوهانسون التي ترشحت لأفضل ممثلة عن دورها في “قصة زواج”، وأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في “الأرنب جوجو”.
وهي المرة الأولى التي تترشح فيها جوهانسون لأي من جوائز الأوسكار، والمرة الأولى التي تظهر فيها الممثلة نفسها في فئتي التمثيل منذ عام 2008 عندما ترشحت كيت بلانشيت عن دورها الرئيسي في “إليزابيث.. العصر الذهبي”، ودورها المساعد في “أنا لست هنا”.
سنة سعيدة لنتفليكس
بعد منافسة نتفليكس بقوة في جوائز الأوسكار العام الماضي من خلال فيلم “روما” (Rome) لألفونسو كوارون، الذي منحها أول ترشيح لجائزة أفضل فيلم؛ تحتل هذا العام المرتبة الأولى في الأستوديوهات التي حصلت على ترشيحات بـ24 ترشيحًا موزعة بين أفلام “البابوان” (The Two Popes) و”قصة زواج” و”الأيرلندي” (The Irishman)، وهذان الأخيران مرشحان لجائزة أفضل فيلم، ليصبح هذا هو العام الأفضل في الترشيحات بالنسبة للمنصة الرائدة في مجال الترفيه.
ولكن يبقى التخوف من تكرار سيناريو “غولدن غلوب” الحزين مرة أخرى، حيث كان لنتفليكس الصدارة أيضًا في ترشيحات الجوائز، لكنها خرجت بجائزة واحدة فقط.
مارفل تتراجع أمام دي سي
بعد أن حققت مارفل مفاجأة العام الماضي وترشح فيلمها “الفهد الأسود” لجائزة أفضل فيلم، ليصبح أول “فيلم كوميكس” يصل إلى هذا الترشيح؛ تتراجع بقوة هذا العام رغم تقديمها ثلاثة أفلام، فلا نجد إلا ترشيحًا وحيدًا لأفلام مارفل في فئة المؤثرات البصرية، وذهب الترشيح إلى فيلم “المنتقمون.. نهاية اللعبة”.
في المقابل، يحتل فيلم دي سي “الجوكر” صدارة الترشيحات لهذا العام بحصوله على 11 ترشيحًا، أغلبها في الفئات الرئيسية، مثل أفضل فيلم، وأفضل ممثل، وأفضل مخرج. ويرى كثيرون أن فيلم “الجوكر” لا ينتمي إلى عالم أفلام الأبطال الخارقين بشكلها المعروف، وإن كان هذا لا يمنع كونه فيلما مبنيا على إحدى شخصيات الكوميكس الشهيرة في نهاية الأمر، وبعد أن حقق الفيلم جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينسيا، يصبح كل شيء محتملًا.
وتحتفل الأوسكار هذا العام بدورتها رقم 92، والمتوقع إقامتها في العاشر من فبراير/شباط القادم، حيث يجتمع صناع السينما حول العالم لاختيار أفضل إنتاجات العام وتكريمها، وتكتسب الجوائز أهميتها أساسا كونها تأتي ضمن تصويت عدد كبير من صناع السينما حول العالم، إذ يتجاوز عددهم سبعة آلاف عضو من أعضاء الأكاديمية، وتتراوح صفتهم الفنية بين ممثلين ومخرجين وكتاب ومصورين ومنتجين، وغيرهم من صناع السينما.