لطالما كانت جائزة الأوسكار إحدى أهم الجوائز السينمائية التي يقاس بها نجاح الأفلام وصناعها فنيا ليس في أميركا وحدها بل عالميا، لهذا يعد مجرد الترشح إليها شرفا يدعو أصحابه للفخر، فكيف حال هؤلاء من ترشحوا للجائزة وبدلا عن الفوز بها فوجئوا باستبعادهم منها؟
شابلن يطيح بمنافسيه
“السيرك” (The Circus) فيلم كوميدي رومانسي صدر عام 1928، ومع أول حفل -على الإطلاق- للأوسكار في 1929 رشح شارلي شابلن عن فيلمه إلى أربع جوائز هي أفضل ممثل، أفضل كاتب سيناريو أصلي، أفضل مخرج لفيلم كوميدي، وأفضل فيلم.
لكن، الأكاديمية سرعان ما اجتاحها القلق من احتمالية اكتساح شابلن الفئات الأربع، دون أن يترك مساحة لغيره من النجوم للتنافس وتلقي الثناء المناسب على ما قدموه للسينما ذاك العام، وهو ما أدى بدوره لإلغاء الأكاديمية الترشيحات الفردية التي سبق ونالها شابلن، ومنحه بدلا عنها جائزة فخرية خاصة نظير صنيعه لفيلم “السيرك” من تأليف وتمثيل وإخراج وإنتاج.
فيلم مميز.. ولكن
وفقا للكثير من المقاييس الفنية والبصرية، يعد فيلم “هوندو” (Hondo) أحد أفضل الأفلام التي صدرت بأول الخمسينيات، فالعمل جاء ملونا وثلاثي الأبعاد، وهو دراما حربية قدمت في إطار من الرومانسية حققت وقت عرضها أرباحا تجاوزت 4 ملايين دولار.
من جهتها، رشحت الأكاديمية الفيلم لجائزتي أوسكار، هما أفضل قصة وأفضل ممثلة مساعدة، قبل أن تعود فتستبعد الأولى إثر اكتشاف أن السيناريو بني على قصة قصيرة بعنوان “هدية القوقعة” (Gift of Cochise) وليس عملا أصليا كما خيل لهم.
كوميديا سوداء
في عام 1956 صدر فيلم موسيقي كوميدي رومانسي بعنوان “المجتمع الراقي” (High Society)، أسندت بطولته إلى فرانك سيناترا وغريس كيلي بآخر ظهور فني لها قبل أن تصبح أميرة موناكو، وقد حقق العمل وقتها نجاحا جماهيريا وفنيا، حتى أن أرباحه تجاوزت 8 ملايين دولار، في حين رشحته الأكاديمية لأوسكار أفضل قصة وأفضل أغنية وأفضل موسيقى تصويرية.
ورغم أن الترشيحات جاءت في محلها هذه المرة، فإن الأكاديمية ارتكبت خطأ لا يغتفر، إذ رشحت الكاتبين إدوارد بيرندز وإلوود أولمان عن القصة في حين لم يكونا هما مؤلفا هذا الفيلم، وإنما سبق لهم تأليف فيلما بالاسم نفسه في 1955، ورغم أن بيرندز وأولمان سحبا اسميهما من الاقتراع النهائي فإن حدوث ذلك تسبب بخسارة الفيلم ترشحا مستحقا.
مصائب قوم عند قوم فوائد
يبدو أن الأكاديمية كانت تصر مرة بعد أخرى على أن يعلو سقف أخطائها، والدليل ما حدث عام 1969 حين فاز فيلم “الشباب الأميركي” (Young Americans) بأوسكار أفضل فيلم وثائقي، وبعد مرور شهر كامل من الفوز فوجئ صناع السينما بأن الأكاديمية تبطل الجائزة.
فقد اكتشفت الأكاديمية أن العمل سبق أن عرض على أحد المسارح في أكتوبر/تشرين الأول 1967 مما أفقده الأهلية للترشح ضمن أفلام 1968، ومع استرجاع الجائزة، منحت لفيلم “رحلة إلى النفس” (Journey Into Self) الذي جاء وقتها بالمركز الثاني وفقا للتصويت بعد “الشباب الأميركي”.
استبعاد “الأب الروحي”
“العراب” تحفة فنية غنية عن التعريف، حتى أنه يحتل المرتبة الثانية ضمن قائمة موقع “آي أم دي بي” لأفضل 250 فيلما بتاريخ السينما، في حين منحه جمهور الموقع نفسه تقييما بلغ 9.2 نقاط، ووصلت إيراداته إلى 287 مليون دولار من إجمالي ميزانية لم تتجاوز 7.2ملايين دولار.
ترشح الفيلم في 1973 لتسع جوائز أوسكار، فاز بثلاث منها، هي أفضل ممثل وأفضل فيلم وأفضل سيناريو مقتبس، إحدى الجوائز التي ترشح لها كانت أفضل موسيقى تصويرية لنينو روتا، لكن الأكاديمية ألغت الترشيح بعد علمها أن نينو استخدم جزءا من موسيقى سبق أن ألفها للفيلم الكوميدي الإيطالي (Fortunella)، الطريف أن رغم خسارة نينو للترشح فإنه فاز بالأوسكار عن الموسيقى التصويرية بفيلم “العراب” الجزء الثاني عام 1974.
دعوى ضد الأكاديمية
في 1993 وصل فيلم “مكان في العالم” (A Place in the World) الذي قدمته أوروغواي، إلى القائمة القصيرة النهائية لترشيحات أفضل فيلم بلغة أجنبية، فاضطرت الأكاديمية لحذفه من التصويت بعد اكتشافها أن الفيلم أرجنتيني الجنسية، وإن كان ممولا جزئيا من أوروغواي، وهو ما أصاب مخرجه أدولفو أريستارين بالإحباط وخيبة الأمل مع شعور عارم بالظلم دفعه لرفع دعوى ضد الأكاديمية.
غير مستوف للشروط
“توبا أتلانتيك” فيلم نرويجي قصير تميز بقصته الإنسانية، قبل أن يترشح لأوسكار أفضل فيلم حي قصير لعام 2012، لكن الأكاديمية ألغت الترشيح بوقت لاحق بعد اكتشاف أن الفيلم سبق عرضه على التلفزيون النرويجي قبل عرضه في دور السينما وهو ما يخالف الشروط التي تفرضها الأكاديمية للترشح.
دوافع أخلاقية
في 2013 سحبت الأكاديمية ترشيحا للأوسكار لدواع أخلاقية في سابقة من نوعها، حين ترشحت أغنية فيلم “وحيد ولكن ليس وحيدا” (Alone yet not Alone) لجائزة أفضل أغنية أصلية، فما كان من ملحنها بروس بروتون عضو اللجنة التنفيذية للموسيقى بالأكاديمية إلا أن أرسل بريدا إلكترونيا لأعضاء الأكاديمية يحثهم من خلاله على الاستماع لأغنيته جيدا قبل التصويت، وهو ما اعتبرته الأكاديمية غير أخلاقي حتى ولو كانت نية صاحبه طيبة.
الاستبعاد الأخير
آخر استبعاد قامت به الأكاديمية حدث في 2017 قبل يوم واحد فقط من الحفل، وكان من نصيب فيلم “13 ساعة” الذي ترشح لجائزة أفضل مكساج، وذلك نتيجة قيام غريغ راسل -أحد أعضاء فريق الصوت- بمحاولة الضغط على المصوتين ضمن تلك الفئة تليفونيا عبر إعلامهم أنه ضمن المشاركين بهذا العمل.
ورغم أن اسم غريغ فقط هو الذي استبعد في حين بقى باقي الفريق مرشحا، فإن الفيلم لم يفز بالجائزة على أية حال ونالها فيلم “هاكسو ريدج” لميل غيبسون.