صدر فيلم الرسوم المتحركة الثلاثي الأبعاد “إلى الأمام” (Onward)، والذي أنتجته أستوديوهات بيكسار وقامت بتوزيعه ديزني في السادس من مارس/آذار الماضي.
ومع أن ذلك تزامن مع بداية انتشار فيروس الكورونا في بعض البلدان، فإنه نجح في حصد إيرادات بلغت 104 ملايين دولار، قبل أن يُرفَع من السينمات بعد أسبوعين فقط ويصبح متوفرا رقميا بسبب إغلاق معظم دور العرض.
هل تكرر بيكسار نفسها؟
ورغم الفترة القصيرة التي عرض خلالها العمل فإنه لاقى استحسان الجمهور الذي أعرب عن استمتاعه بالمغامرة التي خاضها أبطاله، إذ دارت أحداث الفيلم حول شقيقين يعيشان في عالم خيالي معاصر يجمع بين كافة أنواع وأشكال الكائنات الحية في ظل التكنولوجيا الحديثة، وبسبب شوقهما لوالدهما الراحل يقرران البحث عن بقايا السحر القديم، في محاولة منهما لإعادة إحيائه ولو لليلة واحدة.
واختلفت آراء النقاد حول الفيلم، فبينما وصفه بعضهم بالكوميديا العائلية ذات الإيقاع السهل الممتنع، صنفه آخرون بأنه فيلم متوسط وخطوة للخلف في مشوار بيكسار، خاصة أنه ليس إلا تكرارا لبعض أشهر “الثيمات” التي تحب بيكسار الرهان عليها من وقت لآخر، استثمارا لنجاحها المضمون بدلا من المخاطرة واختبار مساحة جديدة من الأفكار.
“ثيمات” بيكسار المفضلة
“ثيمة” الفيلم هي الفكرة الأساسية التي يتمحور حولها العمل، فتمنحه جوهرا واضحا وروحا واحدة يمكن تمييزها في كل مشهد من مشاهده، حتى أن كاتب السيناريو جون أوغست أطلق عليها لقب الحمض النووي للعمل (DNA).
ومع أن بيكسار لطالما كانت منبعا خصبا للأحلام والسحر، متميزة بقدرتها على تقديم الأفكار الخيالية بشيء من العاطفة والشغف، فإنه يبدو أن ابتكار أفكار أصلية صار معضلة يجب على بيكسار حلها، فالمتابع لأعمالها يستطيع بوضوح تمييز دائرة “الثيمات” التي تدور بيكسار في فلكها، ومنها:
1- شركاء رغم الاختلاف
من أكثر “الثيمات” تكرارا لدى بيكسار هي التي تحتوي على مغامرة أبطال أرغمتهم الظروف على خوضها معا، رغم اختلافهم الجذري في الأفكار والأحلام بل حتى في الطريقة التي اختارها كل منهم للوصول لمبتغاه. وبسبب هذا التناقض ينشأ الصراع الذي سرعان ما تنتج عنه مغامرة مجنونة أكثر متعة وتشويقا، إثباتا لحقيقة أن التناقض يثبت المعنى ويوضحه.
شاهدنا ذلك في أفلام عديدة، مثل: “الديناصور اللطيف” (The Good Dinosaur)، و”قلبا وقالبا” (Inside Out)، و”حكاية لعبة” (Toy Story)، وحتى “إلى الأمام” (Onward) نفسه.
2- فقد الأحباء يكسر القلوب
خسارة المقربين لنا أو الذين قضينا معهم سنوات طويلة لا شك أنها مؤلمة للغاية، ومع السماح لأنفسنا بالغرق في الشعور بالألم يتضاعف الحزن في القلب ويتولد غضب ساكن ينتظر صاحبه أقرب فرصة للانفجار. والأهم أن الأشخاص بعد فقدانهم لأقرب الناس إليهم لا يعودون أبدا كما كانوا، فيما يعتريهم الكثير من الإحساس بالذنب وتتغير نظرتهم للحياة، وهو ما يتسبب عادة في الصدام بينهم وبين من حولهم.
شاهدنا ذلك في “فوق” (Up) و”البحث عن نيمو” (Finding Nemo).
3- النضج قبل الأوان
“ثيمة” أخرى تكررت كثيرا، حيث صغار السن الذين يمرون بظروف قاسية تكشف لهم وجه الحياة القبيح، وتجبرهم على مواجهته. وهو ما يفعلونه في البدء على استحياء أو دون خبرة مما يعرضهم للفشل والوقوع في الخطأ، ثم مع الوقت يتعلمون وينضجون بل وقد يتفوقون على أنفسهم بشكل لم يتوقعه أحد.
شاهدنا ذلك في “الفأر الطباخ” (Ratatouille)، و”أسطورة مريدا” (Brave)، و”شركة المرعبين المحدودة” (Monsters, Inc)، و”البحث عن نيمو”، و”الديناصور اللطيف” وغيرها.
4- لا شيء يدوم للأبد
العلاقة بين الأهل وأولادهم تبدأ بمجرد ميلادهم، لكن ورغم مرور السنوات وزيادة أعمار الأبناء فإن الآباء والأمهات عادة ما يستمرون في معاملة أبنائهم كما لو أنهم لا يكبرون أبدا، محاولين حمايتهم طوال الوقت، مما يهدد قدرة الصغار على الخروج من الشرنقة واختبار الحياة، وأمام إصرار الأبناء على البحث عن ذاتهم يحدث صراع بين الجيلين، وتخرج الأمور عن السيطرة.
شاهدنا ذلك في “أبطال خارقون” (The Incredibles)، و”كوكو” (Coco)، و”البحث عن نيمو”، و”أسطورة مريدا”، و”قلبا وقالبا”.
5- فريق كبير للدعم
تعد بيكسار من الأستوديوهات القليلة التي تحترف تغذية قصصها بالكثير من الأدوار الثانوية التي تخدم الحبكة الرئيسية وتساعد الأبطال على تحقيق مسعاهم والوصول لمبتغاهم، ولعل ما يميز أعمال بيكسار أن ذلك يحدث بتناغم وتلقائية دون إقحام أو شعور بالتهميش.
شاهدنا ذلك في “سيارات” (Cars)، و”حياة حشرة” (A Bug’s Life)، و”حكاية لعبة”، و”الفأر الطباخ”.
6- معًا لا نعرف المستحيل
جرى العرف في مغامرات بيكسار على ألا يقوم بها شخص واحد وإنما اثنان على الأغلب إن لم يكن أكثر، يواجهان المخاطر سويا فيشدان من أزر بعضهما، ورغم اختلاف فلسفة كل منهما في الحياة -كما سبق أن ذكرنا- فإنهما سرعان ما يكتشفان أن كلا منهما يكمل الآخر متى نجحا في تنحية خلافاتهما جانبا.
شاهدنا ذلك في “حياة حشرة”، و”قلبا وقالبا”، و”إلى الأمام”، و”حكاية لعبة”.
7-الحياة الخفية للكائنات الأخرى
في عالم بيكسار، البشر ليسوا المخلوقات الوحيدة الحية على هذا الكوكب، وإنما الكائنات جميعها لها عالمها الخفي الذي لا نعرف عنه شيئا، فماذا لو ولجنا إلى ذلك العالم وتلصصنا عليه؟
شاهدنا ذلك مرارا وإن كان قدم بشكل ملهم ومثير أكثر من كونه مكررا، فهكذا تعرفنا إلى حياة السيارات وألعاب الأطفال والحيوانات والكائنات الخارقة والروبوتات والأموات وغيره هؤلاء.