نستعرض أبرز ما يتوجّب أخذه بالاعتبار من قبل الذين يعانون من حالات صحيّة معيّنة. لكن لا بدّ من التشديد على أن ما سنعرضه ما هو سوى توجيهات عامة لا تغني عن توصيات الطبيب المختصّ المعالج الذي لا بدّ من استشارته في كل حالة مرضيّة، ليحدّد هو ما إذا كان الصيام ممكنا بشروط أو إذا كان من الأفضل تأجيله أو منعه بصورة دائمة.
مرضى الجهاز الهضمي والكبد
يُنصح مرضى القرحة الهضميّة (الذين يشكون من نوبات ألم أعلى البطن، بخاصة عندما تكون المعدة خالية من الطعام) ومرضى القلس المعدي (ارتجاع العصارة المعديّة إلى المريء، والذي يسبّب الحرقة)، بجعل وجباتهم خلال الليل صغيرة ومتعدّدة (أي ألا تكون من الوجبات الثقيلة)، وأن يعمدوا إلى الحركة أو أقلّه المشي ولو لبضع دقائق بعد كل وجبة بدلاً من النوم. كذلك عليهم أن يراعوا نوعيّة الطعام، فيتجنبوا الحامض منه والمقلي والدسم بالإضافة إلى البهارات. ويتوجّب عليهم تناول أدويتهم المضادة للحموضة (بعد استشارة طبيبهم طبعا) قبيل وجبتَي الفطور والسحور.
ويُنصح المصابون بالالتهابات المعويّة الحادة المسبّبة للإسهال، بتأجيل الصيام إلى حين انتهاء حالتهم المرضيّة كي يتمكنوا من تعويض ما فقدوه من سوائل وأملاح.
إلى ذلك، لا يسمح بالصيام للمصابين بالتهاب الكبد الحاد. أما مرضى التهاب الكبد المزمن ومرضى تشمّع الكبد، فيعود قرار السماح لهم بالصيام إلى طبيبهم المعالج الذي عليه ـ في حال السماح ـ أن يرشدهم في ما يتعلق بنوعيّة الغذاء والدواء ودرجة الجهد المسموح بها. ويبقى أخيراً على المصابين بأي مشكلة هضميّة والذين سمح لهم بالصيام، أن يكونوا أكثر حرصا على تطبيق النصائح التي كنا قد أوردناها في المقال السابق “10 نصائح لصيام صحي في رمضان”.
مرضى السكري
يشكّل الصيام خطرا لا يستهان به على مرضى السكري الذين يعتمدون في علاجهم على حقن الإنسولين (أي مرضى السكري من النوع الأول وبعض مرضى النوع الثاني)، وذلك لاحتمال تعرّضهم إلى هبوط السكّر الخطِر في أثناء الانقطاع عن الطعام، أو ارتفاعه الشديد بعد تناوله، وخاصة إن كان تاريخهم المرضيّ يشمل نوبات خطرة من الهبوط أو الارتفاع، أو إن كان السكري لديهم يترافق مع قصور كلوي.
إلى ذلك، يطلب من الحامل المصابة بالسكري تأجيل الصيام إلى ما بعد عمليّة الوضع.
لكن، في حال تبيّن للطبيب المعالج أن بإمكان مريض السكري الصيام بشروط، فعلى الأخير الالتزام بتطبيق كل ما يطلبه الطبيب من إجراء للتحاليل (بخاصة مستوى سكر الدم، حتى وإن تكرّرت خلال اليوم). وعليه أيضاً اتباع نصائح الطبيب بدقة في ما يتعلق بالنظام الغذائي الذي لا بدّ أن يشمل الابتعاد قدر المستطاع عن الحلويات والنشويات، وبدرجة الجهد المسموح بها، وبأنواع العلاج وتوقيته.
ويتوجّب على مريض السكّري الالتزام بقرار طبيبه إذا ما طلب منه إنهاء صيامه في الحال، إن استدعى الأمر ذلك (وعلى سبيل المثال هبوط خطر في مستوى السكر في الدم).
مرضى القلب وارتفاع الضغط
لا يجوز الصيام للمرضى الذين تعرّضوا لنوبة قلبيّة (احتشاء عضلة القلب) حديثة، أو للذين يتعافون من عمليّة قلب أو عمليّة توسيع إكليلي وزرع شبكة دوائيّة، أو للذين يتعرّضون لنوبات خناق صدر متكرّرة، أو الذين يشكون قصورا هاما في وظيفة عضلة القلب، أو المصابين بارتفاع الضغط غير المستقرّ أو الذين لا يستجيبون للمعالجة الدوائيّة. وسبب عدم جواز صيامهم، هو حاجتهم الدائمة للأدوية (ومنها مسيلات الدم) بالإضافة إلى أن الانقطاع عن السوائل قد يشكل خطرا على حياتهم.
أما مرضى القلب أو ارتفاع الضغط الذين هم في وضع مستقرّ وتحت رعاية طبيّة، فقد يسمح لهم الطبيب بالصيام، شريطة أخذ كل الاحتياطات في ما يتعلق بتناول الأدوية وتحديد نوعيّة الطعام والشراب (فقيران بالملح) وتعيين درجة الجهد المسموح بها.
مرضى القصور الكلوي
يعدّ الصيام خطرا على المرضى المصابين بقصور وظيفة الكليتَين الشديد والمزمن، لا سيّما في الأجواء الحارة، وبخاصة إن كان قصورهم الكلوي مترافقا مع الإصابة بمرض السكري. كذلك يمنع المرضى الذين يخضعون للغسيل الكلوي عادة من الصيام، ويمنع المرضى الذين خضعوا لعميات زرع كلى من الصيام، أقله خلال السنة الأولى بعد الزرع.
ويتوجّب في حالات الأمراض الكلويّة الأخرى أن يلتزم المريض بتوصيات الطبيب في ما يتعلق بتناول السوائل والأدوية، وأن يبقى تحت إشرافه خلال شهر الصيام.