يبدو أن تبعات وباء كورونا وخسائره الفنية لن تلبث أن تطرق مناطق جديدة لم تكن بالحسبان، فوفقا لمحللي صحيفة “وول ستريت جورنال”، بات من المرجح إقدام شبكة “أي إم سي” التلفزيونية (AMC)، صاحبة أكبر سلسلة دور عرض سينمائي في العالم، على إشهار إفلاسها أو على الأقل إغلاق العديد من صالات العرض والمسارح الخاصة بها، وعلى رأسها دور العرض ذات العائد الضعيف.
ولم تكد الأزمة تبدأ في 16 مارس/آذار الماضي، بعدما أمر حاكم نيويورك أندرو كومو بإغلاق جميع دور السينما، حتى أعلنت “أي إم سي” في اليوم نفسه أنها ستغلق جميع دور عرضها، التي يتجاوز عددها ستمئة دار، والمنتشرة في مختلف أنحاء البلاد لمدة تتراوح من ستة إلى 12 أسبوعا على الأقل، تزامنا مع تفشي الفيروس والإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومات لحماية أفرادها والسيطرة على الوباء قدر المستطاع.
لكن في الحقيقة كانت “أي إم سي” تعاني بالفعل قبل تفشي الفيروس بشهور، وكل ما في الأمر أن الوضع الحالي جعل الأمور تتأزم أكثر في نيويورك، إذ بلغت خسارة الشركة 149 مليون دولار في عام 2019 فيما أنهت العام بمديونية قدرت بـ4.9 مليارات دولار، وذلك حسب ما ذكر على موقع “ياهو إنترتينمنت”.
وقد ترتب على ذلك قيام الشركة بمحاولة تقليص التكاليف، مما دعاها إلى التخلص من أكثر من ستمئة موظف في نهاية مارس/آذار الماضي، جاء من ضمنهم المديرون التنفيذيون والرئيس التنفيذي آدم آرون. كذلك أبلغوا أصحاب العقارات التي تقع بها المسارح ودور العرض أنهم لن يدفعوا الإيجارات بدءا من أبريل/نيسان الجاري، طالما أن دور العرض السينمائي مغلقة، وهو ما يوحي بمدى فداحة الوضع في الشركة.
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن شبكة “أي إم سي” استأجرت شركة المحاماة “جيبسون دون أند كراتشر” (Gibson Dunn & Crutcher) لتقديم المشورة بشأن إعادة الهيكلة المحتملة. كما أشارت الشبكة إلى استعدادها للتفاوض بشأن فترات الإيجار، خاصة مع تراجع أسهمها بأكثر من 4% في تداول يوم الخميس الماضي.
وهو ما علق عليه إريك هاندلر، المحلل في (MKM Partners) بأنه يرى أن المسارح ستظل مغلقة حتى أغسطس/آب المقبل على الأقل، وللأسف فإن “أي إم سي” -من وجهة نظره- تفتقر للسيولة المادية التي تجعلها قادرة على التماسك كل ذلك الوقت، مما يهددها بإعلان إفلاسها.
ورغم أن الشبكة قد أبلغت أنه في متناول يدها حاليا 265 مليون دولار نقدا، بالإضافة إلى 332 مليون دولار متاحة عبر خطوط الائتمان، فإن هاندلر أكد أن معدل الإنفاق الشهري للشركة يعادل 155 مليون، وهو ما يعني أنها لن تستطيع البقاء صامدة لما بعد شهر يونيو/حزيران أو يوليو/تموز على الأكثر.
بل حتى إذا حدثت معجزة واستطاعت الاستمرار، فستظل هناك مشكلة الديون القديمة التي تقارب الخمسة مليارات دولار، مما يجعل إعادة هيكلة الشركة أمرا لا مفر منه، بجانب حاجتها إلى التمويل.
مشكلة عامة
وكانت صحيفة “نيويورك بوست” قد نشرت أن “أي إم سي” ليست السلسلة الوحيدة التي تواجه المشاكل، فجميع دور عرض الولايات المتحدة والبالغة أربعين ألف شاشة أغلقت، فيما أجلت كل الأفلام الضخمة التي كان ينتظرها الجمهور ويراهن صناعها على نجاحها وإيراداتها.
وهو ما أكده الإعلان عن قيام مسؤولي الرابطة الوطنية لأصحاب المسرح -وهي مجموعة تجارية تمثل 33 ألف شاشة في جميع الولايات الخمسين- بطلب العون من الحكومة لمساعدتهم في دعم 150 ألف موظف بضمانات القروض، والمزايا الضريبية للموظفين من أجل تعويض توقف الإيرادات.
الأمر الذي دعا هاندلر للتوقع بأن فرصة “أي إم سي” للخروج من تلك الكبوة ضعيفة، لأنها ستحتاج مبالغ طائلة أكثر من غيرها للوقوف على قدميها مرة أخرى، مما سيرفع من أسهم مساعدة الشركات الأقل غرقا.
البقاء للأقوى
أما المنتج كريس فنتون، ومؤلف كتاب “إطعام التنين”، فيرى أن المشهد المسرحي سيختلف تماما بعد انتهاء الوباء ولن يعود أبدا مثلما كان، فعادة ذهاب الجمهور إلى المسرح كانت هشة بالأساس قبل الأزمة، ومن المتوقع بعدها أن تسوء أكثر.
وربما يدفع الأمر الأستوديوهات إلى تقليص وجهاتها المسرحية، وهو ما بدأت تستعد له الأستوديوهات بالفعل، ويستطرد فنتون قائلا إن البقاء سيكون للأقوى، حتى أن منصات البث نفسها قد تستحوذ على القدر الأكبر من الأفلام.
من جهتها، لم ترد “أي إم سي” -حتى الآن- على ما نشر عنها، وإن كان آدم آرون قد علق بأن الشركة وإن كانت تشعر بخيبة الأمل للتخلص من بعض الموظفين إلا أن صحة جميع العاملين بل والأميركيين هي الأولوية الحالية.
ويضيف آرون أن كل ما يمكن فعله بالوقت الحالي هو مراقبة الوضع عن كثب والتطلع إلى اليوم الذي تتم السيطرة فيه على المرض، ومن ثم تتمكن الشركة من إعادة فتح دور العرض وإرضاء روادها كسابق عهدهم.