لماذا يحب الجميع “ولائم إفطار رمضان”، هل يوجد سبب علمي وراء تفضيل البعض التجمع على موائد الطعام معا، وما البديل لها في الوقت الحالي وما زال الحظر والتباعد الاجتماعي قائمين بسبب فيروس كورونا؟
ربما يكمن حب التجمع على طاولات الطعام داخل البيوت مع الأهل والأصدقاء في رمضان، في أن أحد المعارف أخذ على عاتقه فكرة تقبل الجهد والوقت المبذول للتخطيط وشراء وطهي أفضل الأصناف ليقدمها لأصدقائه. وبهذا الفعل البسيط، أنت تعبر عن اهتمامك بمن تحبهم قدر إمكاناتك.
وربما يفضل البعض ذلك، بسبب الدفء الذي يشعر به حينما يجلس لتناول الطعام مع من يحبهم، أو لأن الأطفال يحبون الطعام الذي تعده هذه العمة أو الخالة تحديدا، وقد يرجع ذلك أيضا إلى ماراثون الكرم الذي تحاول من خلاله كل أسرة تقديم أفضل ما لديها للآخرين.
فوائد تناول الطعام معا
يقول الكاتب فرانسوا دي لا روشيفوكاو من القرن السابع عشر “إن تناول الطعام ضرورة، ولكن تناول الطعام بذكاء هو فن” ويعد تناول الطعام مع الأهل والأصدقاء أحد هذه الذكاءات المفيدة لصحتنا، حسب عدد من الخبراء والكُتاب.
في مقال بعنوان “6 فوائد نفسية لتناول الطعام معا” يقول الكاتب بموقع “كورونادو سيف” إذا كان هناك تقليد واحد يمتد إلى جميع الثقافات، فسيكون هو الجلوس مع العائلة والأصدقاء في تجمعات كبيرة أو متوسطة أو صغيرة لتناول الطعام معا، حيث توفر تلك التجمعات فرصة لتعلم المهارات والطقوس التي تساعد في الاندماج بالمجتمع الأكبر خصوصا بالنسبة للأطفال والمراهقين. كما أنها فرصة للبالغين للتفاعل مع بعضهم بعضا وبناء علاقات مجتمعية مع الأصدقاء.
يساعد ذلك أيضا في تجديد عقولنا، لذلك نكون أكثر إنتاجية عندما نعود إلى العمل.
تناول الطعام مع الأصدقاء الحقيقيين يجعله أشهى
تجارب مشتركة
عبرت الكاتبة شيريل تشونج في مقال لها بعنوان “الأصدقاء ممن يأكلون معا يبقون معا”، بموقع “ليدي آيرون تشيف” بالقول إن الطعام يجمع الناس معا، وتناول الطعام مع الأصدقاء الحقيقيين يجعل الطعام أشهى، كما أن تناول الطعام مع الأصدقاء يمنحك الحرية في مشاركة آرائك حول أي شيء.
ويتفق الخبراء على أن التجمع حول طاولة الطعام معا له فوائد صحية بدنية وعقلية بعيدة المدى، لجميع الأعمار.
فحينما نتناول الطعام معا نتشارك القصص، ونبني العلاقات، ونتعلم من أخطاء ونجاحات بعضنا بعضا، وهذا مفيد جدا لجميع جوانب صحتك -عاطفيا واجتماعيا وجسديا وروحيا وفكريا- وكل ذلك يعمل ويتفاعل بطريقة تساهم في جودة حياتنا بشكل عام.
كما أن تناول الطعام مع الأصدقاء يقلل من هرمونات الإجهاد التي تدمر أجسامنا وتتسبب في العديد من الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة، فضلا عن أن “محادثة طاولة الطعام” توفر وقتا للاسترخاء والترابط، وبالتالي التمتع بصحة جيدة.
وتضيف دكتورة نينا، أن الباحثيين وجدوا أن تناول الطعام الجماعي المتكرر يرتبط بقدرة أكبر على حل المشكلات والتفكير الأكثر تعقيدا، وارتفاع تقدير الذات والدرجات لدى الصغار، وانخفاض معدلات التدخين وتناول المخدرات بين المراهقين.
وعندما نجتمع مع العائلة والأصدقاء، تكون هناك سلسلة مشتركة من المواضيع التي تربط كل واحد منا.
وتركز كل هذه المناسبات على التجارب الإنسانية كالحب والحزن والفرح والاحترام والنجاح والتضحية.
ومن يتناولون الوجبات العائلية مع الأهل والأصدقاء بشكل منتظم أكثر سعادة وصدقا وانفتاحا مع بعضهم بعضا، في حين أن من لا يقومون بذلك يصابون بالعزلة.
من يتناولون وجباتهم مع الأهل والأصدقاء بشكل منتظم أكثر سعادة وانفتاحا
بديل لولائم رمضان
تبادل خبرات الأكل وإعداد الكثير من الأصناف وتناول الوجبات المميزة التي تتقنها كل أسرة أثناء ولائم رمضان يمكن الاستعاضة عنه من خلال:
وضع جدول لتبادل الطعام بين جميع الأسر التي تربطنا بهم علاقة طيبة، وتحديد كل يوم خميس لتبادل الأصناف بين تلك الأسر.
وإذا كانت هناك خمس أسر فسيكون على طاولة كل منهم خمسة أصناف طعام مميزة ومختلفة كل خميس من كل أسبوع خلال الشهر الكريم.
لكن يجب الحرص على اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، كتبادل الأطعمة الساخنة فقط، والتي يمكن إعادة تسخينها، وينبغي وضع الوجبات في أطباق ذات الاستخدام الواحد فقط، وعلى من يقوم بتوصل الأطباق اتخاد الإجراءات المعتادة في التطهير والالتزام بارتداء الكمامة والقفازات واستخدام أدوات وسوائل التعقيم.
كما أن التأنق وارتداء الملابس الجديدة أثناء تبادل الزيارات، من الأمور المحببة ولا سيما للفتيات والأمهات، ويمكن القيام بذلك بالفعل في يوم تبادل الطعام، وإجراء مكالمة فيديو عبر تطبيقات الاتصال ليرى الجميع بعضهم بعضا أثناء الجلوس على طاولة الإفطار في رمضان.
وينبغي أن تحرص الأسر على التواصل أثناء وجبة الإفطار مع الأقارب المغتربين، ولا سيما من يعيشون وحدهم، إلى جانب متابعة كبار السن عبر اتصالات الفيديو أثناء الإفطار وطوال اليوم.
وقد تتفنن الأمهات في ترتيب مسابقة إعداد طعام أحد أيام رمضان مع الصديقات من الأسر الأخرى، أو أن يتم الاتفاق بين الأصدقاء على إعداد قائمة الطعام نفسها لمدة أسبوع كامل.
وفيما يتعلق بالجيران فالأمر مفتوح يوميا لتبادل أطباق الطعام، وتبادل كلمات الشكر والمحبة مع حفظ المسافات.