عادة ما تأتي الأفلام المقتبسة من أعمال أدبية أقل جودة من المصدر الأصلي، وهو ما يشعر جمهور الكتاب بالكثير من خيبة الأمل، لكن ذلك لا ينفي وجود استثناءات لأفلام نجح صناعها في تحويل الكلمات إلى صور حية تفوقت على المنبع، والأعمال الفنية التالية خير مثال على ذلك:
مزيد من الرعب
صدر فيلم الإثارة “الفك المفترس” (Jaws) في عام 1975، الذي أخرجه ستيفن سبيلبيرغ ليصبح أحد أيقونات أفلام الرعب الخالدة، رغم مرور عشرات السنوات بعده وظهور الكثير من التقنيات الحديثة التي خدمت تلك النوعية من الأفلام. حقق العمل وقتها إيرادات تجاوزت 470 مليون دولار، بجانب فوزه بأوسكار وغولدن غلوب وبافتا البريطانية، كما اختير من قبل مكتبة الكونغرس للحفظ بالأرشيف الوطني الأميركي باعتباره إرثا ثقافيا.
دارت أحداث العمل حول محاولات قائد شرطة وعالم بحري وصياد للتصدي لقرش أبيض قاتل، يكاد أن يفتك بإحدى الجزر الصغيرة. ورغم أنه اقتبس من رواية مهمة، فإنه تفوّق عليها لاختيار المخرج تكتيكا اعتمد على إظهار القليل دون إهدار الوقت على تفاصيل ذكرت باستفاضة في الرواية تخص العلاقات الشخصية للأبطال، حيث فضل بدلا من ذلك أن يقضي الأبطال كل الوقت في عرض البحر، وهو ما كثف من الإثارة والرعب.
الكتاب جيد لكن الفيلم استثنائي
فيلم “العراب” (The Godfather) هو عمل فني استثنائي غني عن التعريف، مصنف بالمرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل 250 فيلما بتاريخ السينما، وفقا لموقع “آي إم دي بي” (IMDB) الفني، وهو ما يفسر فوزه بأوسكار وغولدن غلوب وبافتا، ومنحه تقييما بلغ 9.2 درجات حسب تقييم الجمهور بالموقع نفسه.
صدر الفيلم في عام 1972 واستمر على مدى ثلاثة أجزاء مقدما ملحمة غير تقليدية، استعرض خلالها المخرج فرانسيس فورد كوبولا تاريخ إحدى أقوى عائلات الجريمة وزعماء المافيا. ومع أن الرواية التي كتبها ماريو بوزو ونشرت عام 1969، تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعا في قائمة نيويورك تايمز، إلا أن الفيلم ينظر إليه باعتباره أعظم إنجاز في التاريخ السينمائي، خاصة مع الأداء الأسطوري الذي قدمه النجم مارلون براندو، واستغناء كوبولا عن المؤامرات الفرعية غير العملية التي جاءت في الكتاب، وإن عاد ليقدم بعضها في الجزء الثاني.
الإيرادات ليست كل شيء
يعد الكاتب ستيفن كينغ أحد أساتذة الرعب، وإن كانت رواياته غير المخيفة غالبا ما يتم نسيانها، ربما لهذا لم يسمع الكثيرون عن قصته القصيرة التي صدرت في 1982 إلا بعد تحويلها لفيلم بعنوان “الخلاص من شاوشانك” (The Shawshank Redemption) الذي أنتج عام 1994 وما زال يحتل حتى الآن المرتبة الأولى ضمن قائمة أفضل 250 فيلما بموقع “آي إم دي بي” (IMDb).
قام المخرج فرانك دارابونت بمضاعفة جرعة الدراما الموجودة في القصة داخل السجن، كذلك أضاف عدة خيوط إنسانية وثرية للحبكة الرئيسية. الغريب أن الفيلم وقتها لم يحقق نجاحا تجاريا كبيرا، لكن ذلك لم يمنعه من أن ينجح فنيا ويترشح للأوسكار وغولدن غلوب، قبل أن يشق طريقه لأعلى قوائم الأفلام.
الشيطانة التي أحببناها
“الشيطان يرتدي برادا” (The Devil Wears Prada) فيلم درامي كوميدي، بطولة ميريل ستريب وآن هاثاواي، ورغم طابعه الكوميدي الخفيف، فإنه نجح في الترشح للأوسكار، في حين بلغت إيراداته 327.9 مليون دولار من إجمالي ميزانية لم تتخط 35 مليونا، وهو النجاح الذي ساهم في زيادة شعبية الرواية التي اقتبس منها لتصبح أكثر الكتب مبيعا، وإن تفوق عليها الفيلم بمسافة ليست بالهينة.
يعود الفضل في نجاح الفيلم إلى الجهود التي بذلها المخرج ديفيد فرانكل وكاتب السيناريو ألين بروش ماكينا، اللذان تعاونا معا لتبسيط المؤامرة التي دارت حولها القصة من جهة، وإبراز الشخصيات الثانوية بجانب إثراء الشخصية التي قدمتها ميريل ستريب ومنحها جانبا إنسانيا ظهر بين حين وآخر من جهة أخرى، على عكس الرواية التي جاءت شخصياتها مملة وغير محتملة وركزت أكثر على تأريخ ووصف عالم الموضة والأزياء.
دفتر الملاحظات
يعرف المؤلف نيكولاس سباركس بميله لكتابة قصص الحب التي تجمع بين الدراما والمأساوية، والتي عادة ما تحقق مبيعات هائلة تقدر بملايين النسخ بسبب وجود سوق ضخم لمحبي الميلودراما. إلا أن المخرج نيك كاسافيتس حين قرر اقتباس روايته “دفتر الملاحظات” (The Notebook) وتقديمها فيلما بالاسم نفسه في 2004، قرر أن يفعل ذلك بكثير من العذوبة.
وبرزت تلك العذوبة عبر الكاريزما الاستثنائية التي ظهرت بين البطلين رايان غوسلينغ وريتشيل ماك آدامز على الشاشة، رغم غيابها على أرض الواقع، الأمر الذي أضفى على القصة بكل ما فيها من دراما الكثير من الرومانسية، مما ضاعف جمهور العمل، إذ جمع بين محبي كتابات المؤلف الميلودرامية وعشاق الرومانسية الأصيلة.