هل سبق أن جلست لإجراء محادثة مع ابنك المراهق، وبعد دقائق من وضع جسمه المتراخي، وتململه اللانهائي، ونظراته الفارغة، وردوده المروعة، وجدت نفسك محبطا وغاضبا، ونهاية المطاف بدأت في الصراخ.
من المعروف أن المراهقين غير جيدين في التواصل مع آبائهم، ولم يسبق أن كان الرجال محترفين في التواصل اللفظي العاطفي على المستوى العام. لذلك، ليس من المستغرب القول إن محاولة التحدث مع صبي في سن المراهقة يمكن أن تمثل تحديا كبيرا على أقل تقدير.
متناقضون
يقول بريستون ني مؤلف كتاب “كيفية التواصل الفعال والتعامل مع المراهقين الصعبين”، في مقال له على موقع “سيكولوجي توداي” Psychologytoday، إن المراهقين سلالة فريدة من نوعها ومتناقضة في كثير من الأحيان “فهم يكافحون من أجل التفرد ويتوقون إلى قبول أقرانهم. يتصرفون كما لو أنهم يعرفون كل شيء ومع ذلك يفتقرون إلى الكثير من الخبرة. يشعرون بأنهم لا يقهرون ومع ذلك غالبا ما يكونون غير آمنين”.
تعرض مؤلفة الكتب، ديبي بينكوس، في مقال لها على موقع “إمبورينغ بيرنتس” Empoweringparents خمسة أسرار وجدتها مفيدة للتواصل مع المراهقين، وهي أن تحاول التفهم حتى ولو لم توافق تماما على ما يريده، حاول التركيز فقط على وظيفتك كوالد وقدم المساعدة ولا تحكم عليه، لا تطرح عليه أسئلة تضعه في موقف دفاعي، اجعل هدفك مساعدة طفلك على التفكير بنفسه، وأخيرا لا تفعل أي شيء حتى يصبح كلاكما هادئين.
العلاقة بين الأب والابن قد تكون أكثر تعقيدا في حال كان لديهما اهتمامات مختلفة
إنقاذ العلاقة
يقول المؤلف واين باركر -في مقال له على موقع “فيري ويل فاميلي” (Verywellfamily)- إن العلاقة بين الأب والابن قد تكون أكثر تعقيدا في حال كان لديهما اهتمامات وميول مختلفة على مستوى واسع، عادة يتوقع الأب أن يسير ابنه في نفس المسار ويقوم بنفس المهام ويمارس ذات الهوايات، ولكن هذا نادرا ما يحدث، ويجب في هذه الحالة البحث عن شىء مشترك للقيام به، كالصيد أو القراءة أو التخييم، فهذا سينقذ العلاقة ويوطدها.
كذلك لابد من الاستماع الجيد للأبناء، ويقول باركر إن “الرجال بشكل عام يعانون من قلة التواصل الفعال. فهم يستمعون لمدة دقيقة أو دقيقتين فقط قبل أن يقرروا ما هي المشكلة ثم يبدؤون في طرح الحلول، ولكن الأبناء ومنذ سن مبكرة وصولا للمراهقة يحتاجون إلى من يستمع إليهم دون حكم أو محاولة تقديم حلول”.
كما ينصح باركر الآباء بألا يتجنبوا الأحاديث المهمة مع أبنائهم، كالتحدث عن الجنس، يقول إنه “مع التزايد المستمر في تناول هذه الأمور في وسائل الإعلام والإنترنت ومحادثات الأصدقاء، ستجد أن علاقتك ليست قوية بقدر ما يمكن أن تكون إذا تجنبت التحدث عن هذه الموضوعات الصعبة”.
يحتاج المراهقون لمن يسمعهم أكثر ممن يقدم لهم حلولا لمشاكلهم
محادثة أبوية ناجحة
يقدم جريجوري ل. جانتز، الحاصل على دكتوراه، والخبير في الاكتئاب والقلق وإدمان التكنولوجيا -في مقال له على موقع سيكولوجي توداي– عشر نصائح لإجراء محادثة أبوية مع ابنك المراهق.
1- أعطه إشعارا مسبقا، أخبره مسبقا بالتوقيت والموضوع الذي تريد مناقشته معه. فإن هذا سيمنحه الوقت اللازم للتفكير في المحادثة الوشيكة وجمع أي أفكار قد تكون لديه.
2- قدّم له شيئا يأكله، توجد علاقة أساسية بين الجوع وسرعة الغضب أو التعصب، لذا فإن التأكد من استقرار مستوى السكر في دمه سيبقيه مركزا ومشاركا طوال محادثتك.
3- التخلي عن فكرة إلقاء محاضرة، قم بتكثيف محادثتك في قائمة قصيرة من النقاط المهمة، واسمح له بالرد على هذه النقاط.
4- السيطرة على مشاعرك، رغم أنك قد تكون محبطا وغاضبا، فإن الصراخ والتعديات اللفظية لن تؤدي إلى النتائج التي تريدها فسيفهم الصبي أنك تهاجمه وهذا سيجعله يهرب أو ينفعل.
5- انتبه للغة جسدك ونظرات عينيك، المراهقون لا يفضلون التواصل البصري مع آبائهم بشكل مباشر، وقد يفهم ابنك تحديقك في عينيه على أنه أمر مقلق وعدواني.
6- استخدم أمثلة مادية، لا تتحدث عن حقيقة أنه لا يعلق ملابسه أبدا. بدلا من ذلك تجول في الغرفة واجعله يلتقط ملابسه المبعثرة هنا وهناك، ويحدد ما إذا كانت نظيفة أو متسخة. سيساعده ذلك على تذكر محادثتك فيما بعد.
7- خصص وقتا للمتابعة، يمكن أن يستغرق الأولاد ساعات وأياما وحتى أسابيع لاتباع ما تم الاتفاق عليه في محادثة مهمة بينكما. إذا لم تجد الاستجابة التي كنت تأملها، امنح ابنك تنبيها لما تم الاتفاق عليه بينكما، قبل أن تقوم بتحديد لقاء جديد معه.
8- المشي أثناء الحديث، الأولاد بشكل عام يفكرون أفضل عندما يكونون في حالة حركة ونشاط، إن إجبار ابنك على الجلوس أثناء توبيخه بمحاضرة طويلة هو وصفة لكارثة حقيقية. حاول أخذه بالخارج، أو التجول بالمنزل أثناء مناقشة المشكلة المطروحة.
9- التركيز على الإيجابيات، المرهقون محاطون برسائل سلبية حولهم طيلة الوقت، مجرد مشاهدة الإعلانات التجارية على شاشة التلفاز سيولد شعورا بالنقص لديهم. نحن الآباء نحتاج إلى توفير الدعم الإيجابي والاحتفال بإنجازات أبنائنا، فهذا سيساعد على بناء علاقات الثقة والتغلب على هذا الوابل المستمر من السلبية التي يواجهونها يوميا.
10- للتركيز على الروحانية دور مهم، ساعد ابنك على فهم المعنى الأعمق للحياة. والنظر إلى الأشياء بشكل كلي، والتناغم مع الطبيعة ومع الله ومع النفس، فهذا سيساعده على تحمل المشقة والتميز والنجاح.