يمكن أن تساعد أدوات التتبع الصحية -مثل “فت بتس” (Fitbits) والساعات الذكية- في اكتشاف فيروس كورونا قبل ظهور الأعراض، لكن الفجوات في البيانات والمخاوف بشأن الخصوصية لا تزال قائمة.
إن احتمال الإصابة بمرض خطير بشكل مفاجئ مع عدم ظهور أعراض مبكرة له، هو من الجوانب العديدة المخيفة لفيروس كورونا، وهو أمر تفهمه مونيكا فالنسيا جيدا. ففي يوليو/تموز الماضي، توفي أحد أفراد أسرتها بسبب فيروس كورونا بعد مرض قصير للغاية بدا أنه لم يأت من أي مكان، ولم يظهر على المريض سوى عرض واحد فقط هو ضيق التنفس، لكنه مات في غضون أيام.
تقول فالنسيا في تقرير نشرته بلومبيرغ “لا أريد أن يمرّ أي شخص آخر بما مرت به عائلتي”، وهي تأمل الآن في المساهمة ببياناتها الصحية حتى لا يضطر أي شخص آخر لذلك.
كانت فالنسيا من بين 400 موظف في شركة “سان دييغو ميتروبولتان ترانسيت سيستم” (San Diego Metropolitan Transit System) الذين زُودوا بأجهزة اللياقة البدنية “فت بت” القابلة للارتداء، كجزء من دراسة تتبع العلامات المبكرة لفيروس كورونا التي أطلقها معهد سكربز للبحوث (Scripps Research Institute) في مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية.
تراقب الأجهزة معدل ضربات القلب وأنماط النوم ومستويات النشاط البدني، وإذا تمكن الباحثون من التقاط التغيرات الفسيولوجية الدقيقة التي تنذر بالعدوى، فيمكنهم حث المستخدمين على إجراء الاختبار حتى قبل ظهور الأعراض.
ويمكن أن تؤدي سرعة اكتشاف المرض عبر التكنولوجيا إلى اكتشاف حالات التفشي في وقت مبكر، وتنبيه الأفراد -الذين قد لا تظهر عليه الأعراض- من نقل العدوى، ومساعدة المسؤولين المحليين على زيادة فعالية بروتوكولات الاختبار والتعقب.
وفي الوباء الذي قاوم حتى الآن الإجراءات المضادة العالية التقنية، يمكن أن يكون النشر الجماعي لأجهزة التتبع الصحية سلاحا قويا جديدا للصحة العامة.
العديد من الدراسات تبحث فعالية الأجهزة القابلة للارتداء في الكشف عن كورونا وقد ظهرت نتائج واعدة
وتبحث العديد من الدراسات في فعالية الأجهزة القابلة للارتداء في الكشف عن فيروس كورونا، وقد ظهرت نتائج واعدة، لكن ما زالت هناك عيوب كبيرة.
فجوة رقمية
وتتطلب معظم الدراسات من المشاركين امتلاك أجهزتهم القابلة للارتداء، والتي تباع بسعر يبدأ من 50 دولارا إلى 400 دولار، وهي بذلك تواجه فجوة كبيرة في البيانات، حيث يكون العاملون في الخطوط الأمامية ذوو الدخل المنخفض من أكثر الفئات ضعفا.
ووجد مركز بيو للأبحاث أن حوالي 31% من الأميركيين الذين تكسب أسرهم 75 ألف دولار أو أكثر سنويا، يستخدمون أجهزة يمكن ارتداؤها، مقارنةً بـ12% فقط من الأسر التي يقل دخلها عن 30 ألف دولار سنويا.
وقد تحدّ مشكلات أخرى من فعالية هذه التكنولوجيا، كما هي الحال مع جهود مكافحة تتبع جهات الاتصال التي تدعمها التكنولوجيا، حيث يهتم بعض الأشخاص بقضايا الخصوصية وإمكانية وصول الحكومة إلى المعلومات الصحية، لذلك يجب على الباحثين التغلب على هذه التحديات.
وتراقب دراسة معهد سكربز -المسماة “ديتيكت” (DETECT)- القياسات الحيوية لنحو 35 ألف مشارك، من خلال تطبيق يأخذ البيانات من أجهزة فت بت وساعات آبل والأجهزة الأخرى القابلة للارتداء.
وقارنت الباحثة الرئيسية جينيفر رادين عالمة الأوبئة في سكريبز، التغييرات اليومية على مستويات الصحة الأساسية، ووجدت علامات على أن بيانات المستشعر يمكن أن تساعد في اكتشاف فيروس كورونا قبل ظهور الأعراض، بشكل أفضل من الأعراض المبلغ عنها ذاتيا.
دراسة معهد سكربز تراقب القياسات الحيوية لنحو 35 ألف مشارك من خلال بيانات أجهزتهم الملبوسة
وتأمل رادين في بناء نظام تنبيه يخبر المشاركين عندما تشير أنماطهم الصحية إلى الإصابة، يمكنه بعد ذلك إرسال معلومات الاختبار أو مجموعة أدوات الاختبار إلى المنزل، وتوصيلهم بمتتبع إذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية.
ويمكن لأي شخص يستخدم جهازا قابلا للارتداء تنزيل تطبيق المعهد للمشاركة في هذا العمل. وعمال “إم تي إس” (MTS) هم من بين مجموعات قليلة داخل وخارج منطقة سان دييغو ممن تلقوا أجهزة فت بت مجانية تبرعت بها الشركة المصنعة للجهاز، والتي اتصل بها فريق البحث للمشاركة في الدراسة.