كثيرا ما نغسل أيدينا عدة مرات في اليوم الواحد دون أن ننتبه حتى إلى ذلك، بل نؤديه كحركة تلقائية. لكن غسل اليدين نادرا ما كان بنفس الأهمية التي كان عليها في الأشهر الماضية.
ومن بين جميع الأسلحة التي نملكها لمواجهة فيروس كورونا – من أقنعة وعزل ذاتي وتباعد اجتماعي – هناك سلاح لم نكن نعرف أهميته جيدا، وهو غسل اليدين.
فمع انتشار فيروس كورونا كحالة طوارئ صحية عالمية في فبراير/شباط، سارعت الجهات الصحية بتوعية الناس بضرورة الوقاية من الفيروس الجديد، وأكدت مرارا وتكرارا عبر نشرات الأخبار والإعلانات وآراء الخبراء على ضرورة غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل.
ونشرت منظمة الصحة العالمية رسما بيانيا تناقله الناس على نطاق واسع يظهر الطريقة الصحيحة لغسل اليدين، وهي الطريقة التي يحفظها عن ظهر قلب من سبق وعمل في إعداد الطعام أو الشراب للجمهور.
وبعد مضي الوقت ربما توارت نصيحة غسل الأيدي مع أنباء انتشار الفيروس مجددا وإغلاق بعض الأماكن مرة أخرى، على غرار الحظر الذي فرض مؤخرا في ملبورن بأستراليا. ومع ردود الفعل المتنامية في بعض الجهات ضد ارتداء الأقنعة وتغطية الوجه، لم ينتبه كثيرون إلى ضرورة هذا السلاح البسيط. واعتمادا على الرصد والملاحظة كشفت دراسة إثيوبية – لم تُراجع بقريناتها حتى الآن – أن أقل من واحد في المئة من أكثر من ألف شخص يزورون المستشفيات يغسلون أيديهم بالطريقة الصحيحة. ومع ذلك هل عدل الخبراء عن دعوتهم للحرص على غسل الأيدي؟
بالعكس يؤكد الخبراء أكثر على ضرورة الحرص على غسل الأيدي لضمان فاعلية مقاومة المرض.
ويؤكد توماس غيلبرت، أستاذ الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية بجامعة نورث إيسترن ببوسطن بولاية ماساتشوستس، قدرة الصابون العادي والماء الدافئ على القضاء على فيروس كورونا، قائلا: “الفيروسات التاجية لديها غشاء يحفظ جزيئاتها الجينية، وهذا الغشاء دهني يستطيع الماء والصابون إذابته”، وهو ما يؤدي إلى تحلل الخلية الفيروسية وفقدان مادتها الوراثية التي تخترق الخلايا البشرية.
ويقول غيلبرت:
“على حد علمي لم يتغير الوقت الموصى به لغسل اليدين، إذ يلزم بل اليدين بالماء ثم تحويل الصابون إلى رغوة تغطي كل أنحاء اليدين بعناية لمدة 20 ثانية” حتى يحدث التفاعل الكيميائي المطلوب لإذابة الغشاء الدهني للفيروس. ويضيف: “هناك فوائد أخرى منها أن الصابون يدمر أيضا المادة الداخلية للفيروس” ويُعجل الماء الدافئ بذلك.
ويقول مارتن ميكاليس، أستاذ علم الجزيئات بجامعة كينت البريطانية..
إن الماء وحده غير كاف لقتل الفيروس، “فالماء لا يتخلص غالبا من الزيوت العادية كزيت الزيتون التي تتسخ بها اليد خلال الطهي مثلا، بل يلزم استخدام الصابون” وكذلك يلزم الصابون “لإذابة الغلاف الدهني حتى يتم تحييد الفيروس تماما”.
وبسبب انتشار المواد المطهرة ربما أهملنا غسل الأيدي، إذ يحرص الناس على اقتناء المطهرات واستخدامها قبل دخول أماكن التسوق وخلافه. ورغم أنه من المفيد أن يصطحب المرء تلك المواد للتعقيم في السيارة مثلا أو في مدخل المحال، يقول غيلبرت إن ذلك يكون مفيدا حين لا يمكن للمرء الوصول إلى الماء والصابون، لكنه يؤكد على أنه يفضل استخدام الماء والصابون.