يشير اكتشاف فيروس كورونا في حمام شقة غير مأهولة في مدينة قوانغتشو بالصين، إلى أن مسببات المرض انتقلت عبر الهواء وربما تكون قد انتقلت لأعلى من خلال أنابيب الصرف، بنفس طرق انتشار تفشي العدوى بمرض السارس على نطاق واسع في هونغ كونغ قبل 17 عامًا.
اكتشاف نشره موقع Bloomberg الأميركي نقلًا عن دراسة لباحثين في المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في دورية Environment International العلمية.
محاكاة “الوصول لشقة مهجورة”
وأثبتت نتائج الدراسة أن مرحاضا بأحد الشقق الشاغرة في طابق يعلو منزلا يقطنه خمسة أشخاص، تم تأكيد إصابتهم قبل أسبوع بمرض كوفيد-19، رُصدت به آثار للفيروسات التاجية المسببة للعدوى بالمرض.
وأجرى الباحثون “تجربة محاكاة تتبع” لمعرفة ما إذا كان فيروس كورونا يمكن أن ينتقل عبر أنابيب الصرف عبر جزيئات صغيرة محمولة في الهواء يمكن أن تحدث بواسطة قوة تدفق المرحاض.
جيران الطابق الـ12
وتوصل الباحثون إلى أن الجسيمات، والتي تسمى بـ”الهباء الجوي”، ترتفع بمستويات لأعلى حتى الطابق من 10 إلى 12 فوق شقة المصابين بمرض كوفيد-19.
كما تم تأكيد إصابة حالتين في كل طابق من تلك الطوابق في أوائل فبراير، مما يثير القلق من أن جزيئات سارس-كوف-2 انجرفت إلى مواسير الصرف الصحي ومنها إلى حمامات شقق الجيران.
هونغ كونغ 2003
تذكر نتائج تلك الدراسة بما حدث منذ عقدين من الزمن في منتجع أموي جاردنز السكني بهونغ كونغ، والذي أصيب 329 من سكانه بمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الشديدة، أو مرض السارس، جزئيًا بسبب خلل في أنابيب الصرف الصحي. وتوفي اثنان وأربعون من السكان، في واحدة من أكبر محصلات ضحايا سارس آنذاك.
مصاعد الأبنية
ويقول العالم الصيني سونغ تانغ من مختبر CDC في الصين: “على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد انتقال العدوى أثناء استخدام مصاعد الأبنية المشتركة، إلا أن هذا الحدث يتوافق مع نتائج انتشار عدوى سارس في أموي غاردنز في هونغ كونغ في عام 2003”.
دليل على انتقال الرائحة
وقالت ليديا موراوسكا، مدير المختبر الدولي لجودة الهواء والصحة في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا، إن الشقق في المباني متعددة الطوابق قد يتم ربطها عبر نظام الصرف الصحي المشترك.
وتضيف موراوسكا، التي لم تشارك في البحث الصيني، إنه بينما تنحدر المواد الصلبة والسوائل عبر شبكة الصرف الصحي، فإن غازات الصرف الصحي – التي غالبًا ما يمكن اكتشافها من خلال رائحتها – ترتفع أحيانًا عبر الأنابيب في حالة نقص أو قلة المياه فيها.
وقالت موراوسكا في مقابلة: “إذا كانت هناك رائحة، فهذا يعني أنه بطريقة ما تم انتقل الهواء إلى حيث لا ينبغي أن يصل”.
احتمالية عالية لانتقال العدوى
وأشارت بروفيسور رايانا ماكإنتاير، أستاذ الأمن البيولوجي العالمي في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، والتي شاركت في الدراسة الصينية ضمن فريق دولي من الخبراء، إلى نتائج “توصلت إلى وجود احتمالية عالية لانتقال الفيروسات عبر الهواء في أنابيب الصرف وتم رصد الكثير من الأدلة بتفاصيل واضحة”.
مرحاض الطائرة
وفي الولايات المتحدة، قال باحثون في تقرير صادر عن المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، إن مرحاضًا مشتركًا على متن طائرة تسبب في إصابة ركاب إحدى الرحلات الجوية لإجلاء العالقين من ميلانو إلى كوريا الجنوبية في أواخر مارس.
واستند التقرير إلى واقعة إصابة راكبة، تبلغ من العمر 28 عامًا، بمرض كوفيد-19 بعد نحو أسبوع من تاريخ تلك الرحلة. وأشار التقرير إلى أن الراكبة التزمت بارتداء قناع وجه N95 طوال الرحلة الجوية فيما عدا الفترة التي استخدمت فيها دورة المياه المشتركة على متن الطائرة.
وتبين لاحقًا أن أحد الركاب المصابين بعدوى فيروس كورونا ولم تكن تظهر عليه أي أعراض. وبسبب إجراءات مكافحة العدوى الصارمة التي تم تنفيذها مباشرة قبل الرحلة وأثناءها، فقد خلص الباحثون إلى أن التفسير الأكثر منطقية للعدوى هو أنه تم الحصول عليها عن طريق الاتصال غير المباشر مع المسافر الحامل للفيروس بدون أعراض أثناء استخدام مرحاض على متن الطائرة.
دورات المياه بالمستشفيات
أوضحت بروفيسور موراوسكا من جامعة كوينزلاند أنه تم العثور على مادة وراثية لفيروس سارس-كوف-2، وفقا لما توصلت إليه دراسات سابقة، في المراحيض التي استخدمها مرضى كوفيد-19 في المستشفيات، وفي الهواء في أجنحة استراحة الممرضات بالمستشفيات، بل وفي فتحات التهوية ضمن مواقع أخرى متعددة.
وأضافت بروفيسور موراوسكا قائلة إن المدى الذي يمكن أن تصل إليه أعمدة الهباء الجوي عبر الصرف الصحي والمراحيض محملًا بفيروس كورونا مازال غير معروف.