خسارة جسيمة واجهتها هوليود أواخر الشهر الماضي إثر وفاة النجم الأميركي ذو الأصول الأفريقية تشادويك بوسمان عن عمر ناهز 42 عاما بعد صراع لمدة 4 سنوات مع مرض سرطان القولون، وبوسمان رغم كل آلامه خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه قدم أدوارا رفعت أسهمه عاليا وجعلته حصانا أسود يراهن عليه الجميع، ويتوقع له مسيرة حافلة بأعمال على الأغلب سيذكرها التاريخ.
— Chadwick Boseman (@chadwickboseman) August 29, 2020
آخر أعماله كان فيلم “دا فايف بلودز” (Da 5 Bloods) الذي صدر عن نتفليكس هذا العام، أما أشهر ما قدمه فكان شخصية البطل الخارق “الفهد الأسود” في سلاسل أفلام مارفل على رأسها فيلم “الفهد الأسمر” (Black Panther)، الذي جاء من بطولته ولعب فيه شخصية “تيتشالا” ملك دولة أفريقية خيالية، والبطل الخارق الذي يحاول حماية دولته من شرور العالم.
خسارة أم أزمة؟
خسارة هوليود لم تقتصر فقط على افتقادها أحد نجومها الساطعين، وإنما على وقوعها في مأزق إثر هذه الوفاة، فإن موت النجوم قبل بضع سنوات كان يُتعاطى معه بأن يدخل الجمهور في حداد، قبل أن يعودوا لمشاهدة أعمال هؤلاء الفنانين، تغير الأمر اليوم مع كل سلاسل الأفلام المعلقة، والتي ينتظر الجمهور اكتمالها من جهة، ويريد صناعها استثمار نجاحها وجني الأرباح من ورائها من جهة أخرى.
لهذا مثلا وفاة نجم بحجم روبين ويليامز على قدر ما جاءت مؤلمة؛ بل ولم يتجاوزها البعض حتى الآن، إلا أنها لم تسبب أزمة سينمائية مثل وفاة النجم بول والكر أحد أبطال سلسلة “فاست آند فوريوس” (Fast & Furious) أو كاري فيشر إحدى بطلات سلسلة “حرب النجوم” (Star Wars).
لكن يبدو أن صناع تلك السلاسل قد تعلموا الدرس مع الوقت بالطريقة الصعبة، فهم وإن كانوا لجؤوا لبعض التقنيات والحيل إثر وفاة والكر أثناء تصوير الجزء السابع من السلسلة، وإجراء التعديلات الرقمية على الكثير من الصور وشرائط الصوت واستخدام بديل للحفاظ على وجود البطل ضمن الأحداث؛ لكنهم صاروا يوفرون بدلاء حقيقيين وأبطالا مساعدين يصلحون للقفز، وتأدية دور البطولة في أي وقت ودون أن يخل ذلك بالأحداث.
على سبيل المثال ووفقا لما ذُكر بمجلة “فوربس” فإنه بحال لم يتمكن النجم بول رود من استكمال دوره بسلسلة “الرجل النملة” (Ant Man) لأى سبب، هناك الممثلة إيفانغلين ليلي التي تصلح لأن تصبح خليفة له كبطلة خارقة، أما النجم كريس هيمسوورث الذي يؤدي دور البطل الخارق “ثور” بسلسلة تحمل الاسم نفسه من الممكن استبداله بشخصية “جين فوستر” التي تؤديها ناتالي بورتمان أو “فالكيري” التي تلعبها تيسا تومبسون.
الأمر نفسه قد يحدث إذا ما احتاجت “مارفل” لاستبدال الرجل الحديدي في سلسلة “الرجل الحديدي” (Iron Man)، إذ يمكنهم بمكالمة هاتفية قصيرة إسناد البطولة إلى غوينيث بالترو التي تؤدي بالسلسلة شخصية “بيبر بوتس”، أو حتى دون شيدل صاحب دور “رودس”.
لذا ومع كل الألم الذي يشعر به صناع سلسلة “بلاك بانثر”، فإن قرار إيجاد حل بديل لغياب بوسمان دون أن يؤثر ذلك على استمرار السلسلة أو منطقية الأحداث، أمر ليس بالعسير؛ بل إن البديل مطروح بالفعل في ظل وجود ليتيتا رايت التي تؤدي دور “شوري”.
Legend. Warrior. King. Thank you to Marvel Studios Head of Visual Development Ryan Meinerding for this beautiful piece of art honoring Chadwick Boseman.https://t.co/LpGEERYEWP pic.twitter.com/QOARaMHSUF
— Black Panther (@theblackpanther) September 3, 2020
هل يقبل الجمهور البديل؟
قطعا، الأمر ليس متروكا للجمهور فقط ،وإنما الشركة المنتجة نفسها كذلك، خاصة وأن الجزء الأول من “الفهد الأسود” حقق إيرادات بلغت 1.4 مليار دولار في سابقة لم يحققها أي فيلم أبطال خارقين يعتمد على بطل واحد فقط من قبل، وبالتالي فإن التضحية بهذا الامتياز التجاري الضخم أمر غير متوقع.
فرغم رفض الجمهور أن يقوم فينيكس بتأدية الدور خليفة لهيث ليدجر، الذي قدم الشخصية نفسها بفيلم “فارس الظلام” (The Dark Knight)، وتوفي قبل عرضه، وإن كان فاز عنه بأوسكار أفضل ممثل مساعد، إلا أن صناع العمل تمكنوا من تمرير الفكرة وتنفيذها بالفعل مراهنين على رغبة الجمهور في معرفة ما جرى للشخصية ومتابعة خط سير حياتها.
وهو ما أثبت نجاحه بالفعل ليس فقط فنيا إذ احتل العمل المرتبة 58 ضمن قائمة موقع “آي إم دي بي” (IMDb) الفني لأفضل 250 فيلما بتاريخ السينما فيما منحه الجمهور تقييما بلغ 8.5 درجات وفقا للموقع نفسه، وإنما حتى من حيث الإيرادات التي تجاوزت 1.1 مليار دولار من إجمالي ميزانية ترواحت بين 55-70 مليون.
“بلاك بانثر 2”
لكل ما سبق، يظل مشروع خروج الجزء الثاني من فيلم “بلاك بانثر” للنور قائما، حتى إنه من المقرر صدوره في مايو/أيار 2022، وإن لم تتوفر أي معلومات عنه حتى الآن باستثناء كونه من تأليف وإخراج رايان كوغلر صانع الجزء الأول، على أن ينتمي العمل لفئة الأكشن مع مزيج من المغامرة والدراما.