لا يلقي كثير من الأتراك بالا للأنباء الصادرة من هنا وهناك بخصوص التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا المستجد أو قرب التوصل إليه، وإنما يُعدّون أنفسهم لحرب طويلة الأمد معه.
ويحرص بعض الأتراك إلى جانب اتباع الإجراءات الوقائية الاعتيادية من كورونا على تناول بعض الوصفات الشعبية التي يؤمنون بأنها تقوي أجسامهم، وتعزز مناعتها.
ويعد عصير اللفت الحار وحساء الكوارع والعود الهندي والسمّاق، في مقدمة تلك الوصفات التي لاقت مؤخرا إقبالا، لما تحمله من فوائد كثيرة.
عصير اللفت الحار
“صديق اللحم” هو اللقب المعروف لعصير اللفت الأحمر (الشلغم بالتركية)، حيث يفضل الأتراك شرب هذا العصير مع وجبات اللحوم المشوية المختلفة، ولكن بعد ظهور كورونا بات الإقبال على شربه غير مقترن بتناول اللحوم، وإنما يشربه الناس صغارا وكبارا.
يقول عادل إرصوي، صاحب محل “إرصوي للمخللات” في حي الفاتح المعروف في إسطنبول، إن فوائد عصير الشلغم الحار كثيرة أبرزها أنه مطهر للمعدة وقاتل للبكتيريا في الحلق أيضا، وهذا الأمر معروف لدى غالبية الأتراك حتى قبل ظهور كورونا لذلك يحرصون على شربه.
وأضاف إرصوي، وهو يملأ كأسا من عصير الشلغم من مبرّد يضعه أمام محله ليناوله لأحد الزبائن، أن عصير الشلغم الحار المضاف إليه الجزر الأسود والخمائر الطبيعية يحوي مضادات أكسدة وفيتامينات ومعادن مختلفة، ولذلك يعمل على تعزيز مناعة الجسم، مما زاد الإقبال عليه مع ظهور فيروس كورونا وعدم وجود علاج له حتى اليوم.
ولفت أنه ورث مهنة بيع عصير الشلغم في محله أبا عن جد، حيث إن المحل افتتح منذ عام ١٩٦٢، وهو يجلب أفضل أنواع عصير الشلغم والمخللات خاصة من ولاية أضنة التي تشتهر بصناعتها، وتعد أيضا المستهلك الأكبر لها.
وهو يحمل كوبا من عصير اللفت الحار، قال الشاب التركي محمد يلدريم “أشرب عصير الشلغم عند إرصوي بشكل شبه يومي، وآخذ منه أحيانا كثيرة لعائلتي، لما هو معروف عنه من فوائد لتطهير الحلق الذي يعد المستقبل الأول لفيروس كورونا كما نسمع، ونلجأ للشلغم لأنه طبيعي وسعره في متناول الجميع، إلى جانب طعمه اللذيذ”.
حساء الكوارع
تنتشر في تركيا بكثرة المطاعم المتخصصة بتقديم أطباق حساء الكوارع، وهي تشهد إقبالا كبيرا من الزبائن، ومع ظهور كورونا ازداد هذا الإقبال.
وقال عمر فاروق مدير أحد المطاعم في إسطنبول للجزيرة نت، إن حساء الكوارع والأمعاء معروف -ومنذ القدم- أنه يقوي الجسم فعندما يبذل الشخص مجهودا كبيرا مثلا، أو يكون رياضيا يحتاج إلى طاقة كبيرة لجسمه، ينصحه الآخرون بتناول هذا الحساء لما يحتوي عليه من معادن وفيتامينات.
وأشار إلى أن حساء الكوارع وجبة شعبية في تركيا، ويحوي بشكل أساسي مادة الكولاجين المهمة جدا لتقوية وتجديد خلايا العضلات والعظام والبشرة، ولذلك يقبل عادة كبار السن على تناوله.
من جانبه قال أورهان علي أوغلو، أحد الزبائن في المطعم “الاهتمام بالتغذية والرياضة هو العامل الأساس لمقاومة أجسامنا لفيروس كورونا، لذلك أحرص على تناول حساء الكوارع بشكل أسبوعي، لما له من فوائد”.
وأضاف مازحا “بكل الأحوال هي وجبتي المفضلة، وإن لم تنفع ضد كورونا فمن المؤكد أنها لن تضر”.
العود الهندي يعالج التهابات البلعوم والحلق واللوزتين وفقا لأحد العطارين
العود الهندي والسمّاق
إلى جانب عصير الشلغم وحساء الكوارع، حرص بعض الأتراك أيضا خلال فترة أزمة كورونا على تناول بعض النباتات والأعشاب مثل العود (القسط) الهندي والسماق.
يقول أحمد شهاب -وهو عطّار سوري يعمل في سوق “مالطا” الشهير بإسطنبول- “شهدنا إقبالا على العود أو القسط الهندي بشكل أكبر بعد ظهور كورونا، وعلى الرغم من سعره المرتفع -حوالي ٣٠٠ ليرة تركية للكيلو (أي ما يعادل ٤٠ دولارا)- إلا أن استهلاكه بكميات قليلة، أي بالغرامات يجعل منه متاحا لشريحة جيدة من الناس”.
وأوضح، أن العود الهندي يعمل على علاج التهابات البلعوم والحلق واللوزتين لما له من فوائد مطهرة، وكذلك يعالج ذات الرئة، ويوسع القصبات الهوائية.
ولفت العطار إلى أن طعم العود الهندي حاد وغير محبب، لهذا يتحايل البعض على ذلك بوضعه داخل كبسولات بعد طحنه وتناوله، والبعض الآخر يقوم باستخدامه كبخور واستنشاقه، والمهم في ذلك الحصول على فوائده الكثيرة.
وأضاف أن السمّاق يأتي بعد العود الهندي في زيادة الإقبال خلال أزمة كورونا، لما يحويه من مضادات للأكسدة والالتهابات، حيث يساهم في تطهير الجهاز التنفسي ومحاربة البكتيريا والفطريات في الأنف، ولما له من فوائد أخرى عديدة.
عصير اللفت متوفر في معظم المحال وبأشكال وأحجام مختلفة
الرأي الطبي
وعلى الرغم من كل ما يشاع عن فوائد لهذه الأطعمة المذكورة، إلا أنه يبقى للطب الرأي الفصل، حيث يقول الطبيب التركي رائد بربندي -اختصاصي الأمراض الباطنية- “إن الطب عموما لا يعترف بأي من الأطعمة والأعشاب كعلاج، وإنما يعترف بالمستحضرات الكيميائية التي يتم إجراء أبحاث واختبارات وتجارب طويلة عليها وعلى مراحل”.
وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن منظمة الصحة العالمية أو أي من الجهات الطبية أو الصحية المعتمدة عالميا لم تعتمد حتى اليوم أي علاج أو لقاح لكورونا، وما تم ذكره من أطعمة أو أعشاب- بغض النظر عن مدى دقة ما يقال عن فوائدها- من الممكن أن ينضوي تحت ما يسمى بـ”الطب البديل”.
ولفت إلى أن الطب البديل، والذي تعد الصين رائدة له، من الصعب قياس أثره أو فاعليته خاصة أنه في غالب الأحيان تكون التجارب والأبحاث المقدمة فيه ناقصة أو غير مرضية للجهات الصحية المعتمدة.
ونبّه بربندي إلى أن بعض الأعشاب أو العقاقير العشبية قد تحمل أضرارا للجسم خاصة مع التعرض المستمر لها، لذلك لا ينصح بتناولها إلا بعد استشارة طبية.