يعالج الأطباء الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مرض كوفيد-19 باستخدام العديد من العلاجات، فما أبرزها؟ وما مدى أمانها؟ وما آثارها الجانبية؟
وفي تقرير نشرته صحيفة “لوبوان” (lepoint) الفرنسية، قال الكاتبان غويندولين دوس سانتوس وكارولين تورب إنه من المفارقات أن ترامب -الذي سخر من منافسه جو بايدن خلال المناظرة الرئاسية الأولى بينهما، بسبب ارتدائه الكمامة- أثبتت الاختبارات بعد يومين فقط أنه مصاب بمرض كوفيد-19.
ففي 2 أكتوبر/تشرين الأول، نُقل الرئيس الأميركي -الذي لطالما استخف بمخاطر فيروس كورونا خلال الأشهر الماضية- إلى المستشفى، بعد أن ثبتت إصابته بالفيروس، وتمت معاملته على أنه حالة حرجة بسبب تقدمه في السن ووزنه الزائد، على الرغم من أنه كان يعاني من بعض الأعراض الخفيفة فحسب.
وتشير المعطيات المتوافرة إلى أنه تم علاج ترامب بالعقاقير التالية:
1- الأجسام المضادة الاصطناعية
قبل دخوله المستشفى مباشرة، تلقى ترامب علاجا تجريبيا يعتمد على الأجسام المضادة الاصطناعية، وتسمى الأجسام المضادة الأحادية النسيلة، بناء على توصيات طبيب البيت الأبيض شون كونلي.
وهذه الأجسام المضادة الاصطناعية طوّرتها شركة ريغينيرون (Regeneron)، ويُطلق عليها “ريغن-كوف”(REGN-COV). وقال الكاتبان إنها حصلت على دعم من الحكومة الأميركية بحوالي 600 مليون دولار، ويتم اختبارها حاليا في مرحلة التجارب السريرية، لكن لا يوجد أي دليل في الوقت الحالي على فعاليتها في علاج مرضى كوفيد-19.
ويضيف الكاتبان أن هذه المضادات لم تحصل على الاعتماد الرسمي من وكالة الغذاء والدواء الأميركية، لذلك تلقاها الرئيس وفقا لقانون “الاستخدام الرحيم للأدوية غير المعتمدة”، وهو استثناء يحصل عليه عادة المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة تهدد حياتهم، ولا يملكون خيارات علاج أخرى.
ويتكون هذا العلاج من جسمين مضادين تم تصنيعهما في المختبرات، أحدهما مشتق من خلية بكتيرية بشرية، والآخر من فئران المختبر المعدلة وراثيا لتكون متوافقة مع البشر.
ووفقا لما أكدته شركة ريغينيرون في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، فقد أظهر العلاج نتائج واعدة خلال اختبارات أُجريت على 275 مريضا يعانون من أعراض معتدلة من كوفيد-19، حيث تقلصت خطورة الفيروس وتحسنت صحة المصابين بسرعة أكبر.
ويقول الدكتور ليونارد شلايفر المدير التنفيذي لشركة ريغينيرون -في لقاء مع شبكة “سي إن إن” (CNN)- إن “جهاز ترامب المناعي في سباق ضد الفيروس، وإذا انتصر الفيروس فستكون هناك عواقب وخيمة، لأنه يصنف من الحالات الخطيرة لأسباب مختلفة، مثل التقدم في السن. ومن خلال إعطائه هذه الأجسام المضادة، نأمل أن يحصل جهازه المناعي على دفعة كافية حتى يتمكن من التعافي تماما”.
وعلى غرار الأجسام المضادة الطبيعية، تتعرف هذه الأجسام المضادة الاصطناعية على العامل المسبب للمرض وتقضي عليه.
وتتميز هذه الأجسام بقدرتها على القضاء على الآثار الجانبية الناجمة عند نقل البلازما مباشرة من الأشخاص المتعافين إلى المرضى، وخاصة مخاطر الحساسية.
في المقابل، لا يستبعد العلماء أن هذه الأجسام التي لا يُعرف إلى الآن مدى فعاليتها في علاج كوفيد-19، قد تؤدي إلى الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، بسبب مهاجمتها جسم المريض بدلا من القضاء على الفيروس.
2- ديكساميثازون
وهو ستيرويد يتم التوصية به في الحالات الخطيرة من كوفيد-19، وتصاحبه مخاطر التعرض لآثار جانبية خطيرة تشمل التقلبات المزاجية والعدوانية والتشوش.
وقال فريق ترامب الطبي الأحد إن الرئيس بدأ تناول الديكساميثازون (Dexamethasone)، وهو ستيرويد عام طويل الأمد يستخدم على نطاق واسع لتقليل الالتهابات المرتبطة بأمراض أخرى. وبدأ الأطباء إعطاء ترامب الستيرويد بعد إصابته بانخفاض مستويات الأكسجين.
وكانت دراسة في يونيو/حزيران أشيد بها لكونها تقدما ملحوظا، أظهرت أن استخدام الستيرويد قلل من معدلات الوفيات بنحو الثلث بين مرضى الحالات الخطيرة من كوفيد-19 في المستشفيات.
ويستخدم الديكساميثازون لعلاج حالات خلل الجهاز المناعي والالتهابات ومشاكل التنفس وغيرها من الحالات، عن طريق خفض الاستجابة الدفاعية الطبيعية للجسم، والتي يمكن أن ترد بشكل مبالغ فيه مما يسبب حدوث مشاكل إضافية.
وتقول جمعية الأمراض المعدية في أميركا إن الديكساميثازون مفيد للمصابين بحالات حرجة أو حادة من كوفيد-19، والذين يحتاجون إلى أكسجين إضافي. لكن الدراسات تشير إلى أن العقار قد يكون ضارا للمصابين بحالات أخف من كوفيد-19، لأنه يمكن أن يثبط الاستجابة المناعية الطبيعية لديهم.
وقالت مؤسسة المايلوما الدولية إنه بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تشمل الآثار الجانبية مشاكل جسدية مثل عدم وضوح الرؤية وعدم انتظام ضربات القلب، بالإضافة إلى تغيرات في الشخصية.
3- ريمديسيفير
وفقا لبيان طبيب البيت الأبيض، فإن “الرئيس ترامب بدأ تناول عقار ريمديسيفير (Remdesivir) المضاد لفيروس كورونا”، وهو دواء تجريبي مضاد للفيروسات طورته شركة الأدوية الأميركية “غيلياد ساينسز” (Gilead Sciences) سابقا لعلاج فيروس إيبولا عام 2015.
وفي البداية، حقق العقار نتائج واعدة في الدراسات لعلاج إيبولا، وتم طرحه لاحقا في الكونغو الديمقراطية، لكنه فشل في النهاية كعلاج فعال.
وأظهرت نتائج تجربة سريرية أجريت على أكثر من ألف شخص، أن مرضى كوفيد-19 الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي، قد تحسنوا بنسبة 31% أسرع عند تلقي هذا العلاج، وفقا للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة.
وهذا العقار يحاكي الأدينوزين، وهو أحد كتل البناء الأربع للحمض الريبوزي (RNA)، وعندما يقوم الفيروس بدمج عقار ريمديسيفير في جينومه بدلا من الأدينوزين، فإنه يصبح غير قادر على التكاثر، فريمديسيفير يخترق الحمض النووي الريبوزي الفيروسي، ويقضي على الفيروس.
ووفقا لشركة “غيلياد ساينسز”، فإن العقار يستخدم في الحالات المتقدمة عندما يصل المريض لمرحلة الالتهاب الرئوي الحاد، وانخفاض مستويات الأكسجين التي تتطلب تدخلا طبيا.
وأكدت التجارب التي أجريت حتى الآن أن المرضى تعافوا من الالتهاب الرئوي، ولم يعودوا بحاجة إلى دعم الأكسجين، وخرج بعضهم من المستشفى بعد 14 يوما.