تخيل أن تكون خائفا من الخلود إلى النوم كل ليلة، وألا تعتبر سريرك مكانا للاسترخاء والراحة، ولكن مصدرا للخوف. هذا ما يحدث إذا كنت تعاني السمنوفوبيا أو رهاب النوم.
في تقريرها الذي نشرته مجلة “بيست هيلث” (Best Health) الكندية، قالت الكاتبة جيسيكا ميغالا إن النوم أمر حيوي لصحة الدماغ وفقدان الوزن وقلب قوي، حيث أن تجنب الذهاب إلى الفراش بصفة متكررة يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على صحتك.
إليك ما يقوله الخبراء عن أسباب الخوف من النوم وكيفية تخفيف هذا القلق الشديد.
أسباب قلق النوم
ذكرت الكاتبة أن الخوف من النوم قد لا يكون مصطلحا رسميا، ولكن يمكنك التفكير فيه على أنه حالة مشتقة من الأرق، وذلك حسب قول الدكتورة فيرجينيا رونكو، أخصائية طب النوم السلوكي وطبيبة نفسية في واشنطن العاصمة.
وتضيف رونكو أن “الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم يرون كيف يؤثر ذلك عليهم خلال النهار، وبالتالي فإن التفكير في كيفية انقضاء الليل يسبب القلق.. إن الليالي التي لا تنام فيها هي تجربة مروعة، ولا أحد يريد أن يمر بها”.
ومع ذلك، من المهم معرفة أنه نظرا لأن القلق من النوم هو رهاب، أو خوف غير عقلاني، فإن هذا عادة ما يسبب اضطرابا في الأنشطة اليومية، ويمكن أن يكون له تأثير خطير على الصحة العقلية.
يتجسد القلق حين تخشى الذهاب إلى الفراش؛ لأنك تفكر في كل ما عليك القيام به في اليوم التالي
هل هو قلق أم أرق أم رهاب؟
نقلت الكاتبة عن الدكتور مارتن سيف، طبيب نفسي إكلينيكي متخصص في علاج القلق، أن معرفة الطريقة الصحيحة لعلاج الخوف من النوم يعتمد على تحديد المشكلة الجذرية. وفيما يلي بعض الاحتمالات:
القلق أو اضطراب القلق العام: يدخل عقلك في حالة من القلق عندما تكون بمفردك، أو تكون لديك مخاوف لا تتناسب مع الواقع، مثل الخوف من اقتحام منزلك رغم أنك تعيش في مجتمع آمن، أو الخوف من الموت أثناء نومك عندما تكون شخصا سليما.
القلق التوقعي: يوضح سيف أن هذا القلق يتجسد حين تخشى الذهاب إلى الفراش؛ لأنك تفكر في كل ما عليك القيام به في العمل في اليوم التالي.
مشاكل في العلاقات: أنت لا تريد أن تأوي إلى الفراش لمشكلة ما مع شريك الحياة.
الأرق: ستجد نفسك منشغلا بكمية النوم التي تحصل عليها؛ لأنك تشعر كما لو كان عليك النوم لتقديم أداء جيد في اليوم التالي.
الرهاب: تظهر الأبحاث أن الخوف من النوم يمكن أن ينبع من شلل النوم المتكرر، وهي حالة تكون فيها مستيقظا؛ ولكن لا تستطيع الحركة مؤقتا. قد يكون لديك أيضا هلوسات في الوقت نفسه، والتي يمكن أن تكون مزعجة للغاية، وفقا لدراسة نُشرت عام 2016 في مجلة “كورنت سليب ميديسن ريبورت”. قد تكون الكوابيس الشديدة أيضا وراء رهاب النوم.
عوامل الخطر الناجمة عن القلق
أشارت الكاتبة إلى أن المعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس أيضا قد تجعلك أكثر عرضة للإصابة برهاب النوم. تشير بعض التقديرات إلى أن ما يصل إلى 96% من الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة يعانون من كوابيس، وقد تحدث عدة مرات في الأسبوع، وذلك وفقا لوزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية؛ لذلك، ليس من الصعب تخيل أن الناس قد يعانون من رهاب النوم بسبب الخوف من الكوابيس.
كذلك، فإن جائحة كوفيد-19 هي من أسباب ارتفاع الكوابيس في الوقت الحالي. تقول رونكو “يعاني الكثير من الناس من أحلام مقلقة وسلبية للغاية”. إذا كان الأمر كذلك، فإن التحدث إلى المعالج يمكن أن يوفر الدعم الذي تحتاجه للتعامل مع أفكارك وتجاربك ومخاوفك.
علاج قلق النوم
أوردت الكاتبة أنه إذا كان لديك قلق بشأن الذهاب إلى الفراش في محاولة لتجنب ممارسة الجنس مع شريكك، فإن زيارة مختص في العلاقات قد يكون الحل الأمثل. من جهته، يقول الدكتور سيف إنه يمكن مجابهة الأرق بفضل إستراتيجيات مثل عادات النوم الصحية أو التثقيف النفسي حول النوم.
إذا كنت تعاني من القلق أو الرهاب، فغالبا ما يوصى بالعلاج المعرفي السلوكي. إليك ما تحتاج معرفته حول كل خيار من خيارات العلاج:
الخطوة الأولى في علاج رهاب النوم الناجم عن الأرق هو العلاج المعرفي السلوكي
العلاج مقارنة بالدواء
تقول رونكو إن الخطوة الأولى في علاج رهاب النوم الناجم عن الأرق هو العلاج المعرفي السلوكي. قد يُطلب منك أولا إعداد جدول نوم محدد، ستحصل أيضا على أدوات تساعدك على الشعور بثقة أكبر عند الذهاب إلى الفراش، بما في ذلك تمارين الاسترخاء أو إعادة صياغة الأفكار السلبية الخاصة بوقت النوم.
غالبا ما تزيد الأفكار المتصاعدة من حدة رهاب النوم، مثل “لن أتمكن أبدا من النوم وبعد ذلك لن أكون قادرا على العمل، وسأفقد وظيفتي”. في هذا الصدد، تقول رونكو “إن كبح هذه الأفكار والتعامل معها بشكل مباشر يمكن أن يكون مفيدا”. يمكن أن يساعدك المعالج في تطوير هذه المهارات.
من جهتها، توصي الكلية الأميركية للأطباء باستخدام العلاج المعرفي السلوكي للأرق علاجا أوليا لاضطراب النوم قبل وصف الدواء. إذا لم يكن العلاج المعرفي السلوكي للأرق كافيا، عندها يُنصح الأطباء بالنظر في إضافة دورة علاج قصيرة الأمد بالأدوية لمعالجة الأرق، والتي قد تشمل بعض مضادات الاكتئاب، كما وجد بعض الناس أيضا أن الميلاتونين مفيد في علاج قلق النوم.
العلاجات المنزلية
نصحت الكاتبة بالتخطيط لفترة انتقالية بين وقت الاستيقاظ والذهاب إلى الفراش. حيال هذا الشأن، يقول الدكتور أليكس ديميتريو، طبيب معتمد مختص في الطب النفسي وطب النوم في مينلو بارك (كاليفورنيا)، إنه إذا كانت مخاوفك تتراكم قبل النوم فيمكنك تدوين أفكارك في يوميات، وستلاحظ أنها تميل إلى التحسن في غضون 20 أو 30 دقيقة، ولتكون هذه الطريقة فعالة، عليك أن تكتب بطريقة صادقة وحقيقية، عليك التعمق وكتابة مخاوفك وتفاصيل الأشياء المظلمة التي تبقي عقلك مشغولا.