ما أبرز العلامات على وجود مشكلة في الكبد؟ وما مرض الكبد الدهني؟ وما أسبابه؟ وكيف نحافظ على صحة الكبد؟ الأجوبة في هذا التقرير.
يعد الكبد عضوا حيويا في جسم الإنسان، إذ إنه يعمل كمحطة تنقية للسموم، لكن من المحتمل أن يعجز في بعض الأحيان عن أداء وظائفه الرئيسية. في هذه الحالة، يرسل لنا الجسم بعض الإشارات المبكرة التي تحذرنا من وجود خلل وظيفي.
وفي مقال نشرته مجلة “سانتي بلوس” (Santeplus) الفرنسية، تقول الكاتبة لورانس أويكنين إن الكبد يضطلع بأكثر من 500 وظيفة أساسية، تشمل إنتاج العصارة الصفراوية واستقلاب البروتينات والكربوهيدرات والحديد والكوليسترول وتخزين الفيتامينات والمعادن. ويتمثل أهم دور للكبد في تنقية الدم من الفضلات والسموم.
وجراء اتباع عادات غير صحية، في روتين الحياة اليومي أو في نوعية الغذاء، يمكن أن يصاب الكبد ببعض الأمراض الخطيرة، مثل تليف الكبد أو التهاب الكبد أو الكبد الدهني أو سرطان الكبد.
وحسب الكاتبة، فإن الجسم يبدأ بإرسال إشارات تحذير عندما تحدث مشاكل وظيفية في الكبد، ومن المهم جدا الانتباه إليها واستشارة الطبيب في الحال قبل الوصول إلى مرحلة الخطر. فما أبرز تلك الإشارات؟
1- حكة وألم في الجلد
من شأن تراكم السموم أن يخلق شعورا مزعجا في جميع أنحاء الجسم، ذلك أن عجز الكبد عن تصريف السموم يُسبّب آلاما وحكة في الجلد.
وأوضح البروفيسور باتريك مارسيلين، أخصائي أمراض الكبد ومدير فريق أبحاث المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي بمستشفى بوجون في بارين، أن “هذا يحدث على وجه الخصوص عندما لا يستطيع الكبد معالجة العصارة الصفراوية، مما يسبب انتشار الحمض الصفراوي في الدم وينتج عنه حدوث التهابات صغيرة في الأوعية الدموية، تُسبّب بدورها حكّة في الجلد”.
2- ثقل في المعدة
يمكن أن يحدث الشعور بثقل في المعدة -حسب الكاتبة- عند وجود خلل وظيفي في الكبد. ويمكن للفحص السريري تحديد ما إذا كان المريض يعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي أو في الأمعاء أو في الكبد.
3- فقدان الوزن بشكل مفاجئ
من المحتمل أن يكون فقدان الوزن المفاجئ ودون أسباب واضحة، مع فقدان الشهية، مؤشرا على مشاكل صحية، منها تليف الكبد. ينبغي معالجة الأمر بسرعة لأنه يمكن أن يؤدي إلى سرطان الكبد.
4- الشعور المستمر بالإرهاق
تؤكد الكاتبة أن الشعور بالإرهاق بشكل مستمر مؤشر على وجود خلل خطير في وظائف الكبد. حسب البروفيسور مارسيلين، يمكن أن نلاحظ في هذه الحالة تراجعا في طاقة الجسم وعدم الرغبة في ممارسة أي نشاط، وأحيانا الاكتئاب.
5- النزيف المتكرر
وفقًا للجمعية الفرنسية لدراسة أمراض الكبد، تشمل هذه الحالة وجود دم في القيء، ودم أسود أو أحمر في البراز، ونزيف في الأنف أو اللثة، بالإضافة إلى كدمات متكررة.
الثوم والبصل
أكدت الكاتبة أن الحفاظ على صحة الكبد والجسم بشكل عام يتطلب اتباع أسلوب حياة صحي، مع ضرورة الانتباه إلى الإشارات التي يُرسلها الجسم، والتي يمكن أن تكشف عن أمراض خطيرة.
وتحذر الكاتبة من شرب الكحول، كما تنصح بشرب كوب واحد من القهوة يوميا، ومن الأفضل أن يكون خاليا من السكر.
وتشدد الكاتبة على التقليل من تناول الأطعمة التي تحتوي كميات كبيرة من السكر، وتناول المكسرات بدلا عنها.
كما تؤكد على فوائد إضافة الثوم والبصل إلى الوجبات، حيث تساعد مركبات الكبريت على إطلاق الإنزيمات وطرد السموم من الجسم.
ما الكبد الدهني؟
يعد مرض الكبد الدهني من الأمراض الصامتة الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. ويشير اسم هذا المرض إلى التراكم المفرط للدهون في الكبد.
وأوضحت البروفيسورة إلكه رويب، رئيسة قسم الجهاز الهضمي بمستشفى جامعة جيسن وماربورغ (University Hospital of Giessen and Marburg) في ألمانيا في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أنه “وفقا لهذا التعريف فإنه يشير إلى تراكم الدهون بأكثر من 5% من خلايا الكبد، ولا يوجد حد أعلى ثابت”.
وعادة ما يفرق الأطباء بين الكبد الدهني غير الكحولي، والكبد الدهني الكحولي الناجم عن شرب الخمر.
بالنسبة للكبد الدهني غير الكحولي، تعتبر متلازمة التمثيل الغذائي هي السبب الرئيسي لإصابة 3 أرباع الأشخاص المصابين بالكبد الدهني غير الكحولي، وتشمل زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم وزيادة مستويات الدهون والسكر في الدم.
وترجع الإصابة بالكبد الدهني لدى ربع المصابين به إلى أسباب أخرى، مثل العوامل الوراثية أو الإصابة بأمراض معينة، أو بسبب عدم ممارسة الأنشطة الحركية في المقام الأول.
ويصاب ربع إلى ثلث الأشخاص في الفئات العمرية المختلفة بالكبد الدهني، ويتزايد هذا الاتجاه حاليا.
وأضافت البروفيسورة الألمانية إلكه رويب “بغض النظر عن طبيعة النظام الغذائي فإن الجلوس لفترات طويلة ونمط الحياة غير النشط يزيد من خطر الإصابة بالكبد الدهني”. ويسري ذلك أيضا على الأشخاص الذين يعانون من النحافة.
ومن ضمن الأسباب الجديدة تماما الاستهلاك المفرط للفركتوز الذي يتم إنتاجه صناعيا، والذي يوجد غالبا في المشروبات.
المخاطر والعواقب المحتملة
أوضحت البروفيسورة إلكه رويب أن الكبد الدهني البسيط لا يشكل خطورة، إلا أنه لا يتوقف عند هذا الحد في أغلب الأحيان، حيث يؤدي إلى الإصابة بالتهابات.
وهنا يتحدث الأطباء عن الإصابة بالتهاب الكبد الدهني، الذي قد يؤدي إلى الإصابة بتليف الكبد، وهو ما يعني زيادة في الأنسجة الضامة، وما ينجم عنه من تليف الكبد أو ظهور الندبات على نطاق واسع، وفي هذه الحالة لن يعمل الكبد بصورة سليمة، ولن يكون بمقدوره القيام بمهمته في تخزين السموم وتحويلها وإزالتها، وفي المراحل المتقدمة يتطور تليف الكبد إلى الإصابة بسرطان الكبد.
وأشارت إلكه رويب إلى أن سرطان الكبد يمكن أن يظهر في المراحل المبكرة من المرض، حيث قد تحدث الإصابة بسرطان الكبد في حالة الكبد الدهني غير الكحولي حتى من دون الإصابة بالتهاب الكبد الدهني أو بتليف الكبد، وليس على غرار الكبد الدهني الكحولي الذي يحدث فيه تليف الكبد أولا.
وإلى جانب العواقب المرتبطة بالكبد، يزيد التهاب الكبد الدهني من احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك خطر الإصابة بالأورام في جميع أنحاء الجسم.
وأوضح راينر جونتر، رئيس قسم أمراض الكبد في مستشفى كيل الجامعي في ألمانيا، أن الكبد الدهني قد يؤدي إلى حالات الطوارئ الطبية، وذلك عندما يتصلب الكبد ولا يسمح بمرور الدم من خلاله فيتراكم الدم أمامه، وهو ما يؤدي إلى توسيع الأوردة الدموية في المريء، وفي حالة حدوث نزيف يفقد المصاب الكثير من الدم بسرعة، وقد يتعرض لخطر حدوث نزيف داخلي يؤدي إلى الوفاة.
الأعراض والإشارات التحذيرية
للأسف لا تظهر أية أعراض للكبد الدهني، وأضاف الطبيب الألماني راينر جونتر قائلا “الكبد الدهني لا يسبب أية آلام”. كما أن النعاس خلال النهار لا يعتبر علامة على الإصابة بالكبد الدهني.
وأضافت إلكه رويب أنه عادة ما يتم تشخيص الإصابة بالكبد الدهني مصادفة، ويتم اكتشافه من خلال إجراء أشعة بالموجات فوق الصوتية على البطن، بالإضافة إلى إمكانية التعرف عليه من خلال اختبارات التصوير عند فحص قيم الكبد المرتفعة، علاوة على وجود طرق تشخيص خاصة أخرى.
علاج الكبد الدهني
يمكن مواجهة الكبد الدهني بشكل أساسي من خلال إنقاص الوزن وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي منخفض السعرات الحرارية. وأوضح الطبيب الألماني راينر جونتر “عادة ما تظهر النتائج خلال 6 شهور”.
ولا توجد حاليا أية أدوية أو عقاقير لعلاج الكبد الدهني، ولكن يتم علاج المضاعفات الناجمة عنه مثل دوالي المريء (Esophageal varices) من خلال الأدوية، كما يتم استعمال دعامة، وهي نوع من الأنابيب يتم إدخالها في الكبد. وفي حالة تلف الكبد بشدة بسبب التليف أو السرطان، فإن الخيار الوحيد في هذه الحالة يكون إجراء تدخل جراحي لزرع الكبد.
الوقاية من الكبد الدهني
يمكن للمرء الوقاية من الكبد الدهني من خلال اتباع نظام غذائي صحي متوازن لا يحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة، وأوضح الطبيب الألماني راينر جونتر أن السعرات الحرارية هي العنصر الحاسم في النظام الغذائي الصحي وليس الدهون.
وأضافت البروفيسورة الألمانية إلكه رويب أنه يتعين على الآباء توعية أبنائهم بشأن النظام الغذائي الصحي، وتقديم القدوة والمثال لأبنائهم في هذا الصدد، وأكدت أن المشكلة تكمن في أن الأطفال يتعلمون عن طريق القدوة، فلا يجوز للآباء مثلا الجلوس على الأريكة وتناول رقائق البطاطس ومشاهدة المواد الإعلامية على الأجهزة اللوحية حيث يقتدي الطفل بهذه الممارسات التي تكون لها عواقب وخيمة.