يفترض كثير من الأزواج أن إنجاب طفل سيقرب بينهم ويضيف استقرارا وألفة للعلاقة، لكن التجربة تكشف لهم غير ما كانوا يتوقعون.
وعادة ما تزداد الخلافات وعدم الاستقرار بين الأزواج بعد ولادة طفلهم الأول، وهو ما دفع باحثين لرصد العوامل التي تساهم في تطوير هذه المشاعر السلبية، والطرق التي يتعين على المقبلين على هذه الخطوة اتباعها لحماية زواجهم من طفلهم.
الرضيع الملك
تعاني الأمهات الجدد عادة من كم هائل من الضغوط النفسية والعصبية بسبب تغييرات الجسم والرضاعة الطبيعية والإرهاق الملازم لها، ويعاني الآباء من ضغط مادي بسبب متطلبات الطفل الجديد من حفاضات وتطعيمات وزيارات متكررة للطبيب.
وغالبا ما تتراجع احتياجات الأمهات بالنسبة إلى احتياجات الرضيع الذي يأخذ الأولوية على متطلباتهن وعملهن، فينغمرن في حياة الرضيع ومتطلباته إضافة إلى الأعمال المنزلية.
ويشعر الآباء أحيانا بالإهمال والعزلة حتى أنهم قد يرون في المولود الجديد نوعا من المنافسة نتيجة لذلك، وقد يصابون ببعض درجات الاكتئاب، وفي العادة تتغير عادات النوم وتقل ساعاته خلال الأشهر الأولى في المنزل بأكمله، وللأم بصورة خاصة.
على الزوج عدم توقع بقاء الأوضاع كما كانت عليه قبل إنجاب الطفل
المسؤولية مشتركة
لا يمكن أن يتوقع الزوج بقاء الوضع كما كان عليه قبل إنجاب الطفل، وبحسب “أباوت كيدز هيلث” Aboutkidshealth يمكن للزوج المساعدة بمحاولة تفهم مدى انشغال زوجته، وألا يتوقع تأديتها الأعمال الروتينية وأن يكون المنزل نظيفا، والطعام على الطاولة عندما يعود إلى المنزل من يوم عمل شاق، وبدلا من ذلك عندما يصل إلى المنزل عليه أن يسأل شريكته عن يومها، وكيف يمكنه المساعدة، ويعرض رعاية رضيعه بمفرده حتى تتمكن الأم من أخذ قسط من الراحة.
لكن يجب على الزوجين إدراك أنه بعد إنجاب طفل تصبح الحياة رغم حلاوتها مليئة بالرهبة والتحديات غير المتوقعة على طول الطريق، وعليهما مناقشة المخاطر والمشكلات المحتملة والاستعداد لها:
1- خفض سقف التوقعات
نتيجة التغيير المصاحب لإنجاب طفل يصبح الأمر أكثر صعوبة عندما تكون لدى الزوجين توقعات غير منطقية عن تقسيم الأعباء بينهما، وإيمان أحدهما بأنه يتحمل الجزء الأكبر من الأعباء.
بدورها، تؤكد سارة بيست اختصاصية علاج نفسي في معهد سيليني بمقال في مجلة “سيكولوجي توداي” Psychologytoday أن طبيعة المسؤوليات التي يتحملها الطرفان مختلفة، إلا أنها يمكن أن تكون بنفس القوة والضغط، والاعتراف بذلك يساعد على أن يكونا أكثر تفاهما مع بعضهما البعض.
وبحسب مقال في “فيري ويل فاميلي” Verywellfamily، يجب تقسيم رعاية الأطفال وإعداد الوجبات والأعمال المنزلية بطريقة تناسب الأسرة بغض النظر عما إذا كان الطرفان يعملان أو أن أحد الوالدين يخطط للبقاء في المنزل بدوام كامل، فمن غير الواقعي أن يتحمل أحد الوالدين جميع المسؤوليات.
على الأب عرض رعاية رضيعه بمفرده حتى تتمكن الأم من أخذ قسط من الراحة
2- خلق وقت للتواصل
قد ينخرط الأب والأم في المتطلبات الجديدة ويغفلان التواصل بينهما، وتشير بيست بمقالها في “سيكولوجي توداي” إلى أن أهم عنصر في علاقة الزوجين في تلك المرحلة هو البقاء على اتصال حتى لو كان الجلوس ومشاهدة فيلم معا.
وتوصي بالحديث والتعبير عما يفوت كل طرف، سواء التنزه أو السفر أو قضاء وقت معا، مؤكدة أن مشاركة الماضي وتخيل المستقبل مع الشريك طريقة رائعة للحفاظ على العلاقة الحميمة.
3- وضع إستراتيجية للنوم
تختلط ساعات ومواعيد نوم الأطفال حديثي الولادة، وهو ما يشكل ضغطا هائلا على الأم، خاصة إذا كان الطفل يعتمد على الرضاعة الطبيعية كل ساعتين.
ويعد اضطراب النوم ومقداره مصدر الخلاف الرئيسي بين الآباء الجدد، لذا يجب التخطيط جيدا لتلك الفترة وعمل إستراتيجيات لنوم كل طرف، وألا يتحمل طرف واحد عبء الأرق واضطراب النوم.
يمكن للوالد العامل الاستيقاظ مع الطفل في عطلات نهاية الأسبوع وترك الأم تأخذ قسطا من الراحة، وإذا كانت الأم ترضع طفلها طبيعيا فإنه يمكن للأب النهوض وتغيير حفاضات الطفل، وإذا كان الوالدان يعملان ويقومان بإطعام الطفل صناعيا فيمكنهما التناوب على النهوض معه.
4- إظهار التقدير
التقدير وإظهاره للطرف الآخر يعد وقود العلاقة الزوجية السعيدة، ويُنصح بإعطاء الشريك الطاقة لمواجهة يوم آخر من الأبوة والأمومة، وذلك من خلال شكره على ما يقدمه لك ولأسرتك الصغيرة، وإخباره بمدى حبك وتقديرك له، حتى ولو من خلال رسالة نصية فمن شأنها أن ترفع معنويات الطرف الآخر.
5- وضع روتين للطفل
يعتاد الصغار على الروتين سريعا، ربما ليس بشكل منتظم، لكن يصبح هناك إطار واضح ومحدد لمسار اليوم بالنسبة لهم.
وتؤكد الاختصاصية النفسية في شؤون الأطفال والعائلات شانا دونهاوزر أن الأزواج الذين يتبعون روتينا قويا لأطفالهم الصغار يميلون إلى الشعور بضغط أقل في علاقتهم الزوجية.
وتوضح في مقال على موقع “فاذرلي” Fatherly أن الجميع يستفيد من وضع روتين مبكر للطفل، فمن ناحية يفسح المجال للزوجين للتشارك وقضاء الوقت معا، ومن ناحية أخرى ينمو الأطفال -في الأغلب- بشكل أكثر تنظيما.