توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن السماح للأطفال بمشاهدة التلفزيون كثيرا يمكن أن يصيب الآباء “بمزيد من التوتر” بسبب قوة تأثير الإعلانات التجارية على النزعة الاستهلاكية لأطفالهم، وفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
وقام فريق من الباحثين من جامعة أريزونا بدراسة، شملت أكثر من 430 من آباء لأطفال تتراوح أعمارهم بين عامين و12 عاما، لرصد عادات مشاهدة الأطفال للتلفزيون ومستويات التوتر لدى الآباء وأسبابها.
نتائج عكسية
ووفقا لنتائج الدراسة، كلما طالت الفترات التي يشاهد فيها الأطفال التلفزيون، زاد عدد الإعلانات التي يشاهدونها، وبالتبعية ترتفع احتمالات طلبهم الحصول على المنتجات التي تحفز الفواصل الإعلانية على شرائها.
كما يعتقد الباحثون أنه يمكن للوالدين التخفيف من هذا الارتفاع في قوة الإزعاج الإعلاني الاستهلاكي عن طريق إيقاف تشغيل التلفزيون ومناقشة النزعة الاستهلاكية مع أطفالهم.
إلى ذلك تبرز نتائج الدراسة أن اتجاه الكثير من الآباء المعاصرين إلى ترك أطفالهم أمام التلفزيون لمنح أنفسهم فترة راحة يؤدي إلى نتائج عكسية.
مستويات مرتفعة من التوتر
ويقول الباحث الرئيسي في الدراسة، ماثيو لابيير، إن الأطفال يتعرضون لإغراءات الإعلانات، ويطلبون من والديهم المزيد من الأشياء، مما يولد الصراع، مشيراً إلى أنه لم يسبق دراسة مدى التأثير المحتمل على الوالدين بشكل مستفيض من قبل.
كما يضيف لابيير أنه من المعروف أن الأطفال يطلبون أشياء تتسبب أحياناً في حدوث خلافات، لكن تتركز فرضية الدراسة على طرح سؤال حول إمكانية أن يتسبب هذا الأمر في إصابة الوالدين بالتوتر بشكل عام، وكانت الإجابة التي تم التوصل إليها أنه يمكن بالفعل أن يحدث وبمستويات مرتفعة.
تقليل أو منع مشاهدة التلفزيون
إلى ذلك يشير لابيير إلى أن هناك بعض النصائح التي يمكن للوالدين اتباعها، ولعل أكثرها وضوحا هو الحد من وقت الشاشة، موضحاً أن “المحتوى التجاري موجود لسبب وهو هو تحفيز سلوك الشراء، وبالتالي إذا زاد الأمر وتحول إلى مشكلة فربما يكون إيقاف تشغيل التلفزيون أحد الحلول في نهاية المطاف، على الرغم من أن النطق بهذه التوصية أسهل بكثير من العمل بها”.
ويلفت إلى أن خيارا آخر يمكن للوالدين تجربته، خاصة أن الإعلانات الموجهة للأطفال تتزايد في فترة الأعياد، وهي التفكير في كيفية التحدث مع أطفالهم حول النزعة الاستهلاكية.
3 طرق للتواصل مع الأطفال
في إطار الدراسة، قام الباحثون بتقصي نتائج وفعالية ثلاثة أنواع من طرق التواصل المرتبط بالنزعة الاستهلاكية بين الوالدين والطفل.
كانت الطريقة الأولى هي..
“التواصل التعاوني”، والتي تتضمن أن يقوم أحد الوالدين بإشراك الطفل في اتخاذ قرارات شراء احتياجات الأسرة، على سبيل المثال، أن يقول للطفل:
“سأستمع إلى نصيحتك بشأن منتجات أو علامات تجارية معينة”.
والنموذج الثاني..
فهو “اتصال التحكم”، أي أن يُظهر أحد الوالدين سيطرة كاملة في التفاعلات المتعلقة بالاحتياجات والمتطلبات الاستهلاكية بين الوالدين والطفل، مثل أن يقول: “لا تجادلني عندما أقول لا لن نقوم بشراء هذا المنتج”.
أما الشكل الثالث..
فكان “الاتصال الإعلاني”، أي عندما يتحدث الآباء إلى أطفالهم عن الرسائل الإعلانية، على سبيل المثال، ويشرحون الأهداف والوسائل مثل قول إن “الإعلانات التجارية ستقول أي شيء لتجعلك تشتري شيئا ما”.
التواصل التعاوني
وتوصل الباحثون إلى أنه بشكل عام يعد أسلوب “التواصل التعاوني” وسيلة مناسبة لتحقيق ضغط وتوتر أقل للوالدين. لكن مع الملاحظة أن التأثير الوقائي لـ”التواصل التعاوني” يتناقص مع زيادة بدء الأطفال في الشراء وتفجر السلوكيات القسرية، مثل الجدال أو الأنين أو نوبات الغضب.
كما استنتجوا أن كل من اتصالات التحكم والاتصالات الإعلانية كانت مرتبطة بمزيد من عمليات الشراء والسلوك القسري للأطفال، مما يشير إلى أن الانخراط بشكل أقل في تلك الطريقتين ربما يكون مفيدا.
لا مهرب من الإعلانات
ويقر لابيير بأن الاتجاه السائد إلى الاشتراك في منصات ووسائل الترفيه تسجل تغيرا ملحوظا، حيث لم يعد العديد من المشاهدين يتعرضون للإعلانات التقليدية التي يضطرون لمشاهدتها أثناء بث القنوات المفتوحة أو تليفزيون الكابل.
كما ينوه في الوقت نفسه إلى أن المعلنين لن يعدموا الوسيلة وسيتوصلون إلى طرق إبداعية للتغلب على ذلك، من خلال التكتيكات مثل وضع المنتج والعلامات التجارية بشكل مدمج في سياق المحتوى الإعلامي.
صناعة بمليارات سنويًا
ويلفت لابيير إلى حقيقة أن الإعلانات الموجهة للأطفال هي صناعة تقدر بعدة مليارات سنويا، مضيفا:
“بشكل عام، المزيد من التعرض لشاشة التلفزيون يعني مشاهدة أكثر لمحتوى تجاري”.
كما يقول إن الإعلانات التي تستهدف الأطفال على وجه التحديد، والتي غالبا ما تتميز بالكثير من الألوان الزاهية والموسيقى المبهجة والشخصيات البراقة، يمكن أن تكون مقنعة بشكل خاص، نظرا لأن الأطفال ليسوا قادرين تماما على الفهم بطبيعة الحال فيما يتعلق بمستويات النمو والنضج.
إلى ذلك يؤكد أنه “يتم صناعة إعلانات للأطفال لجعلهم يشعرون بالحماس، وتحفيزهم عاطفيا. ولأن الأطفال لا يتمتعون بالقدرات المعرفية والعاطفية التي تمكنهم من المقاومة تلقائيا، تكون هناك مشكلة خاصة عندما لا يتم الاستجابة لطلباتهم ورغباتهم”.