مهرجان مسقط … هل قدم تجربة ثقافية متوازنة؟

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الأحد,29 يناير , 2017 2:22م

آخر تحديث: الأحد,29 يناير , 2017 2:22م

[vc_row][vc_column][vc_single_image image=”5144″ img_size=”full” alignment=”center” style=”vc_box_circle_2″][vc_custom_heading text=”د.رجب العويسي” font_container=”tag:h4|text_align:center” use_theme_fonts=”yes”][vc_column_text]

تؤدي المهرجانات السياحية دورا مهما في تعزيز فرص التنوع الثقافي وترسيخ مداخله والاستفادة من طبيعة التطوير الحاصل في المنجز الثقافي العالمي في سبيل بناء مسارات أكثر تقنينا ومنهجيه في آلية المحافظة على التراث وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات العالمية في توظيف التراث والثقافة كرافد سياحي داعم، وهي تعبير عن التقاءالمشترك الإنساني في تقريب مفهوم الثقافة الوطنية للأجيال بروح تمتزج فيها الأصالة بالمعاصرة، ويقترب فيها تفكير الأجيال والشباب من تراث الأجيال، ويتناغم فيه حجم الاهتمامات بالتقنية والفضاءات الالكترونية عبر نقل صورة هذا المنجز الحضاري الثقافي والذاكرة الوطنية للعالم ليشهد جمال صنع إنسان هذا الوطن، وقوة تجربته وثرائها، ومهرجان مسقط ومنذ انطلاقته في تسعينيات القرن الماضي، كان فرصة لقراءة متجددة لتراث عمان، وتيسير التعاطي معه وتسهيل مفرداته، والمحافظة على تداوله وانتشاره، وتعميق حضوره في سلوك أبناء الوطن، فما زالت برامج أصالة والقرية التراثية، ترسم في الذهن خريطة المهرجان الثقافية، على أن الحديث عن ملامح التحول في التجربة الثقافية لمهرجان مسقط يرتبط بأمرين، الأول في اتساع المفهوم الثقافي والمفردات التي كانت حاضرة في المهرجان منذ تأسيسه، بما فيه من مفردات التراث المادي وغير المادي والحرف التقليدية المطورة والازياء العمانية والتراث الشعبي وعمليات الترويج الثقافي السياحي للبيوت الأثرية والقلاع والحصون والمتاحف، وإدخال مفردات ثقافية متجددة كأدب الأطفال والمسابقات والعروض ومشاركات المدارس والجامعات، والبرامج الاعلامية والقراءات التحليلية والحوارات مع المثقفين الوطنيين والعالمين والندوات المصاحبة والعروض والفنون الفلكلورية والتشكيلية ونماذج المعروضات الفنية في أشكال تعبيرية كالمخطوطات والكتب وتدشين الاصدارات الثقافية والمطويات وغيرها كثير، هذا التنوع في المنتج الثقافي وتعدده واتساعه وتفرده فيأنماطهواشكالهوتعبيراته، وعدم اقتصاره على لون ثقافي واحد؛ عزز من فرص التجديد في التجربة الثقافية للمهرجان، وأعطى المواطن والمقيم والزائر أشكالا ثقافية متنوعة تحتويها البيئة العمانية، أما الأمر الآخر فيرتبط بالمراجعات والتقييمات والمعالجات وعمليات التجديد والتطوير في المهرجان، والبحث عن الابتكارية في النموذج الثقافي أدواته وآليات عمله، خاصة تلك التي شكلت هاجسا اجتماعيا في فترات سابقة، وتمت معالجتها في إطار شراكات مجتمعية وقناعات وحوارات أسهم المثقفون والمفكرون والكتاب وصناع القرار في إدارة محاورها وبناء أجندتها، والتي نشهد اليوم تجربة راقية نحوها في فهم البعد الثقافي وإدارة هذا الملف بطريقة تحترم المواطن وتقترب من قناعاته وتستجيب لتوقعاته في ظل الامكانيات، وهي تحولات أثبتت قدرة المهرجان على التكيف مع طبيعة الواقع الاجتماعي، وما يرتضيه السلوك الاجتماعي القيمي، واستيعابه لمفهوم التناغم الاجتماعي ومراعاة الذوق العام، وقدرته على بناء مسارات أوسع للشراكة مع المجتمع بكل فئاته، ورؤية التطوير المعززة بروح الشباب وقناعاته، والموجهة بمعايير الخُلُق والذوق، وكان من نتيجة هذا التكامل وتعدد الآراء والأفكار ووجهات النظر؛ أن برزت مناخات جديدة تجاوزت حدود المعتاد في البرامج أو الأنشطة الثقافية، عبر رصانة المادة الثقافية وتنوعها واستقطابها لبيوت خبرة وطنية وعالمية، وشخصيات مؤثرة وبيئات ثقافية تتناغم في محتواها وتتقاسم المشترك مع مرتكزات الثقافة العمانية، واتجهالحضور الشبابي فيها نحو ترسيخ روح التراث وهويته في نفوسهم والقناعة به كمدخل للتغيير وترسيخ منظومة الوعي والحوار والتعايش.
وعليه فإن قياس معيار النجاح مرتبط بما يمكن أن يقدمه مهرجان مسقط من تجربة ثقافية ثرية في محتواها الفكري، غنية بمعانيها القيمية والأخلاقية، بالشكل الذي يظهر فيه دور المواطن الواعي للمنتج الثقافي، القادر على إحداث التحول من خلال أنشطته وبرامجه، لبناءذاتهالمدركةلمتطلبات الواقع، والمتفاعلة مع احتياجاته في ظل رسوخ هويتها، وثقتها في التعامل مع مختلف الثقافات، مستوعبة لتحديات الواقع الثقافي ومتغيراته عبر امتلاكها المعرفة الجادة والثقافة الرصينة والفكر المعتدل، والممارسة الهادفة، التي تتولد منها ثقافة الوعي وتنطلق منها منهجيات الحوار، وتتناغم معها مفاهيم التنوع الثقافي والمؤتلف الانساني والمشترك القيمي، وهي موجهات بات على المهرجان المراهنة على حضورها في أجندته بكل قوة، بحيث تبقي كل البدائل والخيارات الايجابية الثقافية للمهرجان مفتوحة أمام المواطن، تعمل على استقطاب خبراته، وترصد أفضل ممارساته، وتنقل نطاق التفكير لديه، إلى بناء قناعات ايجابية بالبعد النفسي والاجتماعي والثقافي والفكري والاقتصادي والاستثماري والسياحي المرتبط بالتعامل مع هذا المنجز الثقافي، وما تمنحه له من شغف المعرفة والتطلع على عادات وأخلاقيات الشعوب وثقافتها الشعبية وقيمها ومبادئها التي أتته حاضرة إلى مسقط، لتتمازج في ظلها مخيلته وتسمو فيها ذاته، التي تنتقل للاختيار من بين واحات ثقافية متعددة وأزهار تراثية متنوعة في أروقة المهرجان.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: