من هو العالم المسلم الذي “تحدث 70 لغة”؟

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الأحد,6 مايو , 2018 7:42ص

آخر تحديث: الأحد,6 مايو , 2018 11:14ص

وكالات

كل من يقرأ سيرة الفيلسوف المسلم الفارابي، يمر بمعلومة أنه كان يجيد الحديث بـ 70 لسانًا، فما مدى مصداقية هذه المعلومة؟

لقد كان أبونصر محمد الفارابي عالماً فذاً ولقب بـ “المعلم الثاني”، حيث إن المعلم الأول هو الفيلسوف الإغريقي أرسطو، الذي عمل الفارابي على الاهتمام بمؤلفاته وشرحها والتعليق عليها.

النشأة والتعلم

ولد الفارابي في تركستان عام 260 هجرية، وكان والده قائدًا في الجيش، وتلقى تعليمه ببخارى وبغداد، حيث جمع الاهتمام بمعارف جمة من اللغة إلى الفلسفة والموسيقى والطب والرياضيات، ما أعطاه صفة العالم الموسوعي.

وشكلت كتاباته الفلسفية تمهيداً للكثيرين من بعده، ولعب دوراً في فصل اللاهوت عن الفلسفة.

وفي إطار اهتمامه بالموسيقى فقد ألف كتاباً بعنوان “كتاب الأغاني”، واخترع العديد من الآلات الموسيقية كما كان عازفًا مجيدًا يبكي ويطرب سامعيه بالعزف.

وسافر كثيرًا إلى أن انتهى به المقام بدمشق وتوفي بها عن ثمانين سنة، عام 339 هجرية الموافق 950 ميلادية.

ابن خلكان قصة الألسنة

يروى المؤرخ ابن خلكان أن الفارابي يتحدث 70 لسانًا، وهو ما شكك فيه كثير من الباحثين، لكن المعروف أنه كان يجيد التركية والفارسية واليونانية والعربية، نسبة لوجوده في بغداد التي شكلت ملتقى للثقافات في تلك الأزمنة.

ويورد ابن خلكان في كتابه “وفيات الأعيان” قصة يرد فيها ذكر مسألة الألسنة “إن أبا نصر الفارابي لما ورد على سيف الدولة، وكان مجلسه مجمع الفضلاء في جميع المعارف فأدخل عليه وهو بزي الأتراك، وكان ذلك زيه دائما، فوقف.

فقال له سيف الدولة: اقعد.
فقال: حيث أنا أم حيث أنت؟
فقال: حيث أنت.

فتخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه، وكان على رأس سيف الدولة مماليك، وله معهم لسان خاص يساريهم به قل أن يعرفه أحد.

فقال لهم بذلك اللسان: إن هذا الشيخ قد أساء الأدب، وإني مسائله عن أشياء إن لم يوف بها فاخرقوا به.

فقال له أبو نصر بذلك اللسان: أيها الأمير، اصبر فإن الأمور بعواقبها.

فعجب سيف الدولة منه وقال له: أتحسن هذا اللسان؟

فقال: نعم أحسن أكثر من سبعين لساناً، فعظم عنده”.

ويرى ابن خلكان أن الفارابي فرغ جزءًا من عمره لتعلم الألسنة، بإشارته إلى أنه بعد أن وصل بغداد، كان يعرف اللسان التركي وعدة لغات غير العربي، “فشرع في اللسان العربي فتعلمه وأتقنه غاية الإتقان”، ومن ثم اشتغل بعلوم الحكمة.

المدينة الفاضلة

لقد ركز الفارابي على مفهوم السعادة في حياة الإنسان، واستطاع من خلال معرفته بالفلسفة اليونانية وأفكاره الخاصة وأسفاره أن ينشئ مذهبه في هذا الإطار.

وقد اشتهر الفارابي عند الكثيرين بمدينته الفاضلة، التي توازي المدينة الفاضلة عند أفلاطون، وفي مدينة الفارابي، فإن أهلها يبحثون عن السعادة التي يطلبها جميع الناس عن طريق العقل.

ليخلص لنا إلى أن فكرة السعادة مرتبطة بالعقل والوعي والإدراك، وأن الجاهل لن يكون سعيدًا.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: