لا تظلموا أوطانكم

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الأحد,19 فبراير , 2017 5:15م

آخر تحديث: الأحد,19 فبراير , 2017 3:35م

[vc_row][vc_column][vc_single_image image=”5144″ img_size=”full” alignment=”center” style=”vc_box_circle_2″][vc_custom_heading text=”د.رجب العويسي” font_container=”tag:h4|text_align:center” use_theme_fonts=”yes”][vc_column_text]

 

أوطاننا حياتنا، أمننا، استقرارنا، سعادتنا، طريق نجاحاتنا، سبيل تقدمنا، منهج عملنا، مسار وحدتنا، غراس حبنا، أبلغ كلمة، وأعمق معنى، وأعظم بوح، وأصدق ترنيمه، به نتنفس الحياة، ونعيش الأمل، ونبلغ الحلم، ونسابق المجد، ونستحضر الموهبة، ونستلهم الابداع والابتكار، ونرتقي الثريا، ونحتكم العدالة، ونلتزم النظام، ونهتدي إلى الحق، وهل هناك أبلغ من الأوطان قدرا، وأعظمها منزلة، وأجملها من نعمة، وأبلغها من مزية، هي الحصن والحضن، الأنس والجمال، الأمل والعمل، حياة القلوب المطمئنة السالكة درب النجاح، الماضية في مسلك التطوير، صفحة بيضاء ناصعة، وفضاءات من العطاء واسعة، وأنوار من الهدى والعلم والعمل ساطعة، ومبادئ للحضارة والتنمية متزنة، تتجلي في الوحدة والوعي والوئام والإنسانية.
فلا تظلموا أوطانكم بضعف ثقتكم في أنفسكم، وكثرة عيبكم على بعضكم، وسرعة أحكامكم على عوارض الممارسة، وقلة إدراككم لقيمتها في حياتكم، وانشغالكم عنها بإثارة مساوئ غيركم، إنها مسالمه في كل شيء، حريصة على حياة كل واحد منا، لن تتسبب في ظلم الناس فلا نظلمها، ولن تسيء لأحد، فلا نسيء إليها، بإجحافنا لحقها، وخيانتنا لأمنها، وأي خيانة أعظم من إثارة لكلمات في غير محمدة، وترويج لفكرة من أجل مفسدة، وتضييع للثروة وتغييب للإنجاز من أجل مفخرة، أو ممارسة قولية وفعلية عبر تغريدة أو ترنيمة أو تسلب حقها وتسيء لأمنها، وتحجيم قدرها، وتضييق تطورها وتشويه صورة انجازها، بدعوى حرية التعبير، وحق المشاركة في إبداء الرأي، وطريق معالجة الفساد، وسبيل ملاحقة المذنبين، وتوجيه الأنظار إلى بعض الثغرات التي تسببت فيها أيدي الناس، بمفهوم المقارنات السالبة وترويج المعالجات الوقتية وإضاعة قيمة المبادئ والأسس الوطنية بجملة من الشعارات الاعلامية البراقة والسلوكيات الفردية الوقتية، فاحتسب المقارنة فرصة للحاق بالآخر وما درى أنه يملك في وطنه ما لا يملكه غيره وأن تلك الشعارات لا تعدو سحابة صيف أخذت على عاتقها البحث في كثرة الأصوات وتصفيق التويتريّون والفيسبوكيّون ، وهي لعمري مقارنات تحجب الحق وتضيع المعروف وتنم عن ضعف الوعي والشعور بالمسؤولية، لنكّف ألسنتنا عن التنقيب عن الشواذ لنضعها شماعة نحّمل الوطن خطأنا فيها، نحن من يقرر كيف ننتصر للتغيير وكيف نقرأ ممارساتنا، وكيف نبني مستقبل أوطاننا ، وكيف نتعايش مع غيرنا، وكيف نستطيع أن نكون مواطنين ناجحين فاعلين قادرين على الوفاء لأوطاننا، مستمدين ذلك من عظم قدرنا وقوة حضارتنا وسمو ثقافتنا وعمق تأريخنا وصدق سياستنا وتسامح منهجنا، مدركين لأهمية الحب بيننا، منطلقين من مبدأ فلنقل خيرا أو لنصمت، لن تصنع الأوطان كثرة الأحاديث عن عيوب الآخرين، أو اشغال النفس بمهاترات الرد على بعض المتنكرين، أو إشعال شبكات التواصل الاجتماعي والسناب شات بتغريدات المتفيقهين لجعلها محور التغيير، إننا نفقد بذلك جماليات أوطاننا، ونتخلى عن تضحيتنا ووحدتنا، ونتملص من مهامنا ومسؤولياتنا.
لا تظلمو أوطانكم، فهي أعظم نعم الله عليكم، حياتكم التي تنبض بالأمل، بالحب، بالسعادة، كونوا خير حافظين لحماها، عارفين بحقوقها، مدركين لعطائها، مجاهدين لنهضتها، منطلقين لخدمتها، خير شاهد على منجزاتها، صادح بحبها، شادٍ بترانيمها، بالحب مؤتلفة، وبالإنسانية مشتركة، خير من يفتح قلبه وعقله ليعيش الوطن في كل تجلياته، ويفتح نوافذ الأمل في كل أروقته، وينظر للجمال في كل اغصانه وزواياه، لنصنع من أجل أوطاننا عقد وفاء واتفاق، يجنبنا الشطط ويبعدنا عن مسالك الزلل، ويرقى بذاتنا عند أي سلوك يثير في أنفسنا الريبة وعدم الثقة، وأعجب كل العجب من الذين يخلطون الأوراق، ويقرأون المفاهيم بالمقلوب، يساومون على الأوطان بميزان الربح والخسارة، ويتعاملون معها بحسب المنفعة والمصلحة، ويبيعونها في مزاد الحوافز والمكافآت، ويقرؤونها في ظلم فلان وأرض فلان وشركة فلان ومنصب فلان، أو يقيسون ولاءها في تسعيرة وقود ، أو ارتفاع في مواد الاستهلاك، أو زيادة رسوم الخدمات أو يحكمون عليها في ظل قرارات فردية، وأحكام قد تكون أقرب للشائعات وأبعد عن الحقيقة، فتصبح الأوطان في قاموسهم بلا أخلاق وهدرا للقيم والمروءات.
لا تظلمو أوطانكم، فلم تمنع عنكم ترقية، أو تزيد عليكم تسعيرة، أو تسيء إليكم في سلوك، لا تضيعوها في معيار المقارنات أو تنتزعون منها عظم التضحيات، أو تحاكمونها لبعض القرارات، أو تسلبوها حقها من الكرامات والاستحقاقات، أو أن نقحمها في نقاشاتنا ومجادلاتنا وهفواتنا واشاعاتنا، نحن من يحق أن تحاكمنا الأوطان، وتستبدل بنا غيرنا ومن هم خير منّا، عندما ضعف ضمير المسؤولية لدينا، وغلبت نزعة الذاتية على أداء مسؤولياتنا، وقصّرنا في واجباتنا التي ائتمننا وطننا عليها، حتى أُوهم المواطن أن الوطن هو من يريد ذلك، فبربكم كونوا لوطنكم مخلصين، حامدين شاكرين، عالمين عاملين، صادقين مؤتمنين، راقين غيورين، حالمين طموحين، تنالوا الخير وتنعموا بالفضل وتكتسوا الصحة وتهنئوا بالأمن، وتعيشوا الحب، وتتأملوا الجمال، فهي لا تبغي منا سوى الكف عن مزالقنا، ومنع مساوئنا، لأننا بذلك نظلمها حقها، ونسيء إليها وإن برّرنا قصدنا، فلنكن لتصرفاتنا مبصرين، ولسلوكنا واعين، ولبعضنا محترمين، ولفكرنا مهذبين، ولقناعتنا موجهين، ولسعادتنا محققين. إنّ الأوطان حياة تتأثر بسلوك أبنائها، تقوى بقوتهم، وتتطور بوعيهم، وتتحقق أهدافها بتكاتفهم وتعاونهم، وتنهض بعظيم صبرهم وحكمة إرادتهم، فكونوا لها بلسما يزجي عبيره الأرض خيرا وسلاما، وشموخا يصل مداه الثريا نورا وأمانا، كونوا لأرضه خير حافظ، ولقيمه خير مبلّغ، ولإنجازاته خير شاهد، يؤتكم ربكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: