متحف السعيدية…شاهد إثبات

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الأربعاء,22 فبراير , 2017 3:09م

آخر تحديث: الأربعاء,22 فبراير , 2017 3:09م

[vc_row][vc_column][vc_single_image image=”5144″ img_size=”full” alignment=”center” style=”vc_box_circle_2″][vc_custom_heading text=”د.رجب العويسي” font_container=”tag:h4|text_align:center” use_theme_fonts=”yes”][vc_column_text]

 

بين سطور متحف السعيدية التعليمي وأرصدة مفرداته الفكرية والمعرفية والتعليمية، وذائقته الجمالية المزينة بمذكرات العلم ومداد القلم، محطات اختصرت مشاهدها الزمن، تحكي قصة حضارة  أمة وجدت في التعليم معطفها الذي تستلهم منه قيمة وجودها، مواقف تتجاوز الوصف بما تحمله من دقة تصوير المشهد، وعظم قوة المعنى، وعمق البحث في واقع مليء بالتضحيات والتحديات وقلة البدائل، فكان التعليم نافذة الأمل الذي فتح أبواب المستقبل، واستوعب تلك الأحداث والمنعطفات والمواقف، تناغمت فيه مفرداته مع كل المبادئ والنظريات التربوية والتعليمية والإنسانية، اقتربت من الإنسان وارتبطت بحياته اليومية وتعايشت مع كل ظروفه ومتغيراته، فكانت مدارس القرآن الكريم والكتاتيب مشاعل نور، اتخذت من ظلال الشجر وبيوت مشايخ العلم ومنازل السلاطين والأئمة والتجار والقلاع والحصون والمجالس( السبلة) العامة والخاصة وغيرها، طريقها لنشر رسالته وتعظيم مورده.

 

إن متحف السعيدية وهو يرصد حلقات هذا التناغم بين الإنسان العماني والتعليم والعمل، إنما يبني في النفس فرصا أكبر لقراءة هوية التعليم في عمان، وحجم التقدير الذي يكنه إنسان هذا الوطن  للتعليم ومنظومته، ويقرّب إلى الأذهان حجم المنجز التعليمي والتحديات التي رافقت نهضة التعليم، ليقترب منه بشكل أكبر عندما يُمعن النظر ويقف وقفة اجلال وولاء وعرفان  لمن قاد مسيرة الخير في مشاهد تحكي عظمة الإنجاز، التي أسسها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ، وهو يراقب منجزات التعليم  وينظر في مشكلاته ويتابع أنشطته ويلتقي بمعلميه ويحاور طلبة العلم ويقرأ لهم ويتفاعل معهم في مواقف صفية متنوعة، في أحلك الظروف وأصعب الأوقات وأبعد الأماكن، وهو في شغل دائم وعمل مخلص دؤوب، يبني لهم  أحلام المستقبل ويفتح لهم نوافذه، ويؤسس فيهم معاني الإباء، ويصنع لهم أدواته القائمة على العلم والعمل، ويستشرف من خلالهم ما يحتاجه التعليم من جهد ومثابرة وحرص ودخول في الواقع وانتقال بين المواقع، وهو السر الذي استوعب كل أشكال التحول في منظومات الإنسان الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية والموارد البشرية وغيرها، واستطاعت خلاله نهضة عمان إدارة ملف التعليم  في أرقى صوره وأعمق أهدافه وأوسع مساراته ومساحات انتشاره وأبعاد تطوره في فترة زمنية قصيرة، في منجز تعليمي يصعب حصر مجاله أو اختصار مساره أو إقصاء مداه  او استقصاء محتواه  ، لتشكل بدورها مفردات تعليمية ثرية تجاوزت كل وصف وتفوقت على كل تقدير وتبوأت موقعها العالمي في دقة مبادئها وسمو منطلقاتها وتوازن مناهجها.

 

لم يعد متحف السعيدية في قاموس التحولات المعاصر مجرد معرض يرصد تأريخ التعليم في عمان، بل منظومة حضارية اجتماعية ثقافية تعليمية استوعبت كل جماليات المفردة التعليمية العمانية، وأسست لها هويتها وخصوصيتها ومسارات عملها وأساليب التعليم والتعلم ومنهجيات الإدارة وموجهات التطوير وأسس الرقابة وأساليب المتابعة وأنظمة التقييم ، وما أبرزته من قيمة التطوع والمسؤولية الاجتماعية في التعليم والوقف التعليمي، تؤسس لاستراتيجيات إدارة منظومة التعليم، وتتيح الفرصة لاستجلاء واقعه، واستنباط أدوات التغيير وتلمس طرق البناء التي تحتاج للوقوف عليها اليوم في وضع الخطط الاستراتيجية للتعليم والسياسات والبرامج التعليمية، وتقرأ في سطور محتوياته مسيرة الإنسان العماني ورغبته في التعليم وحرصه عليه، إنها مفردات حية تتسم بالاستمرارية والتجديد، وتبض بالحيوية والعطاء، ماثلة في كل مشهد، حاضرة في كل منجز، تضع القائمين على التعليم أمام مسؤولية البحث عنها بين مفردات المتحف ومشاهده ومواقفه وصوره وأدواته وانشطته ونماذجه وتعبيراته، ليشكل متحف السعيدية بيت خبرة لكل من أراد أن يقرأ التعليم في عمان ويستوعب تحدياته وفرصة وتطوراته وتوجهاته ومناهجه وأساليبه وأنظمته ورؤية القيادة فيه، بل لكل أولئك الذين يستخدمون لغة المفاضلة والمقارنات السالبة في التعليم ليجدوا فيه بغيتهم لنيل الحق وبلوغ الحقيقة والاعتراف بالمنجز وتقدير الانجاز واحترامه، إنه بذلك  ذاكرة  حضارية لأجيال عمان، وشاهد إثبات على تنوع المفردة التعليمية العمانية.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: