المحيط الأطلنطي في أقصى قمة جنوبية في أفريقيا بارد جداً، لدرجة أنه يبعث شعور الاحتراق إذا ما لامست مياهه بشرتك. ورغم ذلك، لا يزال يغوص كريغ فوستر داخل المياه المتجمدة كل يوم، دون ارتداء أي بذلة غوص أو معدات غطس، محاولاً استكشاف مملكة المياه الضخمة.
من لا يعرفه قد يصفه بأنه متهور، إذ أن جرأته ليست جديدة أبداً، حيث كان صانع الأفلام قد غاص في الماضي مع تماسيح النيل في دلتا أوكافانغو في بوتسوانا، وسبح أيضاً مع أسماك القرش البيضاء الكبيرة. ولكن خلال السنوات الـ8 الماضية، حوّل فوستر اهتمامه كلياً إلى غابة أعشاب بحرية تحت الماء، في الساحل الغربي لجنوب أفريقيا، حيث يقضي أيامه ويتعقب الكائنات البحرية.
اليوم، نشر فوستر كتاباً عمل عليه مع زميله الغواص، روس فريلينك، يوثق مقابلاته القريبة مع هذه الكائنات الحيوانات البرية.
ويتطرق كتاب “تغيّر البحر: السعادة البدائية وفن التعقب تحت الماء”، إلى العديد من تجارب فوستر تحت الماء، مثل تجربته أحد المرّات عندما لمس سمكة قرش قطي على أنفها، لتهدأ بعد ذلك وتجلس بين يديه. كما يشرح الكتاب أيضاً عن تجربة أخرى، حيث قامت سمكة الراي اللاسع بوضع أجنحتها الصدرية حوله لبضعة ثوان مخيفة، وفي حادثة أخرى حين قام ثعلب مياه أفريقي بلمس وجهه.
ورغم كل ما يشهده من تجارب داخل عالم البحار، يقول فوستر إنه لا يخشى المخلوقات الكبيرة التي تترأس غابات البحار، إذ يقول في مقابلة مع CNN: “بالتأكيد، الأمر مخيف إذا لم تكن تتوقع وجود سمكة قرش بيضاء كبيرة أمامك والمياه ضبابية. ولكن، حتى أكون صادقاً، ليس هناك ما يثير الشعور بخوف كبير من الحيوانات، فهي ليست خطرة”.
كما يضيف فوستر أنه تعرض لعدد من الحالات الخطرة داخل البحار، قائلاً: “لقد اقتربت جداً من الموت عدة مرات، لكنني، لم أقترب أبداً من الموت بسبب سمكة قرش. دائماً ما يكون السبب رمية من موجة ضخمة، أو اصطدام بصخرة، أو الوجود في كهف بعمق المياه”.
ويقول فوستر إنه في رحلاته هذه يهتم أكثر بالتهديدات المتعددة التي تواجه غابات الطحالب، مثل التلوث الكيميائي والبلاستيكي، والصيد غير المشروع، وتعدين المحيطات، وتغير المناخ.
ويطمح فوستر من خلال عمله أن يرفع نسبة الوعي المتعلقة بحماية ما يسميه “الغابة البحرية الأفريقية العظيمة”، والتي تمتد من كيب تاون في جنوب أفريقيا، إلى ناميبيا.
ويعتقد فوستر أنه إذا استطاع أن يجعل الآخرين يفكرون بالغابة البحرية هذه كواحدة من بين عجائب الدنيا الطبيعية، مثلها مثل الحاجز المرجاني العظيم مثلاً، فسيُلهمون حينها للحفاظ عليها.