الأنف هو العضو المسؤول عن حاسة الشم، وهو يعمل أيضًا كجزء من الجهاز التنفسي بالجسم. وقد يعتقد كثير من الناس أن نمو جسدهم بكافة أعضائه يتوقف في نهاية العشرينيات من عمرهم. إلا أن العلم أثبت أن بعض أجزاء الجسم يصبح حجمها أكبر، حتى بعد توقف نمو باقي أعضاء الجسم بالكامل. فإذا كنت قد شاهدت أفراد الأسرة الأكبر سنًا على مر السنين أو نظرت إلى المرآة، فقد تشك في أن الأنف واحد من تلك الأعضاء التي تنمو باستمرار في وجهك.
وفي الواقع، تستمر أنوفنا في النمو مع تقدمنا في العمر، وذلك بسبب التغيرات التي تحدث في الأنسجة الرخوة والعضلات ومرونة الجلد والغضاريف التي تشكل الهيكل الأنفي الأساسي. وعلى عكس العظام، يستمر الغضروف في النمو مع مرور الوقت.
ولكن، ما سبب هذا الاستمرار في النمو؟ وهل لذلك آثار صحية؟ هذا ما سيحاول هذا المقال مناقشته والإجابة عليه.
• ما يخبرنا البحث العلمي به
فحصت عدة دراسات التغيرات التي تحدث في الأنف بين أفراد العديد من المجموعات العرقية المختلفة، وقد نشرت إحدى هذه الدراسات في مجلة الطب الشرعي الدولي. حيث كانت تبحث الدراسة في التغيرات الخاصة التي تحدث لدى الناس من أصل صيني أو هندي أو ماليزي أو من أوروبا الوسطى وكذلك الأميركيين من أصل أفريقي، وتقيّم مدى تغير الأنف مع تقدم العمر.
وقد أظهرت الدراسات طويلة الأجل والبيانات التي تم التوصل إليها أن كبار السن يميلون إلى أن يكون لديهم أنوف أكبر من الأفراد الأصغر سنًا من نفس الجنس أو السكان الإثنيين. وهذا الاتجاه لا يزال قائمًا بين معظم الجماعات العرقية التي شملتها الدراسة.
وقد كتب الباحثون في مركز أبحاث التشريح الوظيفي (FARC) في ميلانو، أن الأشكال المتغيرة للأنوف لها أهمية خاصة بالنسبة للجراحين التجميليين الذين يحاولون تصحيح تغيرات الوجه المرتبطة بالعمر من خلال عمليات تجميل الأنف.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد علماء الطب الشرعي على بيانات دقيقة عن ملامح شيخوخة الوجه في جهودهم للتعرف على ضحايا الجريمة، وتجميع البيانات من بقايا الهيكل العظمي والصور العمرية للأشخاص المفقودين.
ولتحديد كيفية تغير حجم الأنف على مدى العمر، أجرى الباحثون تحليلات ثلاثية الأبعاد لصور ما يقرب من 900 مشارك في الدراسة من القوقاز تتراوح أعمارهم بين 4 و73 عامًا. ثم قاموا بفحص العديد من “معالم” الأنف مثل: طول الأنف وطول الجسر وطول الخياشيم، وبروز طرف لنسبة ارتفاع الأنف، وعرض الأنف، وزوايا الطرف. ثم قاموا بفرز البيانات حسب العمر والجنس.
• كيف يتغير الأنف مع تقدم العمر
وفقًا لتحليلات الباحثين، تأثرت جميع القياسات بشكل كبير بتقدم العمر، مثل زيادة حجم الأنف والمساحة والبطانة. وبعبارة أخرى، وجدوا أن الأنف يكبر مع مرور الوقت. والنتيجة الأخرى الثابتة هي أن زاوية طرف الأنف – الزاوية التي تم إنشاؤها على طول جسر الأنف، حول الطرف إلى المسافة العمودية أعلى الشفة العليا – تتناقص، ما يعني أن الأنف يميل إلى الالتفاف نحو الفم مع تقدم العمر.
أي أن أنفك يكبر مع تقدمك في السن، كما أنه يبدأ بالتدلي نتيجة الجاذبية الأرضية له. ومن الشباب إلى الشيخوخة، يكون نمو الأنسجة الرخوة الأنفية أكبر ويحدث في وقت مبكر بالنسبة للفتيات المراهقات مقارنة بالأولاد في العمر نفسه. ويزيد ارتفاع الأنف أكثر، ويتضاعف من الولادة إلى عمر 20 عامًا أو نحو ذلك.
وبشكل عام، يكون للذكور أنوف أكبر من الإناث، لكن يبدو أن الأنف ينمو بشكل أسرع قليلًا عند البنات مقارنة بالبنين عند مقارنة القياسات على مدى العمر. بالنسبة للإناث من 3 إلى 4 سنوات، كان حجم الأنف المتوسط حوالي 42 في المائة من الحجم الذي بلغه في سن البلوغ المبكر أو من 18 إلى 30 عامًا. وبالنسبة للذكور، كان متوسط الحجم حوالي 36 في المائة.
ومع وصول الشخص البالغ إلى عمر 30 عامًا أو نحو ذلك، يتباطأ نمو الأنف إلى حد كبير. لكن بين سن 50 و60 عامًا، يزداد حجم الأنف لدى الرجال بنسبة 29 بالمائة؛ وفي النساء 18 في المائة.
• لكن، لماذا يستمر أنفك في النمو؟
يتكون الأنف من الجلد، الأنسجة اللينة، الغضروف والعظام. وتنمو العظام من خلال البلوغ وتتوقف. لكن يتغير الجلد مع تقدمنا في العمر؛ حيث يصبح ضيقًا عندما نكون شبابًا، ثم يمتد ببطء ويتدلى مع تقدمنا في السن. والغضروف هو الذي يستمر في النمو، وعندما ينمو غضروف الأنف، فإنه يتسع ثم يتدلى بتأثير الجاذبية الأرضية، وهذا هو السبب الذي يجعلك أحيانًا ترى أشخاصًا كبارًا جدًا يعانون من أنوف كبير ومنتفخة.
وقد يبدو الأمر مخيفًا بعض الشيء، أليس كذلك؟ ولكن قبل أن تقلق من أنك قد تتحول إلى نسخة تشبه ساحرة مخيفة، هناك بعض الأسباب التي تجعلك تسترخي:
1- أن التغيير على الأنف لن يكون ملحوظًا كما تعتقد.
2- لا يملك الكثير منا ما يستطيع فعله حيال ذلك، باستثناء عملية تجميل الأنف الجراحية.
أمر آخر يجب أن ندركه له دور في ظهور الأنف بحجم أكبر مع التقدم في العمر. إنها المناطق المحيطة بالوجه، مثل الخدين والشفتين، حيث إنها تفقد حجمها بمرور الوقت. والنتيجة هي ظهور الأنف أكبر حجمًا مقارنةً بها.
• لنفهم أكثر عن الغضاريف
الغضروف هو نسيج ضام يأتي في ثلاثة أشكال: زجاجي، ومرن، وليفي. المكونات الثلاثة الرئيسية لجميع أنواع الغضاريف هي: الخلايا التي تسمى خلايا الغضروفية، وألياف الإيلاستين، والمواد المصفوفة بين الخلايا. ويكمن الاختلاف بين الأنواع الثلاثة في أنواع ألياف البروتين وكمياتها.
إذًا.. لدينا ثلاثة أنواع من الغضاريف:
1- الغضروف الزجاجي
وهو يحتوي (المعروف أيضًا باسم المفصل أو الهيالين) على جزيئات بروتينية كبيرة، مثل الكولاجين، التي تكوّن مصفوفة. هذه المصفوفة هي المادة السائدة في الغضروف الزجاجي. وهو الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء الجسم، فهو موجود في مفاصلك وعلى حافة أضلاعك. وهو أيضًا النوع المسؤول عن شكل الأنف الكبير الخاص بك.
2- الغضروف المرن
وهو يحتوي على كميات كبيرة من نفس مادة المصفوفة مثل الزجاجي، ولكن مكونه الرئيسي هو الألياف المرنة التي تمنحه المزيد من المرونة. وهذا النوع من الغضاريف هو المسؤول عن كِبَرْ حجم أذنيك. ويوجد أيضًا في لسان المزمار الخاص بك (الشريحة التي تمنع طعامك ومشروبك من النزول في رئتيك)، وفي الأنابيب بين أذنيك وفمك، والتي تسمى أنابيب أوستاش Eustachian tubes.
3- الغضروف الليفي
وهو الغضروف الذي يحتوي على حزم ليفية من الكولاجين، مثل تلك الموجودة في الأقراص الفقرية في النخاع الشوكي. وعلى عكس التركيب الموحّد للغضاريف الزجاجية، فإن الألياف في هذا النوع من الغضاريف تكون أكثر انفتاحًا ولها بنية تشبه الإسفنج. وهذا يجعلها مثالية لامتصاص الصدمات. ونعثر عليها بين الفقرات الخاصة بك، وفي مفاصل ركبتك وكتفيك والفك السفلي.
• هل من تأثير صحي لكبر حجم الأنف؟
إن الأنسجة الموجودة داخل أنفنا – والمعروفة باسم الأنسجة المخاطية – قد تفقد بعض مرونتها، وبالتالي يصبح الأنف أكثر رطوبةً وأكثر نعومة مع تقدمنا في العمر، وقد يلاحظ أن المشكلة يمكن أن تزداد سوءاً لدى الشخص الكبير بالسن.
وبالنسبة لمعظم المرضى الأكبر سنًا، هذه الحالة يمكن علاجها في العيادة من قبل الطبيب. وهناك العديد من الإجراءات الجديدة التي تجرى في العيادة لتحسين الأنف وظيفياًًا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من انسداد الأنف الكبير أو من التنقيط.
• خلاصة القول:
إذا كنت قد تساءلت يومًا عن التغييرات الطفيفة جدًا التي تحدث على وجهك، فتأكد من أنك لست وحدك. فهناك الملايين من الناس الذين يجدون أنفسهم يحدقون في الصور الحديثة لهم أو في انعكاساتها في المرايا، في محاولة لمعرفة السبب الذي يجعل وجوههم تبدو مختلفة تمامًا عن مظهرهم السابق بعد تقدمهم في العمر. في الحقيقة، يستمر غضروف أنفك في النمو والتحول ببطء في حجمه مع مرور الوقت. أي لم يعد أنف شبابك هو أنفك مع تقدمك في العمر.
لذلك، يجب أن ندرك أن استمرار نمو الأنف جزء طبيعي من الشيخوخة، وهذا يحدث لنا جميعًا.
نظرًا لأنه يحدث ببطء، فنادرًا ما تكون هذه العملية ملحوظة ولا تؤدي عادةً إلى أي تغيير مهم حتى في سن البلوغ؛ أي فوق سن 60. بحلول ذلك الوقت، يكون معظم الناس متأقلمين مع بشرتهم. ولكن إذا غير الأنف – أو الوجه – مظهر الشخص بطريقة سلبية أو سيئة للغاية، فبإمكان الفرد دائمًا التفكير في الخيارات الطبية أو الجراحية.