Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the wp-hide-security-enhancer domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/tamol01/public_html/archive/wp-includes/functions.php on line 6114
يتيمة الدهر.. عندما انتعش الأدباء والشعراء في القرن العاشر الميلادي - أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

يتيمة الدهر.. عندما انتعش الأدباء والشعراء في القرن العاشر الميلادي

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الأربعاء,21 أغسطس , 2019 5:17م

آخر تحديث: الجمعة,1 مايو , 2020 1:55ص

يشعر الأدباء والشعراء والمثقفون اليوم بالقلق حول فرص العمل المحدودة وسبل كسب العيش، ويلجأ الكثير منهم إلى العمل في وظائف ومجالات أخرى، بينما يحظى القليل منهم فقط بفرص معيشة جيدة بعد أن تحقق أعمالهم الشعرية والأدبية شهرة واسعة.

غير أن ظروف الأدباء والشعراء المعيشية كانت مختلفة كثيرة في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين، إذ كانت طبقتهم تحظى بمكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة، وروى أبو منصور الثعالبي في كتابه “يتيمة الدهر في شعراء أهل العصر” عن موقع الأدباء المميز في بلاط الأمراء والحكام وارتباطهم المميز بمؤسسات الحكم والسلطان.

سوق العمل للأدباء القدامى

يعتبر “يتيمة الدهر” أحد أهم المصنفات الأدبية، وقد مزج فيه الثعالبي بين درر قرائح الشعراء والأدباء وأحوالهم المعيشية والشخصية، وكتب فيه عن الذين عاصروه أو سبقوه قليلا، ليغطي أخبار وأحوال حقبة زمنية تشمل القرن الرابع وصدر القرن الخامس الهجريين.

ويضم الكتاب عددًا كبيرًا من الشعراء والأدباء الذين انتشروا في رقعة واسعة من البلاد التي ازدهرت فيها الآداب والثقافة العربية من بلاد الشام والعراق وشمال أفريقيا والأندلس وحتى بلاد فارس وخراسان وما وراء النهر، ورسم صورة كاملة للحياة الأدبية في تلك البلدان وقتها.

وسعى شعراء وأدباء ذلك العهد إلى الدخول في بلاط الأمراء والحكام والوزراء أو الأسر النافذة والعائلات الكبيرة، ووجدوا فرصًا ووظائف متاحة وخيارات متعددة للعمل كمقربين للحكام أو موظفين متعلمين ذوي كفاءة، مستفيدين من تعدد المراكز وتحكّم سلالات مختلفة ومتنافسة في بغداد ودمشق والقدس والقاهرة والحجاز وأفريقيا والمغرب والأندلس بالعالم الإسلامي، وذلك حسب الأكاديمي اللبناني المختص بالأدب العربي بلال أورفلي.

بلاط الأمراء

حكم الإخشيد مصر في هذه الحقبة الزمنية الثرية، وكانت هناك سلالة الأغالبة الذين حكموا المغرب العربي وجنوب إيطاليا وصقلية ومالطا قبل أن يقضي عليهم الفاطميون الذين بنوا القاهرة، وامتد حكم العباسيين في بغداد وأفريقيا، والأمويين في الأندلس، بينما ظهر في القرن الحادي عشر الميلادي الغنزويون في بلاد ما وراء النهر وشمال الهند وخراسان، والمرابطون ومن بعدهم ملوك الطوائف في المغرب والأندلس.

ومع ذلك كانت المنافسة شرسة والفرص متباينة، حيث يوجد الموظفون الزائرون “الطارئون” وأولئك الذين أقاموا في بلاط الحكم لفترات أطول (المقيمون)، ورغب البعض في الحصول على وظيفة مستقرة في البلاط مثل منصب السكرتير أو كاتب المراسلات (ديوان الرسائل)، وأصبح بعض الشعراء ندماء للخلفاء والأمراء، بينما اعتمد آخرون على الهبات والعطايا والهدايا الموسمية بحسب دراسة الأكاديمي اللبناني المنشورة ضمن كتاب الشرق الأوسط في معهد الدراسات المتقدمة برينستون (1935-2018).

وظل أغلب الشعراء موالين لبلاط واحد وأمضوا معه معظم حياتهم، وأصبحت أسماؤهم مرتبطة به. وكان الأديب والناقد أبو الفرج الأصفهاني مؤلف كتابي “الأغاني” و”مقاتل الطالبين” يعمل كاتبًا ومقربًا من بلاط وزير الدولة البويهية أبو محمد الحسن المهلبي الذي صيره كاتبا له وجعل له حظوة كبيرة عنده.

أسوار نيسابور التي يكنى بها أبو منصور الثعالبي

قواعد العمل

غالبًا ما يخبرنا الثعالبي في كتابه “يتيمة الدهر” عما يهم الأمراء على وجه التحديد، وكيف اختاروا حاشيتهم من بين الذين تقدموا ليكونوا ضمن رجال البلاط، وتناول دور خطابات التوصية الذي يعد نوعًا قديمًا من امتحانات القبول والمقابلات الوظيفية وعروض العمل وغيرها.

ويشير الثعالبي إلى أنه كان يتم تأليفه الكتب وتكريسها للأمراء الذين يرعون الأدب والمعرفة، ويشرح الطرق التي تجري بها مكافأة الشعراء والأدباء على أعمالهم، وتعد معظم الروايات بمثابة قصص نجاح تشهد على موهبة المتسابقين وخلفياتهم وتشير إلى سخاء الأمراء مع رجال بلاطهم ورعايتهم للأدب والمعرفة.

وكان العالم الموسوعي والأديب الناقد القاضي الجرجاني متصلا بالصاحب بن عبّاد الذي ولاه قضاء جرجان ثم قضاء بالرّي، ثم عينه في منصب رئيس القضاء حتى وفاته.

واشتهر بلاط أمير حلب سيف الدولة الحمداني بأدباء كبار قربهم الأمير التغلبي وأغدق عليهم من عطاياه، ومنهم المتنبي وابن خالويه النحوي المشهور وأبو نصر الفارابي الفيلسوف، إضافة إلى ابن عمه أبي فراس الحمداني شاعر حلب الذي أصبح أمير الدولة الحمدانية فيما بعد.

فساد العلاقة

عندما تسوء العلاقة بينه وبين الأمير بفعل الوشاة أو التنافس، كان الأديب يهاجر إلى بلاط أمير آخر مثلما فعل المتنبي الذي تنقل من بلاط سيف الدولة بحلب -كان من أخلص خلصائه وأجازه الأمير بجوائزه قبل أن تقع الفجوة بينهما بفعل كارهيه ومنافسيه- إلى مصر، حيث مدح كافور الإخشيدي ثم تحول عنه وهجاه وغادر مصر عائداً إلى سيف الدولة في حلب مجددا، بينما مدح أمراء آخرين في بلاد الشام والعراق وفارس.

وطلب الأدباء الإذن من الأمير للمغادرة في حالات أخرى، مثلما فعل الشاعر البغدادي أبو طالب المأموني الذي تسبب الوشاة من ندماء الصاحب بن عباد في الإيقاع بينه وبين الأمير، فاستأذن للسفر وانتقل إلى نيسابور ثم بخارى.

ولاحظ فيلسوف وأديب القرن الرابع الهجري أبو حيان التوحيدي التحاسد والتنافس الحاد بين شعراء عصره، وتناول في كتابه “مثالب الوزيرين” تهافت الأدباء على بلاط الأمراء وحرصهم على العطايا والهبات، وسعيهم لنيل الحظوة والمكانة لدى الأمراء، مما ألهب روح المنافسة بين رجال الحاشية وأسهم في ازدهار الأدب والعداوات على حد سواء.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: