تزعم ميخائيلا بيترسون صاحبة مدوّنة “لا تأكل ذلك” أنها تمكنت من علاج نفسها من العديد من المشاكل، حين قررت اتباع نظام غذائي يعتمد على لحم البقر والملح والماء فحسب، والتخلي عن تناول الفواكه والخضروات والحبوب.
وأكدت أنه بفضل نظامها الغذائي، عولجت من أمراض مختلفة، على غرار فرط النوم والاكتئاب والقلق ومشاكل البشرة.
وفي تقريرها الذي نشره موقع ميديوم الأميركي، أفادت الكاتبة دانا سميث بأنه استنادا إلى التوصيات الغذائية المنصوص عليها، كان من المتوقع أن تنتهي حياة بيترسون والآلاف من أمثالها الذين يعتبرون من آكلي اللحوم بسبب نقص الفيتامينات أو أمراض القلب أو سرطان القولون أو الإمساك.
ومع ذلك -وفقًا لما يُنشَر في إنستغرام والمنتديات وبعض مواقع الإنترنت من عبارات على غرار “اللحم يشفي”- تظهر هذه الحمية قدرتها على شفاء هؤلاء الأشخاص. وحيال هذا الشأن، أكد متبعو هذه الحمية على أن التزام نظام غذائي لا يعتمد سوى على اللحوم ساعدهم على إنقاص الوزن، وعلاج أمراض متعددة مثل الاكتئاب والتعب وداء السكري وأمراض المناعة الذاتية وآلام المفاصل والأرق، بحسب تأكيدهم.
كيف؟
لكن عند هذا المستوى، يُطرح السؤال التالي: كيف يكون ذلك ممكنا؟ وماذا يحدث لأمعاء هؤلاء الناس وشرايينهم؟
في الواقع، لا تعتبر الحميات الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات والعالية الدهون أمرًا حديثًا، إذ تتفق العديد من الحميات -على غرار حمية نظام أتكينز، وحمية العصر الحجري، وحمية الشاطئ الجنوبي، والنظام الغذائي الكيتوني- على المبدأ ذاته المتمثل في الحد من الكربوهيدرات والحصول على السعرات الحرارية المتأتية من الدهون والبروتين.
في البداية، رفض الأطباء واختصاصيو التغذية بشكل قاطع هذا النظام الغذائي، ولكنه اكتسب في وقت لاحق رواجًا كبيرًا ودعمًا علميًا، ولا سيما أن النظام الغذائي الغربي الذي يقوم على السكر والأطعمة المعالجة قد تعرض لانتقادات شديدة.
ونقلت الكاتبة عن المختصة في التغذية بمركز الرعاية الصحية في “ستانفورد” إيمي ريزنبرغ، ، قولها إن الوجبات المنخفضة الكربوهيدرات تعتبر مفيدة في المساعدة على إنقاص الوزن بسرعة وتنظيم مستويات السكر في الدم، ومن المتوقع أن يوصي بعض الأطباء الآن بمثل هذا النوع من الحميات لعلاج داء السكري من النوع الثاني.
وأضافت أن من المحتمل أن أي فوائد صحية تنتج عن هذه الحميات الغذائية تعود أساسًا إلى قائمة الأطعمة التي تم التخلي عن استهلاكها، مثل الأطعمة المصنعة والخالية من السكريات.
في المقابل، يعتقد جراح العظام السابق مدرب الصحة وأسلوب الحياة حاليًا الدكتور شون بيكر، أن اللحوم تحتوي على شيء مميز.
ظل بيكر يتبع نظامًا غذائيًا يقوم على اللحوم لمدة ثلاثة أعوام، وينسب إليه فضل تحسين ارتفاع ضغط الدم لديه وتوقف التنفس أثناء النوم والارتجاع المعدي والحالة المزاجية والطاقة والقوة والأداء الرياضي والرغبة الجنسية.
وبحسب وجهة نظره، تعد اللحوم -وخاصة الحمراء- مصدرًا غذائيًا مثاليًا من الناحية العملية، إذ تحتوي على نسبة عالية من الدهون والبروتين والسعرات الحرارية، وعلى تركيز عال من العناصر الغذائية والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية الأساسية التي يحتاجها جسم الإنسان.
لماذا نتخلى عن تناول الفواكه والخضروات؟ يقول مؤيدو هذا النظام الغذائي إن العديد من النباتات تحتوي على مركبات قد لا يتحملها الأشخاص، ويمكن أن يؤدي الحد من تناولها إلى تقليل مستويات الالتهاب.
الرد على هذا الزعم هو أنه في حين أن بعض النباتات تحتوي على آثار السموم الطبيعية كجزء من نظامها الدفاعي، فإن كمية هذه النباتات المستهلكة في نظام غذائي طبيعي متوازن لا تكاد تذكر.
ولكن، طالما أن الشخص لا يعاني من حساسية ضد نوع محدد من الفواكه أو الخضر، فإن الفوائد الغذائية للخضر والفواكه الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات التأكسد، تفوق المخاطر الصحية بشكل كبير.
وتطرقت الكاتبة إلى أن ما لا يستطيع اختصاصيو التغذية مثل ريزنبرغ تقبله في هذه الحمية، هو نقص الألياف. وحيال هذا الشأن، قالت ريزنبرغ “في جميع الأبحاث الطويلة الأجل التي سبق إجراؤها، أجمع الباحثون في مجال التغذية على أن النظام الغذائي الذي يعتمد على النباتات يكون صحيا، في الغالب حيث إنه يعمل على علاج الالتهابات”.
ومع ذلك، خلافًا للدراسات والمقالات التي تتناول الفوائد الصحية للألياف، يعتقد بيكر أن “الألياف ليست عنصرًا ضروريًا للحياة. لا توجد حاجة لاستخدام الكيمياء الحيوية للحصول على الألياف”، مضيفًا أنه بالنسبة للكثير من الناس، تعتبر الألياف مصدر إزعاج للأمعاء، وأعتقد أنه حين تُستبعد من النظام الغذائي، فإن ذلك يساهم في الواقع في تحسين وظيفة الجهاز الهضمي”.
سرطان
وذكرت الكاتبة أن الألياف ليست المصدر الوحيد للخلاف، حيث يحتدم النقاش حول العواقب الطويلة المدى للنظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء.
وعلى مدى عقود، ربط العلماء اللحوم الحمراء ومستوياتها العالية من الدهون المشبعة بالكوليسترول وأمراض القلب والسرطان والوفاة المبكرة. ولكن، تدعي ورقات بحثية أن هذه المخاطر مبالغ فيها. فضلًا عن ذلك، ارتبط تناول اللحوم بتغير المناخ، إذ تنتشر مخاوف بشأن التأثير البيئي لحمية اللحم.
ولا يميل أغلب الأشخاص إلى التقيد باتباع حمية اللحم لمدة طويلة، وسيبدؤون تضمين الأطعمة الأخرى في نظامهم الغذائي بعد مرور بضعة أشهر. وفي هذا الخصوص، أوضحت ريزنبرغ أن أي فوائد قد يحصل عليها الأشخاص من مثل هذه الحمية المقيدة -ولا سيما فيما يتعلق بحساسية الطعام وفقدان الوزن- ستختفي بمجرد عودتهم إلى أنماط الأكل الطبيعية.
ويعتبر أغلب اختصاصيي التغذية أن أفضل نظام غذائي هو ذلك الذي يمكنك الالتزام باتباعه على المدى الطويل، مع الإجماع على أن الحمية الغذائية ينبغي أن تكون منخفضة السكريات والكربوهيدرات المكررة. إلكترونية