تشهد دول الخليج كسوفًا حلقيًا لأول مرة منذ 172 عامًا. ويظهر الكسوف تحديدًا في سلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، ويحمل اسم “حلقة النار”.
ويُعتبر الخسوف والكسوف وحركة الكواكب وغيرها من الظواهر الفلكية فرصة لمتابعة مجموعة من عجائب الطبيعة. وتُقام فعاليات لمتابعة هذه الظواهر وقت حدوثها.
إلا أنّ هذه الظواهر الفلكية لم تكن محل كل هذا الاحتفال والترقب قديمًا، فطالما ارتبطت بالعديد من الخرافات، نرصد بعضها هنا.
الخسوف “يقتل البابا”
في عام 1628، تنبأ فلكيون أن خسوف القمر المتوقع حدوثه سيكون مصحوبا بموت البابا أوربان الثامن، بابا الفاتيكان.
وتسببت هذه النبوءة بضجة سياسية كبيرة، إذ اضطر سفراء الفاتيكان إلى التأكيد بشكل مستمر على أن البابا بصحة جيدة.
وسببت النبوءة بلبلة في الرأي العام، فأصدر الفاتيكان مرسوما يُجرم مثل هذه النبوءات ونشرها.
وطال الخوف البابا نفسه، الذي أقام عددًا من الشعائر لطرد الأرواح الشريرة. وعزل نفسه في غرفة، علّق فيها أثوابًا بيضاء، وأضاء الشموع، ورش الخل، واستعان بعناصر أرضية كرموز للكواكب والأجسام السماوية الأخرى، مثل الأحجار والنبيذ.
ومر الخسوف بسلام وعاش البابا، لكن هاجس الخسوف ظل يطارده ويطارد من خلفوه على مدار مئات السنين.
ويرتبط الخسوف في التراث الديني بخروج الأرواح الشريرة والشياطين، واقتراب نهاية العالم.
حتى أن مارتن لوثر، مؤسس العقيدة الإنجيلية الذي رفض الاعتراف بأساطير الفلك، قال إن الخسوف والكسوف “نُذّر شؤم وشر، كولادة طفل مشوه”. كما كان على قناعة بأن الخسوف والكسوف يتكرران بوتيرة أسرع في زمانه، واعتقد أن هذا ينبئ باقتراب نهاية العالم.
إفساد الطعام
كما ساد الاعتقاد قديما بأن الأرواح الشريرة التي تخرج أثناء خسوف القمر تُفسد طعام البشر، وتُسبب عُسر الهضم وأمراض المعدة.
وامتنع الناس عن الطعام والشراب أثناء هذه الظواهر الكونية، خشية أن يصيبهم مكروه.
كما اتجهت بعض الثقافات لتغطية الطعام بأوراق الأشجار، مثل ورق أحد أنواع الريحان الذي اعتُبر مقدسًا وطاردًا للشرور.
أجنة مشوهة
التزمت النساء الحوامل ببيوتهن أثناء فترات الخسوف والكسوف، إذ ساد الاعتقاد بأن الخروج في هذا الوقت أو التعرض للضوء قد يضر بهن وبالأجنة في أرحامهن.
وتراوح الضرر ما بين الإعياء والإصابة بالأمراض، وصولًا إلى تشوه الجنين، وأحيانًا الإجهاض.
كما يمكن أن يصيب الخسوف الطفل بلعنة تلازمه طوال حياته.
ومُنعت النساء الحوامل كذلك من استخدام أو مسك السكين وأي آلة حادة، لأنها قد تُحدث علامة في جسد الجنين.
وبشكل عام، راج اعتقاد بأن تعرض الإنسان لجرح أثناء الخسوف والكسوف يزيد من النزيف، ويجعل الجرح غائرًا، ويزيد من الوقت الذي يحتاجه للالتئام، وأحيانًا تظل علامة الجرح موجودة في رقبة المصاب طوال حياته.
زيادة الحسنات والسيئات
اعتقد سُكان التبت أنه وقت حدوث الكسوف والخسوف، تتضاعف كل من الحسنات والسيئات التي يفعلها الإنسان.
واعتبر البعض الظاهرتين فرصة للتخلص من الذنوب عن طريق الاغتسال والتطهر.
ولجأ البعض إلى الاستحمام في وقت الخسوف أو الكسوف لتُزال عنهم الذنوب والطاقة السلبية، ويصلوا إلى الخلاص.
كذلك أقامت بعض الثقافات والديانات شعائرًا للاغتسال في الأنهار للتطهر من الذنوب.
خلاف بين الشمس والقمر
إحدى أشهر الأساطير وأكثرها ارتباطًا بقصص الأطفال هي أن الكسوف والخسوف يحدثان نتيجة خلاف (وأحيانًا عراك) بين الشمس والقمر، وتكون الغلبة فيه لمن يطرد الآخر.
وارتبط هذا الخلاف أحيانًا بعراك بين الآلهة الغاضبة، بحيث ينسحب إله الشمس أو إله القمر بعد أن يمنى بالهزيمة.
فعندما يغادر إله الشمس السماء، يحدث الكسوف. وحين يغادر إله القمر، يحدث الخسوف.
وانعكس هذا الخلاف على أهل الأرض، الذين رأوا في استمراره خطرا يحدق بهم. ولجأوا إلى حل الخلافات بينهم كوسيلة لإرضاء الآلهة لتنهي خلافاتها بدورها.
أسواق المال ما زات تتأثر
أظهر بحث أجرته كلية كوبنهاغن لإدارة الأعمال في الدنمارك أن حركة أسواق المال تتأثر بفترات الكسوف والخسوف، إذ يعزف المستثمرون عن اتخاذ إجراءات قد يرونها “خطرة”، أو تنطوي على مجازفة.
وشمل البحث، الذي تم عام 2010، تحليل بيانات على مدار ثمانين عامًا، من أربعة أسواق مال أمريكية، وعشرة أسواق مال آسيوية.
وأظهر البحث أن المضاربين وأصحاب رؤوس الأموال يكونون أكثر ترددًا في الأوقات التي يشعرون فيها أنهم لا يتحكمون في مجريات الأمور، أو أن الطبيعة أقوى منهم.
لكن في كل الأحوال، تعود الأسواق لتصحح أوضاعها خلال يومين على الأكثر بعد انقضاء الخسوف والكسوف.