كشف الباحثون أدريانو لاميرا من قسم علم النفس في جامعة ووريك بإنجلترا، وأستاذ الإدراك الموسيقي في جامعة درم بإنجلترا توماس إيرولا، وأندريا رافيناني من مختبر الذكاء الاصطناعي في جامعة بروكسل عبر دراسة أعدوها أن قردة الشمبانزي ترد بالفعل على الإيقاع الموسيقي الذي تستمع إليه، وأن لها حسا موسيقيا يدفعها نحو الرقص.
وأوضح تقرير نشرته صحيفة نوفال أوبسرفاتور الفرنسية نقلًا عن دراسة في مجلة “سيونتفيك ريبورتز” أعدها الباحثون الثلاثة أن المقصود بالرقص لدى الشمبانزي هو تشارك ثنائيي الحركة للحظات تقوم فيها بحركات إيقاعية متناغمة، وليس حركات تتماشى مع الإيقاع التي يمكن ملاحظتها في قاعات الاحتفالات.
وبنى العلماء دراستهم ببعض مقاطع فيديو التقطت في حديقة حيوانات في سانت لويس بالولايات المتحدة التي تعرض اثنتين من إناث الشمبانزي يطلق عليهما “هولي” و”بهكهري” بصدد مشاركة رقصة رغم إيقاف عمليات عرض الحيوانات المدربة على ممارسة عدد من الحيل لتسلية الحضور منذ فترة طويلة.
رد فعل تلقائي
لاحظ الباحثون أن “هولي” و”بهكهري” تشاركتا الرقصة من تلقاء نفسيهما دون تشجيع خارجي رغم أنهما توقفتا عن ممارسة حيل التسلية منذ 16 عاما، وأدركوا أن أسلوب رقصتهما يشبه رقصة جماعية شهيرة من أميركا الجنوبية منذ بداية القرن العشرين والمعروفة باسم “كونغا لاين”.
ويصف الباحثون بشكل أكثر دقة حركات أنثى الشمبانزي بأنها متزامنة منذ الخطوة الأولى أو الثانية، وأنها تحافظ على الإيقاع ذاته حتى حين يتعين عليهما تجاوز جذع الشجرة أو الانعطاف بمقدار 180 درجة.
وأوضحوا أن الرقص بهذه الطريقة يعكس علاقة اجتماعية وعاطفية قوية بين الشركاء، وهو ما يفسر -حسب المصدر ذاته- سبب عدم ملاحظة الرقصات الجماعية لرئيسيات (رتبة من طائفة الثدييات تطورت من أسلاف قاطنة للأشجار) أخرى باستثناء البشر.
ونقل الكاتب على لسان الباحث أدريانو لاميرا قوله إن “هذه الحركات تظل مرتبطة بالنغمات الموسيقية، وبهذه الطريقة أخذ الرقص بالتطور بشكل مستقل عن أي إيقاع صوتي كما هو الحال بالنسبة لإناث الشمبانزي في سانت لويس، مما يؤكد أن الرقص قد يكون في البداية سلوكًا صامتًا”.
حركات إيقاعية
أشار الكاتب إلى أن ذلك لا يعني نهاية طرح النظريات المتعلقة بعلاقة الرقص بالموسيقى، وقال إن الباحثين يوكو هاتوري وماساكي توموناغا من جامعة كيوتو اليابانية ركزا في دراستهما المشتركة على الكيفية التي يدفع فيها الصوت الشمبانزي إلى اتباع حركات إيقاعية، وكشفا أن ذلك يمكن أن يساهم في إزاحة اللثام عن كيفية بدء البشر في التفاعل مع الموسيقى.
وللتوصل إلى نتائج ملموسة، جعل العالمان اليابانيان سبعة من الشمبانزي تستمع إلى قطع موسيقية من البيانو، وتبين أن عددا منها يقوم بردة فعل عبر التصفيق بأياديها أو بأقدامها حسب الإيقاع.
وأوضح الكاتب أن الدراسة اليابانية أثبتت أيضًا أن ذكور الشمبانزي كانت الأكثر إظهارًا لرد الفعل خلال إنصاتها للموسيقى، وأن هذا الاكتشاف يتفق مع الأبحاث السابقة بشأن ما تعرف بـ”رقصات المطر” في البرية، حيث تتحرك الذكور بشكل إيقاعي استجابة لصوت المطر الهاطل، مما يشير إلى أن نقطة الاختلاف بين القردة والبشر في الرقص تكمن في رقصة المطر التي ينفرد بها ويتفاعل معها الشمبانزي فقط.
ووفقًا للباحثين، فإن الأمر يختلف لدى البشر، وأن الموسيقى تحفز حركاتنا الإيقاعية التي تكشف بدورها عن وجود صلة وثيقة بين المناطق السمعية والحركية في الدماغ خلافا لقردة الشمبانزي التي لا يرتبط التأثير الإيقاعي لديها بانتظام الأصوات.
واستنتج العالمان أن هناك مبدأ مشتركا في الرقص، والذي ربما ينحدر من إرث مشترك بين البشر والشمبانزي قبل حوالي ستة ملايين عام.