تعتبر فريضة الصيام من أحب الفرائض إلى الله؛ فقد روى الإمام البخاري ومسلم في الحديث القدسي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: قال الله:
“كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ”، وذكر الصوم في عهد السيدة -مريم عليها السلام، وذكر الصيام بوصفه فريضة أمر الله تعالى بها المسلمون بأدائها في شهر رمضان، فما الفرق بين الصوم والصيام؟!
يتفقان لغويًّا ويختلفان اصطلاحًا!
الصّوم والصّيام تعتبر هاتان الكلمتان مصدرًا للفعل صام، وكلاهما تفيدان في اللغة الإمساك والتّوقف عن فعلٍ ما، أمّا شرعًا فقد ذكرت في مواضع دقيقة في القرآن والسنة النبوية يُراد بها معنى معين، وهو التّوقف عن: الكلام، والشّتائم، وتناول الطّعام والشّراب، واتباع الشّهوات، والأفعال المكروهة، فكلها يمسك عنها الإنسان. وقال أبو الهلال العكسري في كتابه معجم الفروق اللغوية: الصيام الكفّ عن المفطرات مع النية، وأمّا الصّوم فهو الكف عن المفطرات والكلام كما كانت في الأديان السّابقة.
ورودهما في القرآن الكريم!
ذكرت كلمة الصّيام في القرآن الكريم سبع مرات في مواضع مختلفة سواءً تختص بشهر رمضان المبارك، أو صيام النوافل، أو صيام كفارة ذنبٍ ما، أما كلمة صوم فقد وردت مرة واحدة في القرآن الكريم عندما أمر الله -تعالى- السّيدة مريم بالصّوم عن الكلام وعدم التكلم مع أحد، وفي الآية نفسها أمرها الله -تعالى- بالأكل والشرب وهي حامل بسيدنا عيسى -عليه السّلام؛ حتى لا يضرّ بصحتها، فجاءت كلمة صوم في هذا الموضع الدقيق لعدم الإخلال في البناء اللغوي للآية، وذكرت الآية الكريمة تصريفًا صحيحًا لكلمة صوم “إنّي نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًّا”، ولم تذكر الآية “إنّي نذرت للرحمن صيامًا”؛ فالمعنى واضح في أمر الله -عزّ وجل- للسيدة مريم -عليها السلام- بالإمساك عن الكلام أو الصّمت.
في الشرائع الأخرى!
ذُكرت كلمة الصيام في الشرائع السماوية الأخرى، كالديانة المسيحية واليهودية، ويعني أيضًا في المسيحية الانقطاع عن الطعام والشراب والأعمال السيئة.