يحتل الحساء مكانة خاصة لدى الأتراك طوال العام، وتتضاعف أهميته مع حلول شهر رمضان، ليصبح إحدى الوجبات الغذائية التي لا تخلو منها المائدة التركية.
يضم المطبخ التركي ما يزيد عن مئتي نوع من الحساء، في مقدمتها حساء العدس الأصفر، والإزغولين، وهو نوع من الحساء يضاف له البرغل مع العدس.
ومع حلول شهر رمضان هذا العام، والذي يتزامن مع جائحة كورونا العالمية، تعزز حضور الحساء بنكهات جديدة منها العظام والأكرع والأمعاء المعروف باسم “إشكمبيه” إلى الواجهة، وباتت تنافس حساءي العدس والإزغولين التقليديين.
حساء العدس هو الأشهر طوال العام على الموائد التركية في جميع الوجبات (بيكسلز)
ونادرا ما كان يتم تقديم حساء العظام واللحم إلا في المناسبات الهامة، لدرجة أطلق على نوع من حساء اللحم “حساء العرس” لارتباط تقديمه بالأعراس.
وفي جولة في عدد من منافذ بيع الغذاء، لوحظ زيادة في عرض عبوات حساء الأمعاء (الكرشة) الجاهزة نظرا للإقبال عليها، وللنصائح المتداولة بين الأتراك بأن له فوائد غذائية تزيد من المناعة وتقلل خطر الإصابة بفيروس كورونا.
ويبلغ ثمن عبوة حساء الأمعاء الجاهز في المتاجر 20 ليرة لتركية (نحو 3 دولارات أميركية)، في حين يبلغ سعر كيلوغرام “الكوارع” الطازج 5 ليرات (أقل من دولار واحد).
البيض والأجبان
قد تشبه مائدة الفطور الرمضاني المائدة الصباحية للأتراك، لكن الواقع أن الأتراك يتعاملون مع الفترة التي تلي أذان المغرب بحذر شديد، فيحرصون على عدم تناول الأطعمة الدسمة أو النشويات، ويعتمدون على الأطعمة الخفيفة التي يتكون منها فطورهم الصباحي خلال شهور السنة المعتادة.
ويظل طبق الأجبان والزيتون والمكسرات الأكثر تنظيما وجمالا على مائدة الأتراك لا سيما في الدقائق الأولى من الإفطار، وتوفر هذه المواد الغذائية الطاقة اللازمة للصائم وعناصر أخرى تمده بالكثير من الفيتامينات.
يحرص الأتراك على وجود طبق الجبن والمكسرات على مائدة إفطار رمضان
كما يضيف بعض الأتراك أنواعا من البيض وخاصة المخلوط بلحم البقر المجفف والمملح (البسطرمة) إلى ذلك الطبق الرمضاني.
وتناول البيض على مائدة إفطار رمضان عادة عثمانية قديمة، إذ تقول الروايات التاريخية إن سلاطين الدولة العثمانية كانوا يحرصون على وجود البيض بالبصل على مائدة الإفطار.
خبز رمضان
ما إن يتم الإعلان عن قدوم شهر رمضان في تركيا، حتى تبدأ الأفران في تحضير خبز رمضان المعروف في البلاد باسم “رمضان بيدا”.
ورغم شهرة المطبخ التركي بأنواع عديدة من المعجنات، فإن هذا الخبز يظل هو الضيف الدائم على سفرة الأتراك طوال رمضان.
ولأهمية هذا النوع من الخبز، وتزامن رمضان الجاري مع تدابير الإغلاق والحظر، تقوم البلديات التركية بتوصيل خبز رمضان مجانا إلى المنازل للحفاظ على تقاليد الشهر الكريم وبهجته.
وبدأ تقديم هذا النوع من المعجنات خلال الفترة بين 1600 و1700م إبان الإمبراطورية العثمانية، وكان مرتبطا بمائدتي الإفطار والسحور في رمضان.
حلوى الغلاش
رغم شهرة المطبخ التركي بالحلويات على رأسها البقلاوة، فإن هذه الحلوى ليست شائعة خلال شهر رمضان، لا سيما على موائد الإفطار التقليدية.
وتأتى حلوى “الغلاش” في مقدمة الحلويات التي يصنعها ويقدمها الأتراك خلال شهر رمضان، ويكون عرضها في المحلات بكثرة دليلا على قدوم شهر رمضان.
والغلاش التركي حلوى سهلة الإعداد، فهي عبارة عن رقاقات من عجينة “اليوفكا اليابسة” (نوع من المعجنات التركية) والحليب وماء الزهر وقليل من السكر.
واستمد الغلاش اسمه من إضافة ماء الزهر إليه، حيث تسمى الزهرة بالتركية “غول”.
ويقدم الأتراك هذا النوع من الحلوى في رمضان حفاظا على التقاليد العثمانية، ولكونه نوعا خفيفا وغير دسم من الحلويات تتماشى مع الصيام.
وصُنع الغلاش لأول مرة في تركيا في منتصف القرن الخامس عشر، وكان الهدف من صنعه تقديم نوع من الحلويات للأمراء لا يسبب لهم اضطرابات بالمعدة بعد إفطار رمضان.
شربات رمضان
يعرف أيضا باسم “الشربات العثماني”، وهو نوع من المشروبات المحلاة المضاف إليها نكهات من الفواكه والتوابل.
يقدم الأتراك هذا النوع من المشروبات خصيصا في شهر رمضان، ويتم صنعه منزليا أو شراؤه جاهزا من المتاجر الغذائية.
وتعرف الأتراك على هذا المشروب في القرن الحادي عشر، ويقدم في المناسبات الخاصة مثل الخطوبة والزواج والولادة وخلال رمضان.
واشتقت كلمة “شربات” من كلمة “شراب” بالعربية، وتشير التراث التركي إلى أن الشربات كان من المشروبات المفضلة لدى الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي.