تعتبر صناعة السينما واحدة من أكثر القطاعات تأثيرا في المجتمع الحديث، فالأفلام والمسلسلات الكوميدية تجعلنا نضحك، وتساعدنا أفلام الإثارة النفسية على رؤية العالم من منظور مختلف، وتلعب الأفلام التاريخية دورا في فهم جذورنا ومن أين أتينا.. وهكذا كل فيلم أو عمل تلفزيوني يعكس جزءا من المجتمع ويغير بعض الآراء.
وقد تم استغلال قوة صناعة السينما سياسيا واجتماعيا واقتصاديا عبر التاريخ، فقد استخدم قادة مثل أدولف هتلر على سبيل المثال الأفلام بنجاح كأداة دعائية خلال الحرب العالمية الثانية، ليبرهن على القوة الخام للأفلام.
ومع استمرار نمو التكنولوجيا، استخدم القادة السياسيون والاقتصاديون السينما في تغيير وتشكيل توقعات الناس، إما لمصلحتهم الخاصة أو لمنفعة الشعب. كما أن وجود الترجمات سهّل على صانعي الأفلام الوصول إلى جمهورهم المستهدف من جميع أنحاء العالم بلغتهم الأم.
وفي هذا التقرير نستعرض بعض الطرق التي يؤثر بها الفن السينمائي على المجتمع والعالم الحديث.
الأفلام مصدر إلهام
رغم أن البعض يرى الأفلام مجرد أعمال مسلية يقتل بها وقته، فإنها في حقيقة الأمر تعمل على تثقيفه وتجعله يفكر، يتعاطف، يغضب، وتدفعه لفعل الخير أو الشر.
على سبيل المثال، تذكرنا الأفلام الرومانسية بأهمية الحب، ولماذا يستحق القتال من أجله، وتجعلنا نبكي ونضحك على عيوبنا الرومانسية، وبالتالي تساعدنا على فهم شركائنا وأفراد عائلتنا أكثر.
وهناك العديد من الأفلام التي تمنح مؤامراتها الكثيرين أسبابا للنهوض كل صباح والمغامرة في العالم بشيء من الأمل والتفاؤل.. أفلام تشجع الناس على التغلب على الآلام الشخصية والتأثير بشكل إيجابي على حياة الآخرين، كما فعل فيلم “السعي وراء السعادة” (The Pursuit of Happiness) عام 2006 من بطولة النجم الأميركي ويل سميث، وفيلم “قائمة الدلو” (The Bucket List) عام 2007 لكل من جاك نيكلسون ومورغان فريمان.
خلق الوعي بجوانب الحياة
يحتاج الناس إلى تذكيرهم بأهمية التعليم الرسمي والأنشطة المدرسية مثل الفن والرياضة، وتلعب الأفلام دورا مهما في التأكيد على أهمية التعليم وأنشطته المتنوعة، كما تعطي أفكارًا لأصحاب المصلحة في التعليم حول كيفية تحسين أنظمة التعليم في أجزاء مختلفة من العالم.
وعلى الجانب الآخر، تقودنا الأفلام إلى فهم الآثار السلبية لتعاطي المخدرات والكحول، وتساعد الناس على فهم فظاعة العيش بلا مأوى في مخيمات اللاجئين، فتوقظ حواس التعاطف لدى الأشخاص الذين لم يختبروا حربًا أهلية من قبل، وتساعد على الشعور بالمسؤولية عن الذين يعيشون في البلدان التي مزقتها الحرب.
الأفلام تعكس الثقافة
كل فيلم أو عمل تلفزيوني يتم إعداده وتطويره في ثقافة معينة، ويعكس ما يؤمن به أصحاب هذه الثقافة وكيف يتعايشون، فتسهل الأعمال السينمائية والدرامية فهم المخاوف والعيوب ونقاط القوة لهذا المجتمع، بدلا من محاولة فكها من خلال التفاعلات اليومية.
عندما يتحدى المجتمع معتقداته وأيدولوجياته السائدة في الأفلام، يصبح أكثر قدرة على استجواب نفسه وتبني موقف الغير. وبفضل رواج الترجمة تمكّن الناس من جميع أنحاء العالم من مشاهدة الأفلام بغض النظر عن لغتها الأم، وفهم ثقافات المجتمعات البعيدة.
الأفلام تعلمنا التاريخ
تقوم الكثير من الأفلام التاريخية على الحقائق، وحتى الأفلام التي تعتمد على القصص الخيالية، فإنها لا تزال تصور لنا كيف كان العالم قبل اختراع الأجهزة والتطور التكنولوجي الذي نعرفه اليوم.. إنها تربط العالم الحديث بالأجيال الماضية.
فعلى سبيل المثال تشرح أفلام حرب فيتنام ما حدث في تلك الفترة وتساعد جيل اليوم على تقدير أهمية الحرب، كما تساعده على فهم مجريات الأحداث وربط الحاضر بالماضي والتعلم والتنبؤ بأحداث المستقبل.
تبلد المشاعر
يرى العديد من علماء النفس الاجتماعي اليوم أن الأفلام تأكل مشاعر التعاطف لدى الناس من خلال جعل العنف ومعاناة الآخرين مقبولة ومألوفة، فتزيد ثقافة الفرجة وينتشر تبلد المشاعر واللامبالاة بين الناس، فترى العديد من الأشخاص في المناطق الحضرية الأكبر يكتفون بالمراقبة السلبية عندما يصيب الناس أو يقتلون بعضهم البعض.
تحديات الأبوة
تضع بعض الأفلام الكثير من التحديات أمام الآباء عند تربية أبنائهم، فعلى سبيل المثال تعطي الأفلام الرومانسية صورة غير واقعية عن الحياة الزوجية والعلاقات الحميمية، وتجعل أفلام الجريمة الكذب مبررا. كما أن هناك أفلاما تعمل على تطبيع السرقة وعدم الأمانة.
أضف إلى ذلك كله أن بعض الأفلام تسهل وصول المراهقين إلى المحتوى الإباحي عبر الإنترنت، ومشاهدة الأغاني التي تدعو إلى تعاطي المخدرات والمواد المخدرة. كل هذا المحتوى مضلل للشباب دون وجود أي إستراتيجيات موثوقة أو حلول مضمونة يمكن للآباء الاعتماد عليها لحماية أطفالهم.