صوته محفور في ذاكرة جيل كامل من الشباب العرب، فهو من أدى على مدى سنوات دور “المحقق كونان” و”القناص” في أشهر المسلسلات الكرتونية، أما بصورته فقدّم شخصية “أبو سمير الحمصاني” في مسلسل “باب الحارة”، أحد أشهر الأعمال الدرامية العربية.
إنه الفنان السوري مأمون فرخ الذي رحل قبل أيام قليلة عن عمر 62 عاما في العاصمة السورية دمشق، ونعاه الفنانون العرب، ولا سيما نقابة الفنانين بدمشق، وأكدت المصادر الإعلامية -نقلا عن فنانين- أن سبب وفاته هو تعرضه لاحتشاء في عضلة القلب.
جنازة الفنان مأمون الفرخ
ولد الفنان مأمون فرخ في دمشق يوم 31 يناير/كانون الثاني 1958، ودرس وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل، وحصل على درجة الماجستير من جامعة العلوم والتكنولوجيا. وشغل منصب مدير مسرح القباني في دمشق سابقا، وقبل وفاته شغل منصب مدير مسرح الطفل والعرائس. تنوعت مشاركاته في الساحة الفنية حيث لم يترك لونا فنيا إلا شارك ونجح فيه.
رائد مسرح الطفل
كان مسرح العرائس بالنسبة له أساسيا في بناء شخصية الأطفال، وقد قال عنه “مسرح العرائس ركن أساسي في حياة الطفل لاعتماده على الدمى التي ولدت معه”، حتى أنه اختار مسرح الطفل والعرائس عنوانا لرسالته في الماجستير.
وكانت علاقته بالطفل علاقة خاصة تقوم على الشعور بأنه ما زال طفلا، وتحدث الفرخ منذ زمن عن أن العاملين في مسرح الطفل والعرائس يعملون فيه لحبهم الكبير للطفل، دون أخذ الأمور المادية بعين الاعتبار.
شغل مأمون الفرخ منصب مدير مسرح الطفل والعرائس في سوريا، وكانت له عدة دراسات في هذا المجال مثل: سيكولوجية اللعب عند الطفل والنص الموجه للطفل، ويعتبر أحد أقدم العاملين في هذا المسرح في سوريا وأحد مؤسسيه.
كان يحاول دائما تقديم مسرح طفل بطريقة مدروسة بعناية وبكل الطرق الجديدة، وقد استعان بالعديد من الخبراء لتطوير هذا المسرح، كما صدر له كتاب بعنوان “مسرح الطفل في سوريا ” عام 2012. ومن أعماله في مسرح الطفل: “شيبوب ولصوص الصحراء”، و”حيلة أرنوب لطرد الثعلوب”، و”سندريلا والأميرة” وغيرها، كما قدم عددا من المسرحيات خارج المسرح في الشارع، والحدائق، ومراكز الإيواء.
التلفزيون والسينما
شارك الفنان في العديد من الأعمال التلفزيونية وقد قارب عددها المئة، بداية من “أبو كامل” عام 1991، حتى الجزء العاشر من مسلسل “باب الحارة” 2019، وكان يؤدي في أغلب أدواره شخصيات ثانوية ومحببة لدى الجمهور.
ويحسب على الدراما السورية عدم مشاركة مأمون الفرخ بطلا رئيسيا في أي مسلسل سوري على الإطلاق. ومن أعماله السينمائية: “تل الفرس” و”سبع دقائق إلى منتصف الليل” عام 2008 و”غير مخصص للبيع”.
دبلجة الرسوم المتحركة
كان مأمون الفرخ البطل الخفي وراء “المحقق كونان” الذي ارتبطنا به جميعا في طفولتنا، وكذلك العديد من المسلسلات الكرتونية البارزة مثل “فرسان الفضاء” و”القناص” وغيرهم. وقد تميز في هذا الفن مستفيدا من خبرته الكبيرة في مسرح العرائس التي أعطته مساحات صوتية كبيرة وموهبة نادرة في ابتكار أصوات الشخصيات.
الفقيد والإذاعة
وكان الفرخ أحد أعمدة الإذاعة السورية، فقد شارك في غالبية أعمال الإذاعة السورية منذ تأسيسها، و يعتبر رحيله خسارة كبيرة للفن الإذاعي والإذاعة السورية.
حياته الشخصية
يذكر أن مأمون زرقان الفرخ ينحدر من مدينة جيرود بريف دمشق، وهو الأخ الأكبر للملحن والمطرب السوري بشار زرقان، والأخ الأصغر للموسيقي أيمن زرقان.
تمتع مأمون بشخصية محبوبة ومرحة، وكان يتمتع بشعبية هائلة في الوسط الفني، إذ يذكر أنه ترشح قبل أسابيع في نقابة الفنانين بريف دمشق كعضو في مؤتمر النقابة المركزي لانتخاب نقيب سوريا الجديد للفنانين، ونال أصواتا كثيرة.