لكل شخص نوع خاص من الموسيقى المفضلة لديه، بعضها يثير لديه الذكريات السعيدة، والبعض الآخر يشبع إحساسه بالسعادة، ولطالما قام الجراحون بالاستماع إلى موسيقاهم المفضلة لتخفيف الضغط والتوتر أثناء العمل في غرفة العمليات.
اكتسب مجال العلاج بالموسيقى اعترافا رسميا بعد الحرب العالمية الثانية في المستشفيات التي عالجت الناجين من آثار هذه الحرب. واتسعت دائرة الفوائد، لتلعب الموسيقى دورا متزايدا في علاج أنواع مختلفة من الأمراض البدنية والنفسية، مثل الآلام المزمنة، والقلق والاكتئاب، من خلال تأثيراتها البيولوجية المباشرة، مثل خفض معدل ضربات القلب، وضغط الدم.
كما تحسن الموسيقى التواصل الاجتماعي والدعم الذي يحسن الصحة العقلية بدوره، لذلك يبدو الاستماع اليومي إلى الموسيقى خيارا مناسبا لما يمر به العالم من عزلة وشعور بالخوف والقلق بسبب انتشار فيروس كورونا.
أساليب العلاج
عادة ما يكون الأشخاص الذين يمارسون العلاج بالموسيقى موسيقيين بارعين يتمتعون بمعرفة عميقة بجميع جوانب الموسيقى، وكيفية إثارتها لاستجابات عاطفية مختلفة تحفز الناس وتساعدهم على الشفاء.
ويجمع المتخصصون هذه المعرفة بالموسيقى، مع معرفتهم بأساليب مختلفة تناسب كل حالة مرضية، سواء كانت كلاسيكية أو أوبرالية، أو إلكتروبوب، وغيرها من الأنواع الموسيقية المختلفة.
ويصمم التدخل العلاجي الموسيقي وفقا لاحتياجات كل فرد، بشكل يساعده على تحقيق أهدافه العلاجية، سواء عن طريق العزف أو الاستماع إلى الموسيقى، أو حتى تأليفها.
يقول المعالج الموسيقي هولي شارتراند: يجب أن تدرك أنك تستخدمها لدعم الآخرين، لترى مدى تأثيرها على الشخص المريض. ويضيف أن التكنولوجيا تتيح للمعالج الوصول إلى جميع أنواع الموسيقى دون جهد، الأمر الذي عزز تجريب العلاج الموسيقي ببساطة أكثر من ذي قبل.
الأعراض المرضية
تساعد الموسيقى الأشخاص الذين يتعافون من السكتة الدماغية، أو إصابات الدماغ المؤلمة، وأولئك الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب تلف المنطقة اليسرى من المخ، وهي المنطقة المسؤولة عن الكلام والتواصل.
وتساعد أيضا قبل الجراحات الكبرى، فقد وجد أن أولئك الذين استمعوا إلى الموسيقى أقل انزعاجا وقلقا، وأقل احتياجا للمهدئات، كما أنها تخفف آلام التهاب المفاصل، وتقلل من كمية المسكنات التي يتناولها المرضى، وتمنحهم شعورا بالتحكم بشكل أفضل في آلامهم.
وتحد الموسيقى من الآثار الجانبية لعلاج السرطان، ويقلل الاستماع إلى الموسيقى من القلق المرتبط بالعلاج الكيميائي والإشعاعي، كما يقي من الغثيان والقيء المرتبط بالعلاج الكيميائي.
وتعمل أيضا على إعادة تأهيل الوظائف الجسدية والنفسية والمعرفية، من خلال برامج إعادة التأهيل المختلفة.
كما تحسن نوعية الحياة لمن يعانون من الخرف، لأن القدرة على الانخراط في الموسيقى تبقى سليمة حتى مع التأخر المرضي، وهنا يمكن أن يساعد العلاج بالموسيقى في استحضار الذكريات، وتحسين القدرة على التواصل والتناسق العقلي البدني.
موسيقى بتهوفن
يمر هذا العام 250 عاما على ذكرى ميلاد الموسيقار الألماني لودفيج فان بتهوفن. وكان قد عرف عنه أنه عانى من فقدان السمع في سن 27، لكن لم يمنعه ذلك من تأليف الموسيقى لمدة 27 عاما أخرى وهو فاقد السمع تماما، كما أنه كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب الذي يجعله يتأرجح بين نوبات الاكتئاب ونوبات الابتهاج.
تنعكس كل هذه المشاعر والأمزجة المختلفة في موسيقاه، مما جعلها تستخدم بشكل مكثف في العلاج بالموسيقى، لأنها تدفع مجموعة من المشاعر المعقدة إلى الظهور. وترتبط هذه المشاعر بالذكريات التي تعمل على إطلاق هرمون الأوكستوسين الذي يقلل الشعور بالتوتر والقلق، ويزيد من القدرة على النوم الجيد.