يمكن القول إن متابعة الأفلام والمسلسلات -على اختلاف أنواعها- قد تكون العامل المشترك بين كثيرين الآن، وفي الوقت الذي حرم فيه وباء كوفيد-19 آلافا من محبي الفن التشكيلي من زيارة المعارض والمتاحف، فإن الحجر الصحي يسمح لهؤلاء بمتابعة الأفلام التي تناولت حياة عدد من أبرز الفنانين.
أقدم تلك الأفلام هو “شهوة الحياة” (Lust For Life) لفنسنت جوخ، الذي يروي السيرة الذاتية للفنان الهولندي فينسنت فان كوخ (1853-1890)، وما تخللها من تقلبات في نفسيته، حتى وُصف بالجنون.
لم يكن هذا الفيلم الوحيد الذي يحاول البحث في حياة فان كوخ، إذ قدم مخرجون آخرون أعمالا حاولوا فيها سبر أعماق الفنان وحياته الغامضة، منها: “فنسنت وتيو” 1990، و”فان كوخ” 1991، و”أنا فان كوخ” 2008، وغيرها.
كذلك، يمكن التعرف على الحياة المثيرة للجدل والمأساة التراجيدية للفنانة المكسيكية فريدا كالو (1907-1954) في فيلم حمل اسمها “فريدا” (Frida)، والذي أدت دور البطولة فيه الفنانة سلمى حايك.
يسلط فيلم السيرة الذاتية “باسكيا” (Basquiat) الضوء على حياة رسام الغرافيتي وأحد رواد “فن الأندرغراوند” في الولايات المتحدة جان ميشيل باسكيا (1960-1988)، الذي يعد أول فنان صاحب بشرة سوداء ينال شهرة عالمية بعد الفقر المدقع الذي عاشه في طفولته، قبل أن يدمر إدمان المخدرات نجاحاته لاحقا، ويموت في سن 28، علما أنه الفنان الوحيد المولود بعد الحرب العالمية الثانية الذي بيعت إحدى لوحاته بأكثر من 100 مليون دولار، وحدث ذلك في مزاد علني أقيم عام 2017.
الرسام العالمي بابلو رويز بيكاسو
وبالعودة إلى العصور الوسطى في أوروبا، يظهر فيلم “كارافاجيو” (Caravaggio) التناقضات في القصص والأحداث التي تناولها الرسام الإيطالي ميكيل أنجلو ميريزي (1571-1610) في لوحاته، والأجواء الدرامية التي أضفاها عليها، والتي أثارت غضب الكنيسة حينها، ودفعت البابا إلى الحكم عليه بالموت.
وفي أوروبا أيضا، وبعد نحو 300 سنة، بالإمكان التعرف على قصة صعود واحد من أشهر فناني القرن 20 ومؤسس المدرسة التكعيبية، الرسام والنحات الإسباني بابلو رويز بيكاسو (1881-1973)، من خلال الفيلم الذي حمل اسمه “بيكاسو” (Picasso)، وعن الحقبة ذاتها، يلقي فيلم “موديلياني” (Modigliani) الضوء على حياة الرسام الإيطالي أماديو كليمينتي موديلياني (1884–1920)، والمنافسة بينه وبين بيكاسو في العاصمة الفرنسية باريس، حيث قتل بسبب إدمانه على الكحول، متجاهلا مرضه، قبل أن ينال الشهرة التي يستحقها.
في الفترة ذاتها، برز رسام آخر، لكن في النمسا هذه المرة، هو غوستاف كليميت (1862–1918)، ويتطرق الفيلم الذي يحمل اسمه إلى أبرز محطات حياته وأعماله، التي جعلته أحد أهم فناني حركة الانفصال الفنية، التي تتمحور حول فكرة إعلان الحقيقة وكسر حواجز الخجل السلبي.
هذه الأفلام -وغيرها- إن كانت توثق إلى حد ما حياة أهم الرسامين العالميين، وفقا لرؤية مخرجيها، فإنها بالطبع كانت -ولا تزال- تشكل مصدر إلهام لكثير من محبي الفن والرسامين الصاعدين.