بدأت منصة “إتش بي أو ماكس” منذ 24 يونيو/حزيران الجاري في عرض مسلسل الرسوم المتحركة الشهير “ساوث بارك” (South Park) الذي يتكون من 23 موسما، حيث بدأ إنتاجه منذ عام 1997، وتبلغ عدد حلقاته 307 حلقات، كلها متوفرة على المنصة إلا 5 حلقات، وذلك بعدما منعت إتش بي أو عرضها بالاتفاق مع الشركة المنتجة لأنها تصور “النبي محمد” صلى الله عليه وسلم.
المسلسل الأكثر إثارة للجدل
“ساوث بارك” هو رسوم متحركة من تأليف تيري باركر ومات ستون، يقدم محتوى للبالغين، يقوم ببطولته أربع شخصيات رئيسية، ويقدم نقدا للمجتمع الأميركي عامة، وولاية كولورادو خاصة، واشتهر بحس الدعابة الحاد والساخر والسريالي، الذي جلب لصناعه الشهرة والمال وكذلك الكثير من المشاكل.
وببحث سريع عبر شبكة الإنترنت، ستجد أن المسلسل سبب خلافات مع كل من المورمون والكاثوليك والمسلمين والكثيرين غيرهم، ومُنع عرضه في الصين، وتم إيقاف عدد كبير من التلاميذ في المدارس الأميركية لارتدائهم ملابس تظهر عليها شخصيات المسلسل، وحُشدت احتجاجات عدة ضد عرضه منذ بدئه للأسباب السابقة وأسباب أخرى تتعلق بالألفاظ النابية في الحوار أو بالطريقة التي تظهر بها شخصيات تاريخية أو دينية خلال أحداثه.
وأزمة صناع المسلسل مع تصوير النبي محمد عليه الصلاة والسلام ليست حديثة، فقد بدأ الأمر عام 2001 عند عرض ثلاث حلقات في الموسم العاشر ناقشت بصورة ساخرة معتقدات المسلمين التي ترفض تصوير الأنبياء في الأعمال الفنية، وبسبب مخاوف الشبكة المنتجة للمسلسل من حدوث احتجاجات من المسلمين كما حدث في هولندا بعد نشر الصور المسيئة للرسول عليه السلام تم إيقاف بث الحلقتين الثانية والثالثة.
ثم تكرر الأمر مرة أخرى عام 2010، الأمر الذي أثار الضجة من جديد، ونتيجة لذلك قامت العديد من الاحتجاجات من المسلمين بالولايات المتحدة، وطالب الحزب الإسلامي الماليزي (PAS) في ماليزيا باعتذار صناع المسلسل للمسلمين حول العالم، وتم إيقاف عرض الحلقتين الجديدتين على الموقع الإلكتروني الخاص بالشبكة العارضة للمسلسل.
حذف الحلقات قبل الاعتراضات
وبناء على المشاكل السابقة التي حدثت بسبب هذه الحلقات الخمس، حذفتها إتش بي أو ماكس من المنصة، وفي السابق خلال عرض المسلسل على شبكة “هولو” تم حذف هذه الحلقات أيضا، وقد حذفت من الموقع الأصلي للمسلسل حتى بعد محاولة صناعه الإبقاء على الحلقات بحذف المقاطع التي ظهر فيها النبي محمد عليه السلام سواء صوتا أو صورة، ولكن الشركة المنتجة أمرت بإزالتها.
ويبدو الأمر كما لو أن إتش بي أو ماكس حريصة منذ البداية على عدم إثارة أي جدل أو مشاكل تتعلق بالدين أو العرق على منصتها، فقبل أسبوعين حذفت فيلم “ذهب مع الريح” (Gone With The Wind) الكلاسيكي من إنتاج 1939 من الموقع بصورة مؤقتة لمحتواه العنصري ضد الأميركيين من أصول أفريقية، وأعادت الفيلم مرة أخرى مع عدة فيديوهات مرافقة تدين فيها الأجزاء التي تناولت العبودية بشكل غير أخلاقي، وشرح الأهمية التاريخية للفيلم الذي يعتبر واحدا من أهم أيقونات سينما هوليود في عصرها الذهبي.
وحصلت إتش بي أو ماكس على حقوق عرض مسلسل “ساوث بارك” مقابل أكثر من 500 مليون دولار، في الوقت ذاته الذي تجدد فيه المسلسل لثلاثة مواسم أخرى، لتعرض الحلقات على المنصة بعد 24 ساعة من عرضها على شبكة الكابل المالكة للمسلسل.