أصبح سائق سيارة إسعاف في نيبال -والذي يمارس أيضا طقس “ثقب اللسان” في مهرجان شعبي يرجع أصله إلى العصور الوسطى- مصدرا للإلهام، حيث وجدت هذه الدولة -الواقعة في منطقة جبال الهيمالايا- نفسها في خضم أزمة تتعلق بسيارات الإسعاف بسبب الخوف والوصمة المرتبطين بفيروس كورونا.
ومنذ فرض حالة الإغلاق بنيبال في مارس/آذار الماضي، ناضل النيباليون من أجل استدعاء سيارة إسعاف بسبب نقص أعداد السائقين، وأدى رفض السائقين نقل المرضى المصابين بالحمى وغيرهم ممن يعانون من أعرض كورونا إلى وفاة العديد من الأشخاص.
وسجلت وسائل الإعلام النيبالية مئات مثل هذه القصص عن أشخاص لم يجدوا سيارات الإسعاف التي تنقذهم، بالإضافة إلى رفض المستشفيات تقديم العلاج للمرضى الذين ظهرت عليهم أعراض كورونا، أو الجثامين التي تراكمت عدة أيام لأنها لم تجد من يهتم بها بسبب الخوف والوصمة المرتبطين بالجائحة، أو نتيجة نقص أدوات الحماية الشخصية.
ومع ذلك، لم يتوقف بوذا كريشنا باجا شريستا (49 عاما)، الموظف بمستشفى الصداقة النيبالية الكورية الحكومي، مطلقا عن أداء عمله رغم الضغوط التي تعرض لها من جانب أسرته وأصدقائه وجيرانه، طالبين منه الحصول على إجازة من عمله.
وقال شريستا لوكالة الأنباء الألمانية “قدمت خدمات سيارات الإسعاف لأكثر من 300 مريض منذ الإغلاق الذي فرضته الحكومة في 24 مارس/آذار الماضي، وجاءت عليّ أوقات كنت أعمل خلالها طوال 24 ساعة في اليوم”.
وأضاف شريستا أن الأخبار التي لا تنتهي حول نقص سيارات الإسعاف في بلاده حفزته على العمل بمزيد من الجد، وتابع “لأول مرة خلال فترة عملي التي امتدت لنحو 18 عاما؛ جعلتني الجائحة أفهم الشكل الحقيقي للأزمة، وذلك عندما قلت لنفسي إنه من الأفضل أن أموت على أن أجلس وأشاهد الناس يموتون بسبب عدم توفر سيارات الإسعاف.
وكان هاتف شريستا يرن بلا توقف كل يوم منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل، اتصالات لا تنتهي من المرضى والعاملين بالمستشفيات. وأحد العوامل التي فاقمت أزمة سيارات الإسعاف تمثل في أنه لا يوجد سوى 3 آلاف سيارة منها فقط في جميع أنحاء نيبال، وهو عدد ضئيل لا يكفي لتلبية الطلب في أوقات الأزمات.
وصار على شريستا نفسه أن يواجه الوصمة عندما واصل عمله في نقل المصابين بكورونا، رغم تحفظ أقاربه وجيرانه الذين يخشون من أن يصاب بالعدوى. وفي هذا الصدد يقول شريستا “بعض جيراني أطلقوا عليّ اسم حامل الفيروس، وكانوا يهربون من أمامي”.
وكان شريستا معروفا في باكتابور، إحدى المدن التاريخية الثلاث بوادي كاتماندو الشهيرة بثقافتها، وتراثها الذي ينتمي للعصور الوسطى.
فأثناء مهرجان “ثقب اللسان” الذي يُحتفل به في أبريل/نيسان مع بداية كل عام نيبالي جديد، يتجمع مئات الآلاف من السكان لمشاهدة شريستا وهو يسير في أنحاء المدينة وقد اخترقت إبرة حديدية طولها 25 سنتيمترا لسانه.