أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد للطب ومؤسسات أخرى عن انحرافات وهفوات مناعية يبدو أنها تفسر الفرق بين الحالات الشديدة والحالات الخفيفة لـ”كوفيد-19″.
وقد ينبع هذا الاختلاف من كيفية استجابة نظام المناعة الفطري القديم التطوري لدينا لـ SARS-CoV-2، الفيروس الذي يسبب مرض “كوفيد-19”.
ويتواجد الجهاز المناعي الفطري في جميع المخلوقات من ذباب الفاكهة إلى البشر، ويستشعر بسرعة الفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى. وبمجرد حدوث ذلك، فإنها تشن هجوما فوريا، وإن كان عشوائيا إلى حد ما، وفي مرضى “كوفيد-19” الشديد، فإن الخلايا المناعية “المستجيبة الأولى”، والتي يجب أن تتفاعل فورا مع علامات الفيروسات أو البكتيريا في الجسم، تستجيب بشكل بطيء.
وقال الدكتور بالي بوليندران، أستاذ علم الأمراض وعلم الأحياء الدقيقة والمناعة وكبير مؤلفي الدراسة:
“هذه النتائج تكشف كيف ينحرف جهاز المناعة أثناء عدوى فيروس كورونا، ما يؤدي إلى مرض خطير، وتشير إلى أهداف علاجية محتملة”.
وأجريت الدراسة من قبل العلماء في جامعة ستانفورد، برابهو أرنوناتشالام، وفلوريان ويمرز، وأساتذة العلوم في مختبر الصحة العامة في جامعة هونغ كونغ، كريس كا بون موك، وماهين بيريرا.
وقام العلماء بتحليل الاستجابة المناعية لدى 76 شخصا مصابا بـ”كوفيد-19″ و69 شخصا سليما. ووجدوا مستويات معززة من الجزيئات التي تحفز الالتهاب في دماء مرضى “كوفيد-19” الذين يعانون من حالات خطيرة.
وثبت أن ثلاثة من الجزيئات التي حددوها مرتبطة بالتهاب الرئة في أمراض أخرى ولكن لم تظهر سابقا في عدوى “كوفيد-19”.
وقال الدكتور بوليندران:
“يمكن أن تمثل هذه الجزيئات الثلاثة ومستقبلاتها أهدافا علاجية جذابة في مكافحة كوفيد-19″.
ويقوم مختبره الآن باختبار الإمكانات العلاجية لحجب هذه الجزيئات في النماذج الحيوانية لـ”كوفيد-19”.
ووجد العلماء أيضًا..
مستويات مرتفعة من الحطام البكتيري، مثل الحمض النووي البكتيري ومواد جدار الخلية، في دماء مرضى “كوفيد-19” المصابين بحالات خطيرة. وكلما زاد الحطام، اشتد المرض لدى المصابين، وزادت المواد المسببة للالتهابات المنتشرة في دمائهم.
وتشير النتائج إلى أنه في حالات “كوفيد-19” الشديدة، فإن المنتجات البكتيرية الموجودة عادة فقط في أماكن مثل الأمعاء والرئتين والحلق قد تشق طريقها إلى مجرى الدم، ما يؤدي إلى بدء الالتهاب المعزز الذي ينتقل إلى جميع النقاط عبر الجهاز الدوري.
ولكن الدراسة كشفت أيضا، على نحو متناقض، أن الخلايا الرئيسية للجهاز المناعي الفطري في دماء مرضى “كوفيد-19” أصبحت مشلولة بشكل متزايد مع تفاقم المرض.
وبدلا من إثارة هذه الخلايا اليقظة بسبب وجود الفيروسات أو البكتيريا، ظلت بطيئة وظيفيا.
ودفعت النتائج العلماء إلى التساؤل حول ما إذا كانت المستويات المرتفعة للجزيئات المعززة للالتهابات في الدم هي ما ينتج التباين بين مرضى “كوفيد-19”. ولكن خلايا الدم لا تنتج هذه الجزيئات، فمن أين تأتي؟. ويعتقد بوليندران أنها تنشأ في الأنسجة في مكان ما في الجسم، وعلى الأرجح رئتي المرضى، حيث موقع الإصابة.
وأضاف: “أحد الألغاز الكبيرة لعدوى كوفيد-19 هو أن بعض الناس يصابون بمرض حاد، بينما يبدو أن آخرين يتعافون بسرعة. والآن لدينا بعض الأفكار حول سبب حدوث ذلك”.