متى كانت آخر مرة بكيت فيها؟ هل تخبرني؟ لا تتذكر؟ لم تبك منذ فترة؟ أسئلة يطرحها المعلم الياباني ناكاجيما على الناس خلال تنقله في بلاده، وذلك ما يسميه “العلاج بالبكاء” أو “مدرسة الدموع”.
يقول المعلم ناكاجيما (43 عاما) في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز (nytimes) الأميركية؛ “منذ أن بدأت مهنة التدريس، لم أتمكن من البكاء، لكن العلاج بالبكاء غير جسدي، وأصبحت عاطفيا أكثر الآن، ولم أعد أصاب بالزكام منذ ذلك الوقت؛ البكاء عزز نظام المناعة لدي”.
عندما كان يتحدث إلى الناس كان يختبئ قليلاً، لكن التعود على البكاء ساعده على التعبير عن رأيه أكثر، وأن يكون نفسه، كما يقول أمام عدسة الكاميرا، خلال تصوير فيلم وثائقي عنه، حسب نيويورك تايمز.
التعود على البكاء يساعدك على التعبير عن رأيك أكثر وأن تكون نفسك
البكاء مفيد للجسم
يلتقي المعلم ناكاجيما خلال تجواله الناس في أماكنهم ويخبرهم أنه سيقدم لهم العلاج بالبكاء، موضحا أن العلاج بالبكاء يجعلك تبكي عن عمد، من مرتين إلى 3 مرات في الشهر، لإزالة السموم من قلبك؛ لذا يسأل الحضور: هل بكيت مؤخرا؟ حاول أن تتذكر. من بكى أمس؟ من بكى الأسبوع الماضي؟ ماذا عن الشهر الماضي. لا أحد؟ العام الماضي؟
يعتبر كبح الدموع فضيلة في الثقافة اليابانية، ذلك أن المجتمع الياباني لا يقبل البكاء. ويجب ألا تبكي في الأماكن العامة، وعلى الرجال عدم البكاء نهائيا.
ويستدرك المعلم ناكاجيما، لكننا نفهم الآن أن البكاء مفيد للجسم، والأشخاص الذين لم يبكوا يريدون المحاولة، ويطلبون مني تعليمهم لتحسين صحتهم. أستخدم مجموعة متنوعة من مقاطع الفيديو، عن العائلات والحيوانات والرياضة، إذ يمكن أن يبكي رياضي لحظة فوزه بميدالية ذهبية.
وبالنسبة للمعلم ناكاجيما، فهو يحب مقاطع الفيديو عن الجدات والأجداد، فمجرد رؤيته جدة أو جدّا يجعله في حالة جيدة. إنها نقطة ضعفه. والمشاهدة تجعله يعيش التجربة كأنها واقع حقيقي. ويقول “جدي مات منذ 3 سنوات”، كلما كنت أواجه أوقاتا صعبة، كان يبحث دائما عني ويقدم لي الدعم.
الرجال يعانون حقا في العمل ويتعرضون لضغوط من الزملاء الأكبر سنا والأصغر أيضا
مربع البكاء
يمكن أن تكون متعبا، أو تعاني من الضغوط الحياتية، فقط قم بكتابتها، ثم ضع شكواك في مقهى مربع البكاء. أريد أن أجعل هذا المقهى مقهى يبكي، وسيكون مفتوحا طوال النهار والليل، كما يقول المعلم ناكاجيما.
ويزيد أنه بعد أن كنت مدرسا للدموع لمدة 5 سنوات، أدركت أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدون البكاء. يأتون إلي يطلبون مكانا للبكاء. أفكر بصنع كوكتيل دموع خاص للمقهى، قبل كل شيء، أريد أن أجعل الرجال في 40 من العمر يبكون.
أنا نفسي أشعر بأن الرجال في عمري يعانون حقا. في العمل، يتعرضون لضغوط من الزملاء الأكبر سنا والأصغر، ويتراكم الضغط عليهم؛ مات صديقي في الواقع من كثرة العمل. وظل يحكي عن حجم الضغوط التي يواجهها بسبب عمله، حسب ناكاجيما.
ويستدرك لم أكن وقتها بدأت العلاج بالبكاء، ولكنني لا أزال أعتقد لو أعطيته الوقت والمساحة للبكاء، لكان الآن على قيد الحياة. أبي رآني في العمل، كنت بحاجة إلى يد العون وطلبت منه حضور ورشة عمل، شعرت بالحرج، لكنه قال إنه فخور بعملي، نظرت إليه بعد ورشة العمل، لكنه استدار؛ كان يبكي. أعتقد أنه خجل من البكاء أمامي.
في اليابان يقولون إن الطفل الذي يبكي ينمو بصحة جيدة
البكاء والنضج العاطفي
تلك نظارات مزيفة. هل أبدو مختلفا؟ لا أبدو غريب الأطوار؟ ما المختلف؟ لا أدري. ولكن عندما أرتدي هذه تتغير حالتي الذهنية. أحتاج إلى ذهنية مختلفة للخروج والتدريس. أرتدي شخصيتي التي تظهر في المجتمع، شخصيتي العامة، كما يقول المعلم ناكاجيما
ليس لدي أطفال، لكن عندما يكون لدي أطفال سأعلمهم مدى أهمية البكاء، فالبكاء ينضجك عاطفيا، حسب ناكاجيما.
في اليابان نقول “الطفل الذي يبكي ينمو بصحة جيدة”، وأعتقد أنه عندما تبكي ستتعرف على نفسك، ومن المهم أن يعيش الناس حياة مشبعة. ويؤكد المعلم ناكاجيما أنه عندما يكون لديه أطفال سيعلمهم البكاء بانتظام وربما” سنشاهد الأفلام معا، سيكون ذلك لطيفا”.