اقترب عام 2020 من النهاية، ربما لم نشعر بأننا تجاوزنا أكثر من منتصف العام لشدة الأحداث والكوارث التي مر بها العالم خلال الشهور الماضيه، ففيه شهدنا الكثير من الأزمات التي كنا نظن أننا نشاهدها بالأفلام فقط بين وباء وانفجارات وحرائق وبراكين وغيرها من الأحداث الدموية والمؤسفة، ترتب عليها أن صار سكان الكوكب أنفسهم أبطالا لأحداث مرعبة وغامضة، لا نعرف لها نهاية.
وهو ما تولد عنه تساؤل محير وإن كان مشروعا، ترى أيهما أكثر رعبا “دستوبيا” الفن أم الواقع؟ والدستوبيا هي المدينة الفاسدة حيث المجتمع المخيف والواقع المرير، وهي المقابل للمدينة الفاضلة “يوتوبيا” فإذا كنتم تريدون الإجابة، ربما عليكم مشاهدة هذه الأفلام التي انتمت إلى فئة “الدستوبيا” حيث الأحداث السوداوية والعالم المظلم، قبل إطلاق الحكم.
الوقوع في الحب بين البؤس والتضحية
عام 2015 صدر فيلم “جراد البحر” (The Lobster) وهو أحد أشهر روائع المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس صاحب الأفلام الملهمة ذات الطابع السوداوي حتى تلك التي تصنف رومانسية!
الأحداث جرت في عالم افتراضي يشترط على القائمين فيه الارتباط بشريك يجمعه به صفة مشتركة مهما بدت بسيطة أو تافهة، فمتى مات الشريك أو انفصل الزوجان، وجب على العازبين العودة إلى أحد المنتجعات للإقامة هناك بحثا عن شريك جديد خلال 45 يوما وإلا تم تحويلهم بنهاية الفترة إلى حيوانات معرضة للصيد.
هكذا يجد بطل العمل نفسه مضطرا لإيجاد شريك لحياته بأي ثمن بدلا عن الموت، قبل أن ينجح بالهرب والانضمام لمجموعة مناقضة تحتم على أصحابها عدم الوقوع في الحب أبدا وإلا لاقوا مصيرا مشابها. ورغم أن هذا الحل بدا عظيما أول الأمر، فإن انجذاب البطل لامرأة من بين رواد تلك الفئة يقلب الأمور رأسا على عقب، ويعيدهما لصفوف المهددين بالموت من جديد.
العالم على مشارف الفناء
“أطفال الرجال” (Children of Men) فيلم خيال علمي أحداثه دارت بالمستقبل وتحديدا عام 2027، بعد أن فقدت البشرية القدرة على التكاثر لسبب غير معلوم. وبين العنف والاستبداد الممارسين من قبل الحكومة، يجد المواطنين أنفسهم وقد أصبحوا يعانون من القمع والفقر والعقم والكثير من الفوضى في ظل التهديد بالفناء خاصة بعد أن مر 18 عاما منذ ولد آخر مواطن في العالم.
لذا ما أن تحمل امرأة بشكل غامض حتى يقرر ناشط سياسي قديم، ومعارض دائم للحكومة، حمايتها خوفا من أن تتعرض للاعتداء أو الموت، والأهم من أجل تسليمها لإحدى المنظمات العلمية في سبيل دراسة حالتها، لعلهم يجدون حلا لعقم البشرية.
وحيدًا على الكوكب
عام 2007 صدر الاقتباس الثالث لرواية ريتشارد ماثيسون التي نشرت عام 1954 وحملت اسم “أنا أسطورة” (I Am Legend). وجاء الفيلم الذي لعب بطولته النجم ويل سميث يحمل الاسم نفسه. وفيه أدى دور الرجل الأخير على الأرض –وفقا لظنه- بعد أن أصبح العالم مكانا موحشا إثر تفشي وباء حول الجميع إلى “زومبي” يتجولون يوميا بحثا عن ضحايا من البشر لاصطيادهم.
ولأنه عالم فيروسات يسقط على كاهله محاولة البحث عن علاج، وهو ما يضطره لخوض مغامرة تهدد سلامته، قبل أن ينجح بالنهاية للانضمام إلى ناجين آخرين، بينما يستمر في سعيه لإنقاذ العالم.
محاولة أخيرة للبقاء
“مكان هادئ” (A Quiet Place) فيلم رعب صدر عام 2018، ورغم ميزانيته المحدودة وكونه التجربة الروائية الثانية لمؤلفيه سكوت بيك وبرايان وودز، فإنه حقق نجاحا ساحقا وغير متوقع حتى أن إيراداته تجاوزت 340 مليون دولار، بالإضافة لترشحه لأهم الجوائز بين الأوسكار وغولدن غلوب وبافتا البريطانية.
تبدأ أحداث العمل بعد انقضاء 3 أشهر منذ تم القضاء على معظم الكائنات الحية على وجه الأرض من بشر وحيوانات، وذلك من قبل مخلوقات مفترسة مجهولة المنشأ لديها قدرة خارقة على الاستماع لأدق الأصوات ومن ثم الهجوم على أصحابها.
وهو ما يدفع عائلة مكونة من أب وأم وابنة صماء وولدين إلى التعامل معا طوال الوقت بلغة الإشارة، في محاولة منهم للنجاة والبقاء على قيد الحياة اعتمادا على عدم إصدار أى أصوات على الإطلاق. فهل تأتي الرياح بما تشتهي السفن أم تلقى العائلة المصير نفسه؟ خاصة في وجود طفل صعب السيطرة عليه، وفي ظل لوازم الحياة المتعددة التي قد تستدعي بعض الضوضاء؟
ما بعد نهاية العالم
على عكس كل التوقعات، حقق فيلم “ماكس المجنون: طريق الغضب” (Mad Max: Fury Road) الذي صدر عام 2010 نجاحا مفاجئا حتى أنه حصد 6 جوائز أوسكار، بالإضافة لشغله المرتبة 205 ضمن قائمة موقع “آي إم دي بي” (IMDB) الفني لأفضل 250 فيلما بتاريخ السينما.
وهو الاستحسان الذي أجمع عليه الجمهور والنقاد وحتى المهرجانات، حد تصنيفه كأحد أفضل الأفلام التي صدرت عام 2010 رغم أنه ينتمي بالأساس إلى فئة الأكشن والخيال العلمي.
قصة العمل دارت في أستراليا، ما بعد نهاية العالم حيث صار البشر يتغذون على بعضهم بعضا، والجميع مصاب بأمراض غريبة، والعنف والقوة هما السلاح الذي يمنح أصحابه الأفضلية على الباقين. وبسبب فقد بطل العمل لزوجته وطفله على يد أفراد إحدى العصابات الدموية، يتحول هو الآخر لشخص عنيف راغبا بالانتقام مهما كلفه الأمر، وتتوالى الأحداث.