تتطلع شركات التكنولوجيا، مثل غوغل وآبل، إلى قلب موازين التعليم من خلال تقديم برامج جديدة مصممة لتشجيع وتطوير مهارات التكنولوجيا المطلوبة لدى الطلاب الذين لم يتلقوا تعليما في الجامعات.
ففي مقالها الذي نشره موقع “بيزنس إنسايدر” الأميركي (BusinessInsider) قالت ليزا ايديسيكو:
“هذه المبادرات تشير إلى أن هناك فرصة تاريخية متاحة لغير الحاصلين على شهادة جامعية تقليدية تُمكنهم من تطوير مهاراتهم ونيل وظيفة مربحة لدى أكبر عمالقة التكنولوجيا في العالم”.
ونقلت الكاتبة ما جاء على لسان تيم كوك المدير التنفيذي لـ “آبل” والذي أوضح عام 2019 أن حوالي نصف الموظفين في شركته بالولايات المتحدة العام الماضي “كانوا من أشخاص غير حاصلين على شهادة جامعية”. ووفق موقع “غلاسدور” المتخصص بمجال التوظيف، فإن “غوغل، آبل، آي بي إم، من بين الشركات التي لا تطلب شهادة جامعية لنيل بعض الوظائف داخل فرق عملها”.
وتستدرك بأن الخبراء يقولون إن “الحصول على شهادة الجامعية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمعظم المجالات. ولكن في ظل دعم المزيد من شركات التكنولوجيا التعليم البديل أو الدورات التدريبية للبرمجة، ما زالت فرص العمل ذات الأجور العالية في صناعة التكنولوجيا متاحة حتى دون الحصول على شهادة جامعية رسمية في هذا الاختصاص”.
غوغل وآبل قطعتا شوطًا
ونوهت الكاتبة بأن آبل وغوغل غيّرتا التعليم خلال الأشهر الأخيرة، وذلك أن الأخيرة أطلقت مجموعة جديدة من الدورات التدريبية في إطار برنامجها التعليمي الذي يعرف باسم “غوغل كارير سيرتيفيكيت” (Google Career Certificates) والممتد لنحو 6 أشهر والذي لا يتطلب من المشاركين امتلاك أي خبرة سابقة.
وصُممت الدورات لإعداد أولئك الذين التحقوا بوظائف مطلوبة ذات متوسط أجر سنوي يتجاوز 50 ألف دولار. وأطلقت غوغل مؤخرا دورات تدريبية جديدة في المجالات التي تركز على التكنولوجيا مثل تصميم تجربة المستخدم وتحليل البيانات.
وأشارت الكاتبة إلى أن آبل أعلنت عن إطلاق مبادرة جديدة خلال فبراير/شباط بولاية ألاباما تسمى “إد فارم” تهدف إلى مساعدة الطلاب والمعلمين والبالغين على تعلّم مهارات البرمجة المختلفة.
إضافة لمنهج “الجميع يمكن أن يتعلم البرمجة” وهو برنامج أطلقته خلال عام 2016 لدمج منهج البرمجة بالمدارس، وأعلنت آبل عن دورة تدريبية جديدة خلال يوليو/تموز لمساعدة المعلمين على فهم البرمجة بشكل أفضل لتلبية الطلب بهذا المجال.
وفي العديد من المناسبات، أشار المديرون التنفيذيون لكل من آبل وغوغل إلى أن “عدم امتلاك شهادة تخرّج جامعية من دورة دراسية من 4 سنوات، لا يحرمك من الحصول على وظيفة”.
وصرح لازلو بوك، نائب الرئيس الأول للتوظيف في غوغل الذي أمضى عقدا من الزمن بالشركة -في حوار لصحيفة نيويورك تايمز عام 2014- أن الأشخاص الذين لم ينهوا دراستهم وتمكنوا من فرض أنفسهم في العالم، هم من الاستثنائيين. “وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا للعثور عليهم”.
وأكّد بوك أنه “من المحتمل أن تكون هناك فجوة بين المهارات التي يتعلمها الطلاب بالمدارس وتلك المطلوبة في المستقبل”.
كوك: حوالي نصف الموظفين في آبل العام الماضي كانوا غير حاصلين على شهادة جامعية
شركات التكنولوجيا تُحدث الاستثناء
وعاد الكاتبة لتؤكد أن أهمية الجامعات تتجاوز مجرد المهارات الأكاديمية التي تتعلمها منها، حسب الخبراء. وفي هذا الصدد، يقول مارك سينديلا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لادرز “حصولك على شهادة تخرج جامعية من دورة دراسية مكونة من 4 سنوات دليل على أنك تملك المهارات المطلوبة. ووفقا لمكتب إحصاءات العمل، يميل الحاصلون على شهادات جامعية أو ما بعد البكالوريا إلى الحصول على أجور أعلى من غيرهم”.
ويضيف سينديلا “الشركات الكبرى مثل آبل وغوغل التي تسعى للحصول على مهارات تقنية محددة، ولها موارد هائلة، أحدثت الاستثناء في هذا النهج العام”.
ماذا تفعل إذا لم يرغب طفلك شهادة جامعية؟
أوضحت الكاتبة أنه في حال كان طفلك يفكر في مواصلة خيار دراسي آخر، مثل الالتحاق بمدرسة تجارية، فعليك إجراء حوار معه حول سبب شعوره بأن الخيار الذي اتخذه أفضل من الدراسة في الجامعة.
في هذا الصدد، تقول لين بيرغر، المدربة المهنية والمستشارة المتخصصة بالانتقال الوظيفي في نيويورك، في حوار أجرته مع بيزنس إنسايدر “يجدر بنا أخذ شخصية أطفالنا واهتماماتهم، وما الذي يمكنهم تحقيقه مع مرور الوقت، بعين الاعتبار”.
وفقا لمايكل هورويتز، رئيس نظام التعليم “ذي كوميونيتي سوليشين” فإن من المحتمل أن تقوم الشركات مثل آبل التي سلطت الضوء على التعليم غير التقليدي، وبنسبة أكبر “بتوظيف شخص حاصل على شهادة جامعية وتدريب تقني في الوقت ذاته”.
هذا لا يعني أن البحث عن المدارس الفنية والتجارية ليس خيارا ناجعا. ففي سياق متصل، ذكر هورويتز أنه “رغم أن الحصول على شهادة جامعية أصبح مطلبا مهما لتأمين وظيفة عالية الأجر، فإن المدارس المهنية التي تقدّم دورات في مجال البرمجة والتشفير تعد من الخيارات المشروعة والمطلوبة”.
وينبغي عليك في البداية إجراء البحوث الكافية للتأكد من أن الدورة التدريبية التي ستجريها ستجعلك تحصل على الوظيفة التي ترغب فيها. ووفق سينديلا “من المحتمل أن يكون انتشار برامج تدريب عن بعد في مجال البرمجة بمثابة بديل للشهادات الجامعية التقليدية. ولكن من غير المرجح أن يحدث ذلك في وقت قريب”.
وأوردت الكاتبة أن سينديلا أوضح أن السؤال المطروح بهذه المرحلة يتمثل في ما إذا كان العقد القادم “سيشهد صعود مهن لا تتطلب 4 سنوات من الدراسة وربما لا تكلفك 400 ألف دولار”. ويضيف رئيس شركة لادرز أنه يعتقد أنه سيكون من الصعب على أي برنامج أن يوازي المهارات المطلوبة من قبل معظم أرباب العمل، حتى على مدى السنوات العشر المقبلة.