ما يجب أن نفهمه حول مسألة المقارنات في التعليم

أرشيف شبكة التأمل الإعلامية

نشر في: الجمعة,17 فبراير , 2017 11:00ص

آخر تحديث: الجمعة,17 فبراير , 2017 2:06ص

[vc_row][vc_column][vc_single_image image=”5144″ img_size=”full” alignment=”center” style=”vc_box_circle_2″][vc_custom_heading text=”د.رجب العويسي” font_container=”tag:h4|text_align:center” use_theme_fonts=”yes”][vc_column_text]

 

تطرح مسألة المقارنات بعد ظهور نتائج التقارير الدولية حول التعليم، جملة من المقاربات التي ينبغي أن يستوعبها المجتمع سواء من المهتمين بالتعليم والمنتسبين له أو أولياء الأمور والرأي العام ، ترتبط ببعض الجوانب النوعية التي قد لا تبرزها هذه التقارير بشكل واضح، في ظل اعتمادها على معايير أقرب إلى المعالجات الكمية في التعامل مع المدخلات التعليمية والمخرجات أو الموارد والامكانيات المادية والمالية أو المكافآت والحوافز ، ووضع المعلمين أو رواتبهم، والتي قد تعطي صورة تقريبية مجردة.

إنّ مسألة المقارنات في التعليم غير دقيقة إلى حد الكمال، – فالدراسات المقارنة مثلا، وهي أحد مناهج البحث لا يمكن أن تثبت الأفضلية أو الصدق والخطأ في نظام بعينه قياسا على ما سواه، نظرا لاختلاف البيئات التعليمية وتنوع ظروفها، وكل ما تستطيع فعله هو محاولة إيجاد حالة من المواءمة في تلمس المشترك بينها مع ترك الأدوات والآليات لتعبر عن هوية الممارسة في تلك البيئات وخصوصيتها-،  مما يضع هذه المقارنات الكمية منطلق البعض  للحكم على المنجز دون النظر في المحددات المرتبطة بالواقع التعليمي نفسه، من حيث مستوى الدقة في التعامل مع الشروط والتزام المعايير والاليات المحددة ، إذ ما تحدثنا عن الدراسة الدولية في العلوم والرياضيات مثلا، بالاضافة إلى العمليات الداخلية والبنية الأدائية، ومنظومة التفاعلات التي لها دورها  المحوري في مسألة جودة التعليم، والتي قد لا تبرزها هذه التقارير بصورة مباشر أو تغفل عنها نظرا لاحتياجها إلى أدوات  نوعية أكثر عمقا، ويتطلب تحققها فترة ملاحظه واتساعا في الوقت، ووقوف على الممارسة التعليمية في فترات متباعدة وأوقات قياسية وظروف متنوعة بيئية أو تعليمية، والتزام أنماط تعلم تختلف بحسب اليوم الدراسي بدايته ونهايته وقرب الإجازات الدراسية أو بعدها والمناسبات الوطنية والدينية، وسلوك الممارسين وثقافتهم، والقناعات التي يؤمن بها أفراد المجتمع حول التعليم ، والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة  فيه؛ بمعنى الحاجة إلى استيعاب جملة من المتغيرات والاساليب والانماط والوقائع والأحداث والمؤشرات النفسية والاجتماعية والفكرية والثقافية والسلوكية، ومنظومة القوانين والتعميمات والتوجيهات والقناعات والرؤى التطويرية واسلوب الخطاب التعليمي، وفلسفة العمل الداخلية بين المستويات الادارية، ومسألة الذوق وإدارة المشاعر، وتقدير طبيعة الظروف والاستثناءات، وثقافة الفصل الدراسي وثقافة التعلم والتعليم، وقراءة طبيعة الاختلاف بين البيئات الاجتماعية وتأثير منظومة العادات والتقاليد على التعليم، التي قد لا يكون لها حضورا فعليا في نتائج هذه التقارير، لاحتياجها الى أدوات نوعيه ومنهجيات أعمق،  كالملاحظة والمحاكاة والمتابعة المباشرة للتفاعلات، وفهم للخصوصيات، لذلك فإنه من غير الصواب فهمها في إطار مغاير لرؤية التطوير ومنظومة العمل، وتبقى القيمة المضافة  لهذه التقارير؛ في كونها مؤشرات للعمل بها وفق مقتضيات الواقع وسند يمنح الممارسة التعليمية القادمة حظوة أكبر من الدعم، وقوة في الأداء وصدق في المنهجية، ومدخل للشراكة والاعتراف، فإن على سياسات التعليم وأطره التشريعية والتنظيمية والادارية، توفير ضمانات بتجديد الأدوات وآليات العمل في قراءة هذه المؤشرات والاستفادة منها، ووضع إطار مؤسسي في التعامل مع التحديات والفجوات والفرص والتوقعات والأولويات ورصدها بدقة، عبر الاهتمام بتحليل المؤشرات وتفسيرها وقياس القيمة المرتجعة للبيانات وتفسير النتائج، وربطها بواقع الممارسة التعليمية والابتكار والخبرات والمهارات والاستعدادات والمواهب والأنشطة والتجارب والمسابقات والمبادرات وأنظمة التقييم.

من هنا فإن وجود تنظيم مؤسسي معني بتحليل السياسات التعليمية ودراسة المتغيرات، وقراءة البيانات والإحصائيات ونواتج هذه التقارير تمتلك أدوات تسويقية وإعلامية وبدائل للمعالجة، مدخل يتيح للمواطن فرصة فهم حقيقة هذه المقارنات واستيعاب الجوانب الخفية التي تبرز المنجز التعليمي الوطني وتقف شاهد اثبات على قوته وتنافسيته وتفوقه.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

تابعنا: