منذ أعوام، لم يخطر في بال أنس البني أن مجال التصوير الفلكي هو أمرٌ ممكن، ولكن عندما اكتشف المصور السوري إمكانية إبحار المرء بين روائع الفضاء من كواكب ومجرات بنفسه وعبر عدسته الخاصة، اندفع إلى هذا المجال “دون تفكير”.
وبدأت رحلة البني مع التصوير الفلكي منذ 4 أعوام في رحلةٍ مع مجموعة فلكية محلية في الإمارات العربية المتحدة، وقبل ذلك، لم يكن المصور مألوفاً بهذا المجال، حيث اقتصرت مشاريعه التصويرية في عمله على المأكولات والمنتجات،”لم يكن التصوير الفلكي في بالي حقيقةً، فلم يخطر لي أنه قد يكون ممكناً حتى، وهذا الاعتقاد الخاطئ منتشر للأسف في عالمنا العربي “.
ولكن لدى اكتشاف المصور، الذي طوّر نفسه في هذا المجال من مجهوده الشخصي، أن هذا النوع من التصوير هو أمر ممكن، لم يتردد في الاندفاع إليه “دون تفكير” متسلحاً بكاميرا من نوع “كانون” بالإضافة إلى تلسكوب صغير. وينسب البني الفضل لتغذية شغفه “النهم” في هذا النوع من التصوير إلى الاكتشافات الفلكية في العصر الذهبي الذي نعيش فيه.
ويشير البني إلى مدى الاختلاف بين التصوير المتعارف عليه والتصوير الفلكي، فهو يعتمد على “التقاط صورة لعنصرٍ خافت جداً لا تراه”.
ويترتب على ذلك الحاجة إلى “مدة تعريض” طويلة جداً للقطةٍ واحدة، حيث وصلت مدة التعريض الإجمالية لصورةٍ التقطها لـ”مجرة المثلث” مثلاً على أكثر من 11 ساعة، وذلك بالإضافة إلى الحاجة “لقطع مئات الكيلومترات للوصول إلى مناطق معتمة وبعيدة عن أضواء المدن”.
ورغم أنه لا ينكر قدرة الأشخاص على الاستمتاع بالنظر إلى الصور الملتقطة بواسطة تلسكوب “هابل” الفضائي أو وكالة “ناسا”، إلا أنه يشرح شغفه في استكشاف الفضاء بنفسه قائلاً إن “إمكانية أن تلتقط صوراً لروائع وعجائب الفضاء بنفسك، هو شعورٌ آخر كلياً، ليس له مثيل”.
وكانت الصورة التي التقطها لمجرة “المرأة المسلسلة” من أبرز محطاته في التصوير الفلكي، حيث مثلت أول صورة التقطها وعالجها المصور بنفسه من دون مساعدة الأصدقاء الأكثر خبرةً منه. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت الصورة استحساناً كبيراً إذ نُشرت على موقع “ناشيونال جيوغرافيك” ضمن فقرة صور القراء.
ويرغب البني في تشجيع الأشخاص للدخول في مجال التصوير الفلكي، فهو يرى أن حجم مجتمع التصوير الفلكي في الوطن العربي “صغيرٌ جداً”، فهو مجالٌ مكلفٌ ومتشعب، ومن السهولة فقدان المصورين المبتدئين لحماسهم بعد إنفاقهم المال على معداتٍ لا تفيدهم. ولذلك، ينصح البني بمعرفة المرء لما يطمح لإنجازه قبل الشراء.
ويطمح المصور إلى بناء مرصده الخاص في المستقبل، وبالإضافة إلى تزيين أعماله المواقع والمجلات المتخصصة مثل “ناشيونال جيوغرافيك” و”ناسا APOD “.